الحشد يغادر “تحالف النصر”.. وشروط الصدر تجهض محاولات تقرّب العبادي

بغداد / وائل نعمــــة

تعرّض”ائتلاف النصر”، بقيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي، إلى هزة عنيفة بعد 24 ساعة من إعلان تشكيله، وذلك عقب انسحاب جميع مكونات (تحالف الفتح) بقيادة زعيم منظمة بدر هادي العامري والمتحالفين معه.
أسباب متعددة دفعت إلى انفراط التحالف، أبرزها اعتراض قوى الحشد على شخصيات متهمة بالفساد دخلت ضمن الحلف الجديد، واتساعه بشكل زاد عن الحد المعقول. وتجاوز عدد الكيانات السياسية، التي انضمت الى (تحالف النصر)، حاجز الـ30 تشكيلاً سياسياً بين قوى شيعية وسُنية ووزراء ونواب. وحتى لحظة كتابة التقرير، يبدو أنّ خيار تحالف الفتح يتجه الى خوض الانتخابات بشكل منفرد وعدم الانضمام الى تحالفات جديدة.
وظهر تحالف العبادي الى العلن بعد يومين من إغلاق مفوضية الانتخابات باب تسجيل التحالفات. ولم تبتّ المفوضية حتى الآن بقانونية تحالف النصر.

وفي موازاة ذلك، قد يضطر (حزب الدعوة) الى التراجع عن قراره الأخير بعدم خوض الانتخابات، للتخلص من مأزق قانوني يهدد بحرمان أعضائه الراغبين بالترشّح بالاستبعاد أو تقديم استقالات جماعية من الحزب.
وأعلن يوم الأحد، تحالف (نصر العراق) بين العبادي والعامري، بعد جولات من المفاوضات، وخلافات على الرقم الاول في القائمة. وكان رئيس الوزراء قد أعلن، يوم السبت، عن تشكيله ائتلاف النصر، داعياً الكيانات السياسية الى”الانضمام للائتلاف الوطني العابر للطائفية”.

موجة انسحابات
ولم تنقض ساعات صباح يوم أمس، حتى بدأت بعض قوى الحشد إعلان تعليق مشاركتها في تحالف العبادي، وافتتح فالح الخزعلي، عضو كتلة منتصرون (كتائاب سيد الشهداء) ضمن تحالف الفتح، حملة الانسحابات.
وقال الخزعلي وهو نائب في البرلمان، في بيان له اطلعت عليه (المدى)،”لانسمح لأنفسنا أن نكون جزءاً من منظومة الفساد وتدوير بعض الشخصيات التي أساءت للعراق”، مشيراً إلى”أننا نتطلع للأفضل من أجل العراق”.
وبعد ساعات من البيان، قال النائب إسكندر وتوت، رئيس كتلة (الوفاء والتغيير) المتحالفة مع تحالف فتح، بأنه قرر الانسحاب من التحالف مع العبادي، والبقاء في التحالف الذي يتزعمه هادي العامري. وقال وتوت لـ(المدى) أمس، إن”مشروعنا واضح هو محاربة الفساد والطائفية ولم نجد هدفنا هذا في التحالف مع رئيس الوزراء”، من دون إعطاء تفاصيل أخرى. لكنه أكد أن”كل قوى الفتح المكونة من 18 تشكيلاً، قررت الانسحاب”.
ويضم (الفتح المبين) 9 قوى من الحشد الشعبي، أعلنت مؤخراً فك ارتباطها مع أجنحتها العسكرية تمهيداً لخوض الانتخابات، بالاضافة الى 9 تشكيلات أخرى انضمت إليها لاحقاً أبرزها المجلس الأعلى الإسلامي.
من جهته قال محمود الربيعي، المتحدث باسم المكتب السياسي لعصائب أهل الحق، في تصريح لـ(المدى)، بأن”تحالف الفتح قرر الانسحاب أيضا من التحالف مع العبادي، لكننا سنبقى داعمين له”. وأكد الربيعي أن كتلته انسحبت بسبب”اتساع حجم المشاركين في التحالف الذي لايلبي طموحنا”.
وكان الربيعي قد قال لـ(المدى)، الأحد، أن حزبه”يرحب بأي جهة تنضمّ الى ائتلاف النصر مادامت بعيدة عن الفساد وليس لديها موقف سلبي من الحرب ضد داعش”.
وكانت كتلة الحكمة، التي يتزعمها عمار الحكيم، آخر المنضمين الى تحالف النصر، إذ أعلنت اندماجها بتحالف العبادي في ساعة متأخرة من يوم الأحد.
وكانت تسريبات تتحدث عن إمكانية انضمام تحالف (سائرون نحو النصر) المدعوم من التيار الصدري، قبل أن يهاجم زعيم التيار مقتدى الصدر، التحالف الاخير ويرفض تأييده.
إلى ذلك قال النائب رحيم الدراجي، المنضوي ضمن (تحالف الفتح) وأحد المنسحبين من ائتلاف رئيس الوزراء، إن”تحالف النصر ضم كتلاً كثيرة ومتناقضة وتحمّل فوق طاقته”. وأكد الدراجي، في تصريح لـ(المدى) أمس، أن”هناك كتلاً وشخصيات غير مرغوب بها انضمت الى التحالف، بعضها لديها ملفات استجواب في البرلمان ومتهمة بالفساد”. واعتبر أن”الانضمام الى تحالف النصر بات من دون ضوابط و من دون معنى”.
وشدد الدراجي، رئيس (تجمع كفى)، على أن”تحالف فتح لن يشترك مع ائتلافات أخرى، وسيخوض الانتخابات بمفرده”.
وكان (تحالف النصر) قد ضم شخصيات شيعية بارزة، مثل وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، ووزير التعليم السابق حسين الشهرستاني، بالاضافة الى نواب أبرزهم عبدالرحمن اللويزي ومشعان الجبوري.
وكانت تسريبات، مصدرها أوساط قريبة إلى رئيس الوزراء، اعتبرت أن انسحاب قوى”الفتح”جاء بسبب شروط الاخير التي ترفض”منهج المحاصصة واختيار الشخصيات الكفوءة ودعم الإجراءات المتخذة بحق الفاسدين”.

مفاوضات مع الصدر
في موازاة ذلك، فشلت مفاوضات أجراها موفدون عن العبادي مع زعيم التيار الصدري. وقالت مصادر مطلعة إن الصدر اشترط للانضمام الى تحالف العبادي”توقيع وثيقة معلنة بعدم التحالفات لاحقاً مع جهات أخرى أو أطراف من قوى الحشد”.
وجاء إعلان (تحالف النصر) في وقت ملتبس، بعدما أغلقت مفوضية الانتخابات باب تسجيل التحالفات، ورفضت تمديد المهلة القانونية التي انتهت الخميس الماضي.
لكنّ معتمد نعمة الموسوي، عضو مفوضية الانتخابات، أكد أن”البت بقانونية تحالف النصر سيتم بعد دراسة طلب التقديم”. وأضاف، في تصريح لـ(المدى) أمس، أن”مجلس المفوضين سيجتمع اليوم لدراسة كل التحالفات، ووقت تقديمها الى المفوضية”.
وكان خبراء في شأن الانتخابات، قد اعتبروا أنّ تسجيل المفوضية لـ(تحالف النصر) رغم إغلاق باب التسجيل، سيعدّ أول خرق انتخابي في اقتراع 2018.

مأزق الدعوة
من جهته أكد الخبير القانوني جمال الأسدي أن”التحالف الذي أعلنه رئيس الوزراء حيدر العبادي قانوني، لأنه مسجل في وقت سابق باسم حسون الربيعي”.
وأضاف الأسدي، في تصريح لـ(المدى) أمس، ان”المفوضية سمحت للأفراد أو الاحزاب بالاشتراك في الانتخابات والتحالف مع كيانات أخرى”، معتبراً أن”دخول الاشخاص والاحزاب في التحالف المسجل لايؤثر على وضعه القانوني”.
وستستمر عملية انضمام المرشحين الى التحالفات حتى نهاية الدوام الرسمي ليوم 10 شباط المقبل بحسب قرار مفوضية الانتخابات. لكنّ الأسدي أشار الى خرق قانوني جديد، يخص أعضاء حزب الدعوة الذين ينوون الترشح في الانتخابات، بعد قرار الحزب عدم المشاركة.
وقال الخبير القانوني إن”المادة 4 في قانون الاحزاب رقم 36 لسنة 2015 تنص على أنه (لا يجوز أن ينتمي أي مواطن لأكثر من حزب سياسي في آن واحد)”، مضيفاً بالقول”لايجوز لأعضاء حزب الدعوة خوض الانتخابات في كيان آخر أو دخول تحالف لايشارك فيه الدعوة”.
ويعتقد الخبير القانوني ان”هناك حلاّ من اثنين، إما أن يقدم أعضاء الحزب استقالات جماعية، أو يتراجع الدعوة عن قراره بعدم خوض الانتخابات”. كما يلفت الى”وجود خرق ثانٍ، يتعلق بعدم قانونية تسجيل تحالف دولة القانون في المفوضية، باعتباره كيانا منحلّا منذ انتخابات ٢٠١٤”.
ويؤكد الاسدي ان”المادة (٢٣ / أ، و، ب) من نظام المصادقة على الكيانات والائتلافـات السياسية في المفوضية ينص على انه (لایجوز تسجیل ائتلاف من كیانات سیاسیة باسم ائتلاف منحل مشارك في الانتخابات السابقة من غیر الكیانات المسجله فیه، وفي حالة تقدیم طلب تسجیل ائتلاف شارك في الانتخابات السابقة بنفس اسمه فیجب تقدیمه من قبل الاغلبیة المطلقة (النصف + ١) من الكیانات المشكلة له على الاقل)”.
وتأسيساً على ذلك، يرى الخبير القانوني أن”ائتلاف المالكي ليس قانونيا، وإلّا يجب ان يعترف نصف زائد واحد من المشكلين للتحالف في 2004 بأنهم ضمن التحالف”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here