أن كان الحل في الدكتاتورية فأهلا بها؟!!

علاء كرم الله
بعيدا عن العنوان أرجو أن لايفهم بأني من دعاة وأنصار عودة الأنظمة الدكتاتورية!وقبل الدخول في صلب الموضوع، بودي أن أسأل: لماذا لا تريد أمريكا تحديدا ودول الغرب عامة أن يعرفوا ويفهموا أن (لكل معبد طقوسه)  فما يناسب أمريكا ليس بالضرورة أن يتناسب مع أية دولة عربية و حتى مع  طبيعة المجتمع العربي لا في السياسة حسب بل في الكثير من تفاصيل حياتنا اليومية؟ ثم لماذا تفرض أمريكا ودول الغرب ما يريدون على دول المنطقة؟ ولماذا يتدخلون بشؤوننا أصلا؟. نعم أن الأنظمة الدكتاتورية مكروهة ومرفوضة من قبل الشعوب، ولكن ما العمل أذا كنا تعودنا وجبلنا على ذلك منذ أنتهاء الخلافة الراشدية؟!، بعد أن تحولت الخلافة الأسلامية منذ  زمن الدولة الأموية الى ملك عضوض!، كما أننا نحن العرب ميالون بطبعنا وسايكولوجيتنا الى الدكتاتورية؟!، فكل واحد منا هو دكتاتور! من حيث يدري ولا يدري، ويمارس دكتاتوريته في بيته وفي عمله خاصة ان كان مسؤولا!، فهل يمكن تغيير هذا الموروث السياسي والأجتماعي والنفسي والذي تقولبنا عليه منذ اكثرمن 1000 عام، والذي صار جزء من جيناتنا وتركيبة  دمنا؟!.ففي ظل الأوضاع الخطيرة التي تعيشها المنطقة بعد كذبة الربيع العربي وما سببته من دمار وخراب انساني وأجتماعي والتي أنهت أي بصيص أمل في أن يكون للأجيال العربية شأن في المستقبل، عاد سؤال التفضيل يطرح نفسه من جديد بين الغالبية من الشعب العربي وحتى بين أوساط المثقفين: أيهما تفضل دكتاتورية بأمن وأمان  وأستقرار وعيش معقول،أم ديمقراطية بفوضى وبلا أمان  وغياب واضح لسلطة الدولة؟ وكانت الأجوبة واضحة لامست العقل وكانت أنعكاس صادق  لواقع الحياة المريرة التي تعيشها الشعوب العربية بعد كذبة الربيع العربي! حيث نقلت الفضائيات عن مواطنين  في تونس قالوا: يوم من أيام زين العابدين ولا هذه الفوضى؟ ونقل من الشارع المصري عن مواطنين  قالوا: فين أيامك يامبارك؟ ونفس الشيء كان رأي المواطنين في اليمن وفي ليبيا التي باتت تحن الى أيام القذافي!!. لقد كان مشروع الشرق الأوسط الديمقراطي الجديد هو أكبر كذبة سوقتها أمريكا الى شعوب المنطقة العربية والتي تم أكتشافها بعد فوات الأوان؟ بعد أن ضاع الكثير الذي لايمكن أعادته! فكم من وقت وجهد تحتاج شعوب المنطقة الى أعادة لملمة أوراقها وأعادة ترتيب بيتها الداخلي الذي تمزق بكذبة الأنتخابات الديمقراطية! وكأن لسان حالهم يقول (ياريت الي جرى مكان)!، فهل يعقل أقامة أنظمة ديمقراطية في ظل الأحزاب الأسلامية المتشددة؟ أي كذبة هذه وأي مغفل يمكن أن يصدق مثل هذه الترهات!والكل يعرف ويعلم علم اليقين وأولهم أمريكا صاحبة المشروع الديمقراطي أن الدين يصطدم ويتقاطع  بشدة مع الكثير من مفردات الديمقراطية؟!.وهل يعقل أن أمريكا لا تعرف الواقع العربي بكل تفاصيله الدينية والأجتماعية والقومية والأثنية والمذهبية؟. أن أمريكا عندما زرعت  نبتة الديمقراطية في هجير الصحراء العربية وفي ظل اجواء من البداوة والتخلف العشائري والديني والأجتماعي، هي تعلم علم اليقين بأن  تلك النبتة لا يمكن لها أن  تنمو وتكبر وتتسلق في ظل أجواء الحياة العربية ونفوس شعوبها!!، ولكنها زرعتها من اجل أثارة الفتنة والفوضى والتمزق والأقتتال وهذا ما حدث ووقع في البلدان التي طالتها رياح التغيير!. فالمنطقة العربية ضمن المخططات الأمريكية والغربية ومصالحهما العليا  يجب ان تكون متشنجة دائما وقابلة للأشتعال وبؤرة للمشاكل والأزمات، فما أن تنتهي فيها أزمة حتى تثار بها أزمات وأخرها كان موضوع الشرق الأوسط الجديد!!، الذي زاد المنطقة أشتعالا وفوضى ووضعها على طريق الضياع والتقسيم والتفتيت!.فليس من العقل أن  نصدق أن  أمريكا  تريد فعلا أقامة نظم ديمقراطية في المنطة العربية؟ لأن ذلك سيضر بصورة أسرائيل أمام العالم !؟ فأمريكا الداعم القوي والمساند لأسرائيل والتي تتباهي بها أمام  شعوب المنطقة، بأنها بلد ديمقراطي تحترم شعبها بكل تركيبته الأجتماعية والدينية وتؤمن بحرية الأنسان في العيش والتعبير عما يريد وهي تحترم حقوق الأنسان وما الى ذلك، وهذه ميزة كبيرة لأسرائيل أضافة الى ميزة التقدم التكنولوجي في شتى مجالات العلوم الأخرى وخاصة في مجال التفوق العسكري، وبالأكيد هي لا تريد أن  تفقد أية مفردة من مفردات ذلك التفوق، أذا ما قورنت مع أي نظام عربي دكتاتوري يحكم شعبه بقوة النار والحديد!. فأسرائيل الآن هي التي تعيش الربيع الحقيقي وليس العرب المخدوعين دائما وأبدا! فهي تعيش أحلى عصورها وتفوقها في ظل فوضى الأجواء العربية البائسة والمدمرة والخلافات والحروب فيما بينهم ، وكل ذلك حدث بعد هبوب رياح الربيع العربي المغبرة! وتحت مظلة الديمقراطية الكاذبة التي بشرت بها  أمريكا شعوب المنطقة؟!.فلنأخذ العراق مثلا: ماذا جنى من الديمقراطية بعد خمسة عشر عام من التغيير؟ الجواب معروف لدى الجميع ، هو المزيد من الأزمات ومزيد من الخراب والدمار والفقر والجوع والمرض والموت  والفشل في كل شيء والحروب الداخلية والصراعات والأزمات  السياسية وفقدان هيبة الدولة بشكل كامل وضياع قرابة الترليون دولار!، بسبب الفساد المرعب الذي لم يشهده العراق لا في تاريخه الحديث ولا القديم!، ومع الأسف كان أبطاله  سياسيوا وقادة الأحزاب وأعضاء البرلمان!!. فالعراق الآن هو أضغف دولة في المنطقة في ظل الديمقراطية؟!، ولا نعتقد أن حال تونس ومصر وليبيا واليمن هو أحسن منه!. ولوتجرأت! أحدى مراكز البحوث والدراسات العربية وحتى الدولية وأجرت أستبيانا، سألت فيه المواطنين العرب، أيهما تفظلون الدكتاتورية أم الديمقراطية؟ لجاءت الأجوبة واضحة وسريعة : الدكتاتورية طبعا!!. ومن الجدير أن أذكر هنا تجربة الصين التي تحكم من قبل الحزب الشيوعي الصيني منذ نجاح الثورة الصينية التي قادها الزعيم الصيني الراحل( ماوتسي تونغ) عام 1949 ، فلولا دكتاتورية وقسوة الحزب ومركزيته وأعدام كل من تسول له نفسه الأساءة بأي فعل كان !! لما أصبحت الصين الآن القوة الأقتصادية الأولى عالميا! ولولا الدكتاتورية لما أستطاع الحزب الشيوعي أن يجعل أكثر من مليار وربع شخص( تعداد الصين) نموذج للأنبهار أمام كل شعوب العالم!. بالمقابل خذ الهند مثال آخر في قارة أسيا أيضا حيث تجاوز عدد سكانها المليار وأكثر ، والتي تعد واحدة  من أكثر الدول في العالم تقدما بالديمقراطية! ولكن هل يمكن مقارنتها بالصين؟ ففي الهند وفي كل عام يموت عشرات اللألاف بسبب الجوع والفقر والمرض وكذلك يعيش الملايين مشردين بلا سكن أو مأوى لهم أضافة الى الكثير من المشاكل الداخلية، فأيهما  أفضل الصين الدكتاتورية التي تعتبر الدولة الأولى في العالم بتطبيق قانون الأعدام!!، أم  الهند التي تحكم بعقوبة السجن  مدى الحياة على ثلاثة أشخاص أعتصبوا طفلة لا يتجاوز عمرها الثمان سنوات مما ادى الى وفاتها!!؟. نعود الى القول ثانية وثالثة ورابعة بأن الشعوب العربية كافة وطبيعة الأنسان العربي الذي من الخطأ أن تعطيه حرية  الخيار!! لا تحكم طبائعه ولا يتم السيطرة عليه ألا بنظام مركزي قوي!.أنظروا الى التجربة العراقية الفاشلة و المريرة في الديمقراطية!، فكثرة الأراء تؤدي الى الأرتباك وعدم أتخاذ القرار الصحيح!. وأخيرا عذرا لكم ان قلت بأني أحلم بحاكم عادل حتى وأن كان دكتاتورا!! لا تأخذه بالله لومة لائم يضرب الباطل بخاصرته ليخرج الحق منه ويكون مع المظلوم سيفا على الظالم ويعيد بنائنا من جديد ويعيد هيبة العراق بلد الحضارات ،ويخلصنا من كل هذه الفوضى والدمار، وبلا برلمان وبلا تصويت وبلا رئاسات ثلاثة وحتى بلا دستور!، لقد كفرنا بالديمقراطية وبكل من ينادي بها ، أليس هذا هو حلمكم أيضا؟!!. 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here