الجميع يتلاعبون بمصير السوريين

الجميع يتلاعبون بمصير السوريين
صلاح بدرالدين

لست من هواة الشعارات الصوتية ضد أمريكا وغيرها من الدول العظمى على طريقة ” الممانعات ” ولكنني وبمناسبة الاعلان الاشكالي من جانب مسؤول عسكري أمريكي بتشكيل ( 30 ألف مقاتل من الكرد والعرب والمكونات الأخرى لحماية الحدود السورية التركية – العراقية وصولا الى نهر الفرات ) وتفسير ذلك من جانب جماعات سياسية محلية ودول مجاورة بأن ذلك ماهو الا اجراء تمهيدي لاعلان كيان كردي بقيادة – ب ي د – وأفلت البعض العنان لخيالاتهم بالقول سيتوحد مع اقليم كردستان العراق وسيتمدد الى البحر المتوسط ولابد من التساؤل : هل أن أمريكا مع حق الشعوب المحرومة مثل الكرد والفلسطينيين والأمازيغ وغيرهم بتقرير مصيرها ؟ وهل أن سياساتها المتبعة منذ مائة عام على الأقل في تجاهل قضايا الشعوب بل التعاون مع أنظمة استبدادية تشي بذلك ؟ وبعيدا عن المبادىء هل لها مصلحة باقامة كيان كردي اذا علمنا أنها قبل اربعة أشهر وقفت ضد استفتاء وليس انفصال كرد العراق ؟ وأستخلص بالنهاية أن ما أعلن ماهو الا اثارة للفتنة ومحاولة البحث عن موقع نفوذ والصراع مع الروس والايرانيين والأتراك حتى لو كلف ذلك جولات عنف جديدة .
حالنا في الحركة الكردية كحال كل السوريين فرغم فشل ( المعارضة ) بكياناتها المعروفة في تمثيل الثورة والتمسك بمبادئها وأهدافها لانجد أية رغبة من الأطراف الاقليمية والدولية في الكف عنها أو التعامل مع بدلائها لأنها تلبي مصالحهم وتنفذ رغباتهم وبالمناسبة القوى الحسوبة على انها صديقة للشعب السوري ليست مع انتصار الثورة السورية منذ البداية ولامصلحة لها في تحقيق اهداف الثورة وهي تتمسك علنا بالنظام بكل مؤسساته بل تحرص عليها ماعدا الكلام اللفظي ضد شخص الأسد أحيانا وعلى الصعيد الكردي هناك الغالبية الوطنية تتمسك بالثورة والتغيير الديموقراطي وهي من المستقلين والشباب ومنظمات المجتمع المدني ومنذ أعوام هناك تحرك واسع ومحاولات جارية لاعادة البناء ومن أهمها ” بزاف ” لاعادة بناء الحركة الوطنية الكردية السورية التي تتنشط في الداخل والشتات وتدعو الى عقد مؤتمر كردي جامع .
فاالأحزاب الكردية التي تدعي ( التمثيل الشرعي والوحيد ) وتحتكر اما سلطة الأمر الواقع وفي المقدمة – ب ي د – أو تتمثل في كيانات المعارضة باسم الكرد مثل ( المجلس الكردي ) وبناء على زعمها تتحمل موضوعيا المسؤولية الرئيسة عن مصير الكرد وماسيحصل لهم في – عفرين – وباقي المناطق خاصة وأنها تدين نفسها بنفسها عندما تعجز أو لاترغب في الاتفاق والاتحاد أو تتجاهل دور الغالبية الوطنية المستقلة ومشروعها المطروح على الساحة وكذلك عندما تستعجل استحضار صراعات مع أطراف اقليمية مثل – تركيا – التي تبحث أساسا عن ذرائع للتدخل أو تمضي قدما في تجيير قضية كرد سوريا لصراعات حزبية جانبية خارجية أو عندما تثير الشكوك والعداوات والفتن بمزايدات مضللة مثل القول بربط المناطق الكردية بالبحر المتوسط عنوة دون توضيح لماذا ؟ وهي بالأساس تعادي المشروع القومي والوطني الكردي ثم تطرح فيدرالية الشمال ؟؟ .
عودتنا ( معارضتنا ! ) من المجلس الى الائتلاف الى الهيئة التفاوضية على اللف والدوران والتراجع وفقدت مصداقيتها واحترامها ليس لدى شعبنا فحسب بل حتى لدى أطراف اقليمية ودولية فهي متورطة بافشال الثورة وعدم تمثيلها يوما من الأيام والتخلي عن أهدافها منذ أن وافقت على اتفاقيات وقرارات – فيننا – والجنيفات – وقبلت بوجود مؤسسات النظام والتحاور معه والمشاركة في مؤسساته ( ان قبل هو ) ومتهمة بالفساد وفوق كل ذلك رفضها في اجراء مراجعة نقدية والعودة الى الشعب عبر مؤتمر وطني سوري جامع .
ان مايجري في ادلب هو اضافة الى أنه يستهدف من بقي حيا من السوريين فانه انعكاس لصراع اقليمي دولي وفضيحة للأطراف الموقعة على قرارات – أستانا – وخطط – خفض التصعيد – وتعرية لاتفاقات مصلحية وقتية كما ذكرت آنفا وكما أرى فان الخاسر الأكبر هو الشعب السوري يليه الطرف التركي الذي يبدو أن سيخرج ( من المولد بدون حمص ) بسبب انشغاله بأمور جانبية وترك المجال لروسيا وايران والنظام لتنفيذ خططهم وبسبب تلك الانشغالات التركية غير المفهومة ضاعت حلب وادلب على الطريق .
أما مسار – سوتشي – فيتحكم فيه طرف معادي ومحتل لبلادنا ولايريد الخير للسوريين وهو من ساند نظام الاستبداد طوال السنوات الماضية وأقصد الطغمة الحاكمة في روسيا وباعتبارنا جزءا من الشعب السوري فمايسري عليه يشملنا أيضا من جهة أخرى لابد من توحد الطرف الكردي السوري واتفاقه على تصور مشترك حول مستقبل سوريا ومصير الكرد وحقوقهم وهذا الشرط لم يتحقق حتى الآن الكرد السورييون بغالبيتهم وخاصة المستقلون والحراك الشبابي توصلوا منذ مدة طويلة الى قناعة أن الأحزاب الكردية السورية بمختلف مسمياتها لاتمثل الطموحات الكردية ولاتحمل المشروع القومي والوطني لذلك من العبث حضورها في اي محفل .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here