من هو الفاسد الحكومة أم الشعب؟؟؟

رضوان العسكري

أغلب الناس يتهمون الحكومة والسياسيين بالفساد، وهذا الامر طبيعي بحد ذاته، بسبب ما تمر به الدولة العراقية من تراجع في الخدمات, والأمن, والسياسة الداخلية والخارجية، ومما يعانيه المواطن العراقي عند مراجعته لدوائر الدّولة، ومن خلال ما يلاقيه من معاملة دونية من قبل الموظف الحكومي اثناء المراجعة، والاهمال المتعمد من قبل الدوائر الخدمية للمواطن، فالاتهام المقدم للحكومة لن يأتي من الفراغ، بل هو بسبب الواقع الذي نعيشه.

إن اكثر ما يطلق على الحكومة منذ عام ٢٠٠٣ الى يومنا هذا، إن الحكومة جاء بها الاحتلال، وسلطها على رقاب الناس، وهذا الامر بين أمرين:

الأول: ان من تولى زمام السلطة في بداية الأمر كان اغلبهم وبنسبة عالية من المعارضين للحكومة السابقة ممن كانوا يسكنون في الخارج، وتحت مسميات حزبية كثيرة، دخلوا الى السلطة تحت القائمة المغلقة والدائرة الواحدة، التي يجهل محتواها الشعب العراقي.

الثاني: تحولت الانتخابات من القائمة المغلقة والدائرة الواحدة الى القائمة المفتوحة والدوائر المتعددة، حتى اصبح الناخب يختار الشخص بذاته، وبحرية كاملة ممثلاً عن المحافظة والمنطقة، لا بل حتى عن العشيرة، وبدأت تتناقص اعداد من أتوا من الخارج الى حدٍ كبير جداً، فَلَو اخذنا نحصي من هم الْيَوْمَ داخل البرلمان العراقي سنجد أن نسبة ٩٠٪ منهم هم من أبناء المناطق العراقية، وجميعهم من الدّاخل، ولا يوجد من هم من الخارج الا بنسبة ١٠٪، لكن الاعلام له اليد الطولى في ترسيخ تلك الفكرة المغلوطة في اذهان الشارع العراقي.

لا نذهب بعيداً وسنتحدث من واقع ملموس يعيشه الجميع، وعلى سبيل المثال: فَلَو اخذنا قضاء من محافظة معيّنة، وبدأنا نسأل عن #مدير_البلديه في القضاء، هل هو من سكنت القضاء ذاته أم جاء من الخارج؟ فإذا كان من الداخل ويستشعر كل معاناتنا، إذن لماذا لا يقدم الخدمة الصحيحة للمدينة؟ لماذا النفايات تملأ الشوارع والأزقة؟ والسيارات والآليات تملأ كراج البلدية؟ وإذا قدمت طلب لسحب مياه الصرف الصحي، لا ينجز الامر الا بدفع ٢٥٠٠٠ الف دينار للسائق والعامل المرافق له؟ وعندما تذهب للدائرة وتطلب منهم آلية لقص الشارع لا يقوم بعمله قبل ان تسلمه ١٠٠٠٠ آلاف دينار؟ وغيرها الكثير من الخدمات التي لا تقدمها الدائرة الا بدفع الرشا للموظفين.

لو ذهبت لـ #دائرة_الأحوال_والجنسية، تجلس منذ الصباح حتى الظهيرة في ساحات الدائرة تحت حرارة شمس الصيف اللاهب, وبرودة الشّتاء القارص، وكأنك تستجدي منهم الخدمة، وكذالك #دائرة_المرور، عندما تدفع تنجز معاملتك خلال يوم واحد، وعندما تمتنع عن الدفع تحتاج الى اقل شيء ثلاثة ايّام من المراجعات، اما عن #دوائر_الصحة فحدث بلا حرج، عن الاهمال المتعمد, وهرولتك بين الممرات للبحث عن الممرض والممرضة، من اجل تقديم الخدمة الطبية لمريضك، ولا احدثكم عن #دوائر_الكهرباء، فالمعاناة المؤلمة معهم، لا تقل عن غيرهم من الموظفين الحكوميين في اَي مكان، هذا جزء يسير من معاناة المواطن المؤلمة في الدوائر الحكوميّة.

أغلب الدوائر عندما تدخلها تجد الموظف ماسكاً بهاتفه ويتصفحه، وحين تسأله عن امرٍ ما، يجيبك وهو ينظر في جهازه اللوحي، واذا لححت عليه بطرح الأسئلة يرفع رأسه ليقول لكل “ما ادري روح اسأل”، نعم أسأل مِنْ؟ مِنْ هو صاحب الشأن؟ الست انت موظف في هذه الدائرة!!! فما إن تقول له هكذا يبادرك بالصراخ ليستدعي رجل الأمن ليرميك خارج الدائرة.

يبقى السؤال الأهم، اليس هؤلاء الموظفون عراقيين؟ وهم من طبقات ذلك الشعب المظلوم؟ ومن رحم تلك المعاناة؟ الم يجلسوا في المقاهي وغيرها من الأماكن التي يجتمعون فيها، ويشتمون الدولة والحكومة والسياسيين، ويتهمون الجميع بالفساد؟؟؟ هل هناك فساد اكبر حجماً من الفساد الذي هم فيه!!!..

خلاصة القول إن فساد السياسيين, وفساد الحكومة, هو بسبب هؤلاء الموظفون، ولا يمكننا ان نبني دولة بهكذا نفوس مريضة، ولا يمكن ان نصحح من الأعلى الى الأدنى، علينا اولاً بتصحيح نفوسنا وتصرفاتنا ومعاملاتنا مع بَعضُنَا، لنتمكن من تغيير واقع البلد، ولا يكفينا ان نلقي باللوم على الحكومة والأحزاب السياسية فقط، ونستثني أنفسنا من ذلك الأمر، ففساد الحكومة نتيجة طبيعية لفساد الشعب، ومن يحكم العراق الْيَوْمَ هم عراقيون ولَيْسوا اجانباً، ,لسنا بصدد تبرأت السياسيين من فسادهم، هم من شرع القوانين للفساد، ولحماية أنفسهم، والشعب استغل الامر ليفسد

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here