تحالفات طائفية وتفجيرات دموية

يوسف رشيد الزهيري
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية واعلان تشكيل التحالفات الجديدة تحت الغطاء الطائفي،يتفجر الشارع العراقي بموجة جديدة من الانفجارات والاحزمة الناسفة في ظل التحالفات التي تسعى اليها احزاب السلطة لتقوية وضمان استمرارها بشتى الطرق والوسائل للحيلولة دون سقوطها تحت أسماء ومسميلت وتشكيلات لكتل جديدة لا تختلف كثيرا عن ايديولوجيتها وسياساتها ووجوه اعضاءها مجرد اسماء جديدة وعناوين اخرى يتم تقديمها على طبق جديد للمواطن العراقي لتعديل الصورة المشوهة والفاسدة لاحزابهم ،وبما تشهده اجواء العملية السياسية بين الحين والاخر من انهيار وانقسام حاد في السلطة التشريعية والتنفيذية وبين القوى السياسية المتصارعة على السلطة من حالة الانقسام بين مؤيد ومعارض وبين منقسم وبين مختلف بطرق وأساليب الإصلاح من حيث تعددت البرامج والمشاريع والأطروحات والمبادرات من قبل القوى السياسية المتمسكة بمناصبها وامتيازاتها ثم تطرح الطرق والوسائل الترقيعية كحلول مؤقتة لمشكلة معقدة بتركيبتها الايديولوجية والسياسية والاجتماعية مالم تحل المنظومة السياسية بشكلها العام واستحداث منظومة سياسية جديدة ضمن مشروع وطني تساهم به الاطراف كافة على اسس وضوابط الشراكة الحقيقية للحكم وفق المعايير المهنية والوطنية والتخصصية في ادارة البلاد …لكن هذا الامر يبدو محال بين زعماء السلطة المتشبثين بهذه العملية السياسية ودستورها المبهم الذي يفسره السياسيون وفق رغباتهم ومصالحهم السياسية
ان العملية السياسية اليوم تواجه مقاومة جماهيرية وباتت الحكومة الضعيفة محاصرة بين المطرقة والسندان بين خضوعها لارادات الكتل والقوى المؤثرة سياسيا والعامل الاقليمي لبسط نفوذها وتوسيع اجنداتها وبين حدة وضغط الجماهير المنتفضة في ارباك امنها وزعزعة استقرارها ثم الاطاحة برؤوس الفاسدين في السلطة
وان حالة الانقسام السياسي التي تشهدها البلاد تعد الحالة الرئيسية الأخطر في البلاد والحدث الأبرز على مستوى الاحداث وخصوصا بعد ان كادت تصل الى مستوى الذروة لحالة التصادم المسلح في حالة من حالات الغضب والهستيريا السياسية التي ادت الى شحن الشارع العراقي الغاضب والممتعض من عدم تطبيق ارادة الشعب وتحقيق مطالبه بالاصلاح والتغيير والتي ادت سابقا الى اقتحام مبنى البرلمان من قبل المتظاهرين ودخول العراق الى موجة من الصراعات والمناكفات السياسية بين شتى القوى السياسية والتلويح بالفصائل المسلحة المرتبطة بتلك القوى السياسية
حيث بذلت الحكومة تامين وتقديم الضمانات الامنية لحماية المنطقة الغبراء لقوى الفساد القابعة فيها وعدم تكرار حالة الاقتحام الشعبي لاسوار الخضراء
وبعد سلسلة اجراءات امنية نفذتها الحكومة من حالات اعفاء لكبار القادة والمسؤولين الأمنيين المتعاطفون مع مطالب الشعب والاستعانة ببعض الفصائل المسلحة والقوات المليشيوية الخاصة مما اثارت الرأي العام وأثارت غضب واستفزاز الشارع العراقي من مساوئ هذه الخطوة ومردوداتها السلبية.على الأمن الوطني والمجتمعي .سعت الحكومة جاهدة على تامين امنها واقامة الحواجز والصبات الكونكريتية على مشارف الخضراء وجسورها ومداخلها في كل تظاهرة . بينما تقاعست عن تادية واجباتها ومهامها في توفير الأمن والحماية للشعب في ظروف معقدة جدا مستهدف فيها المواطن في الشارع وفي عمله وفي منزله. ولا يزال المواطن المستهدف الرئيسي والضحية للفقر وسوء الخدمات والاحزمة الناسفة والسيارات الملغمة والامن المفقود والخيمة المجهولة وبما ان المشهد السياسي الفوضوي لا يزال قائما بين القوى السياسية بموجة صراعات وتشنجات وخطابات نارية اتسم بتبادل الاتهامات والاختلاف في وجهات النظر والحلول في ما ضاعت الرئاسات الثلاث بين دوامة الصراع السياسي وعجزها عن إيجاد الحلول والخيارات لخروج البلد من النفق المظلم وهاوية السقوط في وادي الصراع الدموي المسلح . واكتفت ولا تزال بنهج سياساتها بإصدار الخطابات التحذيرية والتهديد والوعيد لأية جهة تتطاول على ما تسميه هيبة الدولة والدستور الدولة المستباحة او اية محاولة لتهديد امن الدولة ودستورها واحزابها الطائفية التي عرضت البلد الى المخاطر والهلاك، ان تقاعس السلطات الثلاث في تادية واجباتها ومسؤلياتها تجاه الشعب تعود الى مرجعية هذه السلطات الى ارادة القوى السياسية الفاعلة من قيادات الكتل الكبرى التي تتقاتل وتتصارع سياسيا على مقومات السلطة ومكاسب ديمومتها ككيانات وقوى بارزة ومؤثرة في القرار السياسي والشعبي للمحافظة على مكتسبات وموارد احزابها مما جعل من الرئاسات الثلاث رئاسات لا مركزية تفتقر الى مقومات السلطة الحقيقية لممارسة واجباتها الدستورية وواجباتها الرئيسية في ادارة الوضع وادارة شؤون السلطة والبلاد .
فالمشهد السياسي اليوم يمر بمخاض عسير بين تصارع ارادات بين القوى الشعبية الرافضة للعملية السياسية برمتها وبين القوى الكبرى في العملية السياسية والذي يبحث الجميع فيها عن مكاسبه ومنافعه ويظهر امام الشعب يرتدي لباس الوطنية والمدافع عن حقوق الشعب ومصالحه وفي الحقيقة انهم فقدوا شرعية التمثيل الحقيقية للشعب منذ ان اسقط الشعب برلمانهم المزعوم وهم اليوم يمارسون دور السياسي الطائفي من جديد
ان اشكال هذه السياسات والتحالفات الطائفية تضرب عمق المشروع الوطني العراقي وهذا ما حذر به الصدر مؤخرا منتقدا العبادي على خلفية تحالفه الجديد وضرب المشروع الوطني الذي قادته جماهير الاصلاح لتشكيل حكومة تكنوقراط ترتكز الى المقومات المهنية وان انجرار احزاب السلطة الى التمسك بمشاريعها القديمة وتكريس السياسة الطائفية ونظام المحاصصة هو دليل على فساد الحكومة وفساد ساسة العراق على رأس السلطة وخوفهم من سقوط النظام الطائفي والفئوي وفقدان مكاسبهم ومحاسبة الشعب لهم لكل ما انتهجته سياستهم وحكوماتهم المتلاحقة من ظلم وتعسف وقهر وسرقة المال العام والمتاجرة بدماء العراقيين على حد سواء.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here