همسات فكر كونية(168)

تحدثنا في الهمسة السابقة (167)عن شخصيّة و بدايات (روتشفيلد) المالية, و آلآن نتحدّث عن عائلة روتشفيلد, و حين نتحدث عن الدّهاء المُفرط، و الثراء الفاحش و السّلطة المطلقة مجتمعين في آن واحد؛ إنّما نعني بذلك عائلة الملقب بـ (روتشفيلد) حصراً؛ عائلة من نمط آخر، تخطّت كلّ الأعراف الأخلاقيّة و العرفية السائدة و تجاوزت كلّ القوانين حتى تسيّدتْ العالم و أحكمت قبضتها عليه!

فمن هي عائلة روتشفيلد؟
هي عائلة ذات أصول يهوديّة ألمانية، بلغ صيتها أرجاء العالم بسبب قوة نفوذها و ثرائها الذي لم يسبق له مثيل، إذ تملك فعلياً أكثر من نصف ثروة العالم، و إن تكلّمنا بلغة الأرقام فهي تمتلك أكثر من 500 تريليون دولار أمريكي و العملية في إزدياد كلّ يوم و ساعة بسبب الفوائد و الضرائب و الأرباح و النهب.
مؤسس هذه العائلة هو (إسحق إكانان)، أمّا لقَب (روتشفيلد) فيعني في حقيقتهِ (ألدّرع الأحمر) إشارة إلى (ألدّرع) ألّذي مَيّزَ باب قصر مُؤسس ألعائلة في فرانكفورت في القرن 16.

شعار آل روتشفيلد؛ هو شعار مشهور يُوضع على بعض المنتوجات و المكائن كَعِلبة (سكائر الروثمان) الأنكليزية المعروفة, و التي حصل من ورائها ترليونات من الأموال و ما يزال, رغم إن هذا المنتوج يسبب أضراراً بليغة بجسم و روح الأنسان, لكن المهم هو المال!

من (عائلــة) إلى (إمبراطوريــة):
لم يمتد زحف آل روتشفيلد إلى أقطار العالم و مؤسساته ألعملاقة المختلفة بالمال فقط، بل كان التخطيط المحكم و الدّهاء الخارق لبنة هذا الانتشار ألناجح إقتصادياً، ففي عام 1821 قام تاجر العملات القديمة (ماجيراشيل روتشفيلد) بإرسال أولاده الخمسة إلى كلٍّ من إنجلترا و فرنسا و إيطاليا و ألمانيا و النمسا، لمهمة السيطرة على النظام المالي لأهمّ بلدان العالم آنذاك، و ذلك عبر تأسيس كلّ فرد من العائلة لمؤسسة مالية، و من ثم تواصل هذه الفروع وترابطها بشكل يُحقق أقصى درجات النفع و الربح لأبناء الجالية اليهودية في العالم كله، كما ألزم أبناءه بالزواج من يهوديات من عائلات ثريّة لضمان المحافظة على الثروة و حصرها داخل العائلة وعدم ضياعها.

أنبياء المــال و سادة الخــداع:
[المال رَبَّ عصرنا، و آل روتشفيلد رسوله] (هاينريش هاينه).
يلقب المصرفيون هذه العائلة بلقب “Money Master” أو (أنبياء المال و السندات)، أمّا الحروب فقد شكلت دوراً بارزاً في زيادة ثروتهم، إذ استطاعوا بمكرهم استغلال ظروف أي حرب بما يصب في صالحهم وحدهم، فصاروا تُجّار حروب بكلّ ما في الكلمة من معنى.

يذكر أن من شدّة دهائهم؛ أنّهم دَعَموا نابليون من خلال فرعهم المالي الفرنسيّ في باريس, كموقف لدعم فرنسا في حروبه ضد النّمسا و إنجلترا وغيرهما، بينما أخذت فروع روتشفيلد الأخرى تدعم الحرب ضدّ نابليون في الدول المعنية, لكي تكون النتيجة النهائية تحقيق الرّبح من الجهتين لنفع العائلة و لمصلحة اليهود, و كما أشرنا في الحلقات الماضية.
فصار شعار العائلة: [فلنشعل الحروب.. و نجني المليارات]!
كانت هذه القاعدة التي إتّبعها (آل روتشفيلد) سبباً أساسيّاَ لتوسيع ثروتهم؛ و ما زالت هذه الوسيلة فاعلة خصوصا في منطقتنا و بآلذات بين دول (الخليج) لزيادة أرصدتهم الأكترليونية عن طريق تأجيج النزاعات لإفراغ خزائن و إرصدة الدول و بشكل خاص النفطية و الزراعية, فقيمة (دبابة) واحدة مثلاُ في مصانعهم يمكن أن تحترق بصاروخ لا قيمة له؛ تُعادل قيمة 5000 آلاف سيارة (شوفرليت) قد لا تباع بسهولة, و كذا الطائرات و السفن و غيرها و قس على ذلك، و لذلك كانت الحروب بالنسبة لهم هي آلتجارة الكبرى ألمربحة الاولى و استثماراً ناجحاً منذ أن بدؤوها قبل قرن و نصف، فخلال “معركة “واترلو” التي انتهت بانتصار إنجلترا على فرنسا، عَلِمَ الفرع الإنجليزي بذلك من خلال شبكته المعلوماتيّة الدّقيقة قبل أيّ شخص في إنجلترا, فما كان من مالك هذا الفرع المصرفيّ (ناثان روتشفيلد) إلّا أنّ جمع أوراق سنداته و عقاراته في حقيبة ضخمة، ووقف بها مرتدياً ملابس رثة أمام أبواب البورصة في لندن قبل أن تفتح أبوابها, و ما أن فتحت أبوابها حتى دخل مُسرعاً و باع كلّ سنداتهِ و عقاراته متظاهراً بعمله هذا إلى إحتمال وقوع قضية هامة، و نظراً لعلم الجميع بشبكة المعلومات الخاصّة بمؤسسته؛ فقد ظنّوا أنّ المعلومات وصلته بهزيمة إنجلترا، فأسرع الجّميع ببيع سنداتهم وعقاراتهم كما فعل، أمّا (ناثان) فقام من خلال عملائه السّريين من جهة أخرى بشراء جميع تلك السندات والعقارات التي بيعت بأسعار زهيدة، و قبل الظهر وصلت أخبار انتصار إنجلترا على فرنسا بعكس الذي أوحاهُ لهم (ناثان), فعادت الأسعار إلى الارتفاع بقوة و بدأ يبيع ما اشتراهُ منهم سرّاً مُحققاً بذلك ثروة طائلة, ليسيطر من وقتها على النقد الدّولي كلّه, و إستتبت له الأمور بشكل مطلق .. حين سيطر على معمل إعداد و طبع الدُّولار ضمن دائرة الحكومة الفدرالية الأمريكية التي كانت منفصلة تماماً عن الحكومة الأمريكية لحدّ هذه اللحظة, و بقيت ليومنا هذا خاضعة لأحفاد تلك العائلة, و حين حاول بعض الرّؤوساء كـ (جون كندي) عام 1963م مصادرة شركة طبع الدولار لجعلها تحت سلطة الحكومة كانت النتيجة إغتياله في مدينة تكساس.
عزيز الخزرجي/فيلسوف كونيّ

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here