دار المعلمين العالية ….. تراثنا الى اين ؟؟؟ …. ( 1 )

ناصر سعيد البهادلي
من نافلة القول ان الشعوب تعتز بمعالمها الحضارية ، ولاسيما تلك المتعلقة بالعلوم والاداب بانواعها ، ومن نافلة القول ايضا تبيان صورة دار المعلمين العالية ودورها الاساسي في رفد العراق برموزه العلمية والادبية والانسانية ، ولا يحتاج ان نعدد الاسماء التي اصبحت معلما حضاريا تقدم صورة مشرقة للعراق ، بل ولا نبعد عن الصواب ان نقول ان اغلب رموز العراق الفكرية والعلمية والادبية كانت نتاج لصرح دار المعلمين العالية ….
.
لازال العراق وللاسف الشديد تحت طائلة ثقافة قتل كل ما من شأنه يرفع مكانة العراق المعنوية في العالم ، فها نحن نشهد وبحراك محموم وغريب كيف تطمس اسماء رموزنا ، بل وحتى من تبقى منهم وهم نزر يسير كيف نرى حالهم وهم يعيشون شظف العيش او ينتقلون الى رحمة الباري وما من فعالية تقام بحقهم ، فمن اين هذه الثقافة جائتنا ؟؟ وكيف الى اليوم هي حاضرة وفاعلة ؟؟؟
.
تم الغاء دار المعلمين العالية التي تم تأسيسها عام 1923 لتصبح كلية التربية عام 1958 ثم تم شطرها عام 1988 الى شطرين هما كلية التربية / ابن الهيثم ( للدراسات العلمية ) وكلية التربية / ابن رشد ( للدراسات الانسانية ) ، فكانتا الوريث الشرعي لدار المعلمين العالية ، وفي ظننا كانت خطوة غبية ان نتخلى عن اشارة في الاسم لدار المعلمين العالية بصيغة ما، فالاسم اثبت حضورا فاعلا في مرحلته على الصعيد الوطني والعربي والعالمي ، لما تم انتاج من رموز* تدريسا او تخريجا اصبح يعرفها العالم ….. ( ومن الطريف إن يدرس في الدار طلبة صينيون وبلغار وبريطانيين فضلا عن الطلبة البحارنة والسوريين والتونسيين والمغاربة والأردنيين والفلسطينيين. لقد كانت تلك الدار (أم المدارس) و(من أمهات معاهد الثقافة والمعرفة) كما وصفها أحد طلبتها د. حسين علي محفوظ، وهي بحق مصنع الأنتلجنسياالعراقية الواعية ونواة الطبقة الوسطى أداة التغيير الثوري عبر تاريخ الإنسانية ) ” العلاف ، دار المعلمين العالية 1923- 1958″
.
اليوم وفي توجه غريب وليزاد في الطنبور نغمة ، تم تشكيل لجنة في جامعة بغداد لتخرج هذه اللجنة بتوصيات تحتاج الى تأمل عميق ولاسيما في جانب تداعياتها واثارها المترتبة على البعد الحضاري لصورة العراق وانسجامها او عدم انسجامها معه ، وفي الحلقة القادمة نتناول التوصيات لنطرح تصورنا عن تعارضها مع المصلحة العراقية علما وحضارةً .
………………………………………………………………………………
*مثال الرموز لا على سبيل الحصر :
1- مصطفى جواد 2- نوري جعفر 3- نازك الملائكة 4- معروف الرصافي 5- ساطع الحصري 6- عبد الجبار عبد الله 7- جواد علي 8- متي عقراوي 9- عاتكة الخزرجي 10- عبد الوهاب البياتي 10 – عبد الرزاق عبد الواحد 11- لميعة عباس عمارة 12- حسين علي محفوظ …. والكثير الكثير ، ولعمري ان رموزنا المعرفية الكثير يجهلهم بسبب فلسفات التعليم والتربية التي اصبحت تنتج مجتمعا قريبا من الامية الثقافية ، ولعل اللجنة الموقرة لم تلتفت للبعد الحضاري فاتت توصياتها خلاف ما يفترض ، فالمفروض ارتقاء لا انحدار وللاسف الشديد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here