الأنتخابات النكبة الكبرى

الأنتخابات النكبة الكبرى
اذا ما انبثقت عن الأنتخابات البرلمانية القادمة فوز ذات الأحزاب الفاشلة بشخصياتها الفاسدة و برامجها ( السياسية ) العشوائية التي اوصلت العراق الى ما هو عليه الآن من دمار و تهالك في البنى الأجتماعية من خلال السياسات الطائفية الأقصائية لمكونات لا تنتمي لأحزاب السلطة الحاكمة و لا تؤيدها و بالتالي صنفت على انها معادية للنظام الحاكم الحالي و هي ليست كذلك انما هي في عدم توافق مع اطروحات هذه الأحزاب الطائفية الضيقة الأفق و المحدودة التفكير و النظرة و كذلك كان الأنهيار الأقتصادي المريع و الغير مسبوق و الذي كان من نتاج تفشي الرشوة و الفساد و عدم الكفاءة ان اقفلت المصانع و توقفت عن الأنتاج و تعطلت عجلة البناء و تدهورت الزراعة و اهملت واصبح كل شيئ يستورد من المناشئ العالمية السيئة و غير الرصينة حتى اصبح العراق مكب كبير لكل المنتوجات الرديئة .
كان ( قائد ) المسيرة التي اعقبت سقوط النظام السابق هو ( حزب الدعوة الأسلامية ) الذي انتخب و شكل حكومات عديدة متعاقبة و بما انه حزب ديني مذهبي لم يستطع احتواء جميع ابناء الشعب العراقي المتعددي الأديان و المتنوعي المذاهب فقد انزوى بعيدآ عن الشعب و تقوقع في حلقة ضيقة من انصاره و مؤيديه الطائفيين و كانت البداية في حكم هذا الحزب الأنعزالي هي الحرب الأهلية المدمرة التي اندلعت و التي ضربت البلاد بشكل قوي و عنيف و كان النسيج الأجتماعي العراقي و الذي لم يعرف عنه الا التسامح و الأنفتاح و الأختلاط الخاسر الأكبر من تلك الحرب المشؤومة التي مزقت ذلك النسيج المتشابك و الذي ظلت اواصره متماسكة و متراصة لقرون من السنين مضت من العيش المشترك ان قسمت البلاد الى محافظات و مدن و قرى تنعت بصفاتها الطائفية بعيدآ عن سماتها الوطنية التي كانت تتميز و تفتخر بها .
ان من اخطر و اسؤ انواع اللصوص هم ( المتدينيين ) الذين يجدون في النص الديني المبرر لسرقاتهم و اذا كان ( الحرامي العادي ) قد يتوب في يوم ما فأن ( الحرامي المتدين ) لا يندم ابدآ و لا يتوب اطلاقآ لأن هناك نصوص دينية تبيح له السرقة و الأستحواذ على اموال الدولة و ممتلكاتها من قبيل ( ان اموال و املاك الدول الكافرة يجوز سرقتها و الأستيلاء عليها ) و هكذا كان فقد سرق حرامية الأحزاب الدينية ليس فقط اموال الدولة و ممتلكاتها بل سرقوا الدولة بأكملها فكانت الشركات و البنوك الوهمية هم اصحابها و كانت العقود التجارية المزيفة و الصكوك المزورة تصدر بأسمائهم الشخصية و عناوينهم الحزبية دون خجل او وجل و عندها فقد استولى هؤلاء السراق و الحرامية على الخزينة المالية للبلد الذي تحول من بلد غني متخم بالموارد و الأموال الى بلد فقير شحيح يعج بالمعوزين و الفقراء .
لقد جعل حزب الدعوة و بعد استيلائه على الحكم عند دخول القوات الأمريكية من العراق ساحة نزال و صراع للقوى الأقليمية في المنطقة فكانت ( ايران ) تصفي حساباتها و مشاكلها مع اعدائها على الأراضي العراقية و كانت القوات الأمريكية و التي لولاها لما وصل حزب الدعوة الى الحكم تحت مرمى نيران الحكم الأيراني من خلال الأرهابيين من ( القاعدة ) المدربين تحت اشراف المخابرات السورية و الذين يتم الدفع بهم الى العمق العراقي لمهاجمة الشعب العراقي و ايقاع الأذى به تحت ذريعة مقاومة الأحتلال الأمريكي و تهديم بناه الأقتصادية و العمرانية و كذلك تحول العراق ( بفضل ) هؤلاء الحكام الى جبهة امامية للهجوم على دول الخليج العربي لا لشيئ انما مناصرة للسياسة الأيرانية و التي هي في عداء مستمر و دائم مع تلك الدول دون الأخذ بألأعتبار المصالح الوطنية للشعب العراقي و التي هي في حقيقة الأمر تتوافق مع مصالح اشقائه في الدول العربية و الأقرب الخليجية منها .
منذ نشؤ الدولة العراقية في العشرينيات من القرن الماضي لم تشهد مثل هذا الضعف و الهوان المريع في كيان الدولة و مؤسساتها و هي التي كانت من الدول الأساسية و المهمة في المنطقة و التي كثيرآ ما يعول عليها في الوساطات و الأتفاقيات بين الدول المتنازعة و المتخاصمة حيث كان للسياسيين العراقيين الصيت الذائع في الحكمة و الحنكة و نفاذ البصيرة و عادة ما تكون قوة الدول و منعتها من قوة قادتها و عزيمتهم و التي اصبحت بعد ان ( قاد ) الدولة العراقية ( سياسيي ) الأحزاب الأسلامية من اقل الدول شأنآ و اهمية و تأثيرآ في الأحداث الجارية حتى تلك التي تدور في الدول المجاورة القريبة اذ تدعى على سبيل المثال جميع الدول المجاورة للدولة السورية للتداول و التباحث في الشأن السوري و يستثنى العراق من تلك الأجتماعات و التداولات و هو الذي يملك اطول الحدود مع سوريا .
اذا ما اعادت الأغلبية من الناخبين العراقيين الكرة مرة اخرى و اختارت احد من تلك الأحزاب الدينية و التي اتيحت امامها الأموال الطائلة و الأمكانيات الهائلة و الدعم الدولي الذي لا حدود له و كان بالأمكان لمن حظي بكل تلك الحوافز و الجوائز ان يبني بلدآ نموذجيآ وطيد الأركان راسخ البنيان يكون علامة مضيئة للديمقراطية و الحرية و حقوق الأنسان و يصبح مثالآ يحتذى به و نموذجآ يقتدى به في وسط راكد من الدول الأحادية الفكر و الحزب و المعتقد فأذا به البلد و التجربة التي يريد الجميع الأبتعاد عنها و عدم الأخذ بها لا بل صارت المثل الذي يضرب به في الفوضى العارمة و عدم الألتزام بالقوانين و الأنظمة و غياب الأمن و انعدام الخدمات و التضييق على الحريات و تعدد الجهات المسلحة غير التابعة للدولة و السلاح المنفلت و غير المنضبط و الأعراف العشائرية المتخلفة السائدة و يرجع الزمان الى ما يقارب المائة عام من السنين عندما نهضت البلاد من تحت ركام الأمبراطورية العثمانية المتهالكة دولة رصينة محترمة لها صوت و صيت مرهوبة الجانب مهابة الجناب الى ان اجهزت عليها الأحزاب الأسلامية التي فازت بالأنتخابات و حصلت على اغلبية الأصوات فيالها من اصوات و يالها من انتخابات .
حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here