العاصفة في بلاد فارس لن تكون الأخيرة

العاصفة في بلاد فارس لن تكون الأخيرة
لا يختلف عن غيره من الأنظمة الدكتاتورية القمعية المنتهية الصلاحية و التي بدأت بالتساقط و التهاوي تحت ضربات المظاهرات الشعبية و تلك الجماهير الغاضبة و التي لم تجد سبيلآ آخر للتغيير سوى تلك الحناجر الهادرة و القبضات المتوعدة المسالمة و غير المسلحة تصدح بها و تلوح بها عسى ان تكون تلك الأدوات اداة للتغيير السلمي لأنظمة لا تعرف الا القوة و العنف و القسوة في استمراريتها و في بقائها في السلطة و الحكم و احصاء انفاس الناس و حساب حركاتهم و سكناتهم هؤلاء الناس هم الهاجس ( الأمني ) الذي يؤرق الأنظمة الأستبدادية و يقلقها و دائمآ ما تتهم هذه الأنظمة الهبات الجماهيرية الشعبية و العفوية الى مؤامرة خارجية تحيكها دوائر المخابرات الأجنبية و التي تحرك الجماهير وفق تلك الأرادات الخارجية و كأن الشعب الأيراني قطيع من الماشية يوجهها الراعي بعصاه وفق ما يشاء .
كان من المستحيل على مثل هذه الأنظمة الأعتراف بأخطائها تجاه الشعوب المقهورة و التي تئن تحت سياط القمع و الخوف و الأرهاب و تقبع في اسفل السلم الأقتصادي للفقر في بلدان ان لم تكن غنية بمواردها فهي بالتأكيد ليست بالفقيرة و على المواطن المولود و لسؤ حظه في هذه البلدان ان يقدم الشكر و العرفان صباحآ و مساءآ للحكومة و النظام القائم على فتات الخبز الذي يتصدقون به عليه و جرعات الهواء التي يستنشقها والا يتفوه بكلمة عن الخقوق و الحرية و الكرامة و أن تجرأ و طالب بالحق الأدنى و الأقل من حقوقه المسلوبة كانت المخابرات الأجنبية المعادية للثورة هي وراء مطالبة هذا الأنسان بالخبز و الحرية و الأمان و كانت ( العمالة ) التهمة الأكثر انتشارآ و ايثارآ عند هذا الصنف من الأنظمة العاجزة عن كل شيئ الا في قمع المواطنيين .
قد تكون المظاهرات الغاضبة و الأحتجاجات الصاخبة في ايران قد خفت حدتها او هدأت فورتها قليلآ او توقفت مؤقتآ فهذا لا يعني ان الأسباب الموجبة لتلك المطالبات قد انتهت و حلت لأن النظام الأيراني الحاكم هو اساسآ لا يعترف بتلك المطالب المشروعة و يعتبر الحراك الجماهيري ذلك ما هو الا مؤامرة خارجية ينفذها الأعداء وهو اي النظام ليس في وارد البحث عن حلول لمطالب الشعب العادلة فالمشاكل السياسية و الأقتصادية و الأجتماعية موجودة و مستمرة دون علاج او حل فالجمرة باقية تحت الرماد و قد تتوقد و تلتهب في أي وقت .
مثل كل اشباهه من الأنظمة الدكتاتورية في تصدير ازماته الداخلية الى الخارج من خلال الحروب العدوانية كان النظام الأيراني المحدود الموارد الأقتصادية ان اغرق البلاد في اتون حروب ليس للمواطن الأيراني اي مصلحة او فائدة فيها ( لا ناقة و لا جمل ) و قد اهدرت ثروات الشعب الأيراني و امواله في مواجهات و مغامرات عسكرية امتدت من لبنان و من ثم العراق وصولآ الى سوريا و تحط الرحال في اليمن و من الممكن انتقال الآلة الحربية الأيرانية الى مكان آخر تنشغل فيه بالقتال و الدمار و الذي يدفع فاتورة تلك الحروب و النزاعات هو المواطن الأيراني من تبديد ثروات بلاده و خيراتها .
هذا النمط من الأنظمة ذات التفكير الواحد و الطريق الواحد لم يعد لها المزيد من المساحة و الرحابة للعيش و النمو فالبشرية بفطرتها التكوينية قد جبلت على التنوع و الأختلاف في كل شيئ من الجنس الى اللون الى اللغة الى المعتقدات و الأفكار و هؤلاء حكام ( الجمهورية الأسلامية ) يخالفون قواعد الخلق الألهية التي يدعون الأيمان بها في مصادرة حقوق الناس الفكرية المخالفة لهم و التي كفلها الى حد ما النص الديني للمسلمين ( القرآن ) في القول ( من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر ) الى التضييق على المواطنيين في الصغائر من الأمور الحياتية الى حد اختيار شكل الملابس التي يتوجب ارتدائها و تلك التي تمنع و شكلت الحكومات المتتالية في نطاق ضيق الأفق لا يخرج عن دائرة الملتزمين دينيآ و فكريآ و المطيعين و بلا تردد او نقاش مع اوامر و توصيات ولي امر المسلمين المرشد الأعلى للثورة الأسلامية .
يبدو ان الشعب الأيراني و من هذا الحراك الجماهير الغاضب و المطالب بالحقوق الأساسية للبشر لم يعد قادرآ على التحمل اكثر مما تحمل لذلك فقد نزل الى الشوارع غير خائف و لا فزع من العقوبة التي قد تلحق به و قد تكلفه الخسائر الفادحة اذ تعتبر المظاهرات و الأحتجاجات في ايران و ان كانت سلمية نوع من التمرد و المؤامرة الخارجية التي يقوم بها ( الخونة و العملاء ) و التي تستوجب انزال عقوبة الأعدام بهم و هؤلاء الحكام لا يعرفون جيدآ ان الخونة و العملاء لا يمكن ان يتصدروا ساحات النضال و قيادة المظاهرات و ان يكونوا الضحايا و الشهداء في ميادين القتال و المواجهة .
يا للعجب من هذه الأنظمة الدكتاتورية القمعية و التي لم تتعلم من اخطاء اخواتها البائدات و بقيت على النهج ذاته و المسار نفسه و لم تأخذ العبرة و الخبرة و لم تتعلم الدرس من تلك الحكومات المتساقطة تحت صرخات الجوع و الحرمان و قبضات الجماهير المقموعة و كأنه لا يمكن لها السير الا في الطريق المؤدي الى السقوط في الهاوية دون وعي او ادراك او رؤية و هو القدر المحتوم و النهاية المخزية التي سوف تكون بأنتظار هكذا انظمة و حكومات و ان غدآ وان طال أنتظاره قريب .
حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here