نتف لحية اللغة و تكشيط جلدها المترشف

نتف لحية اللغة وتكشيط جلدها المترشف

مسألة ” تثوير” اللغة تحتاج إلى عملية نتف لحيتها الكثة و تكشيط جلدها المتحرشف و شحمها المدبب و تشريط كرشها الضخم و المندلق … تشذيب كل ما هو مترهل بزوائد شاحبة ومتهرئة ، و هي متدلية كأكياس فارغة … وإزاحة ما تراكم من أحمال و طبقات مترسبة ومتكلسة من أزمنة غابرة من لغو فارغ ومعاد متكرر .. لتكون لينة كغيمة حانية و موجة دامعة … و رشيقة كأرادف عارضة أزياء حسناء فاتنة .. لتتحول بين يديَّ إلى ما أشبه برادار كوني بمجسّات و إشعارات تلتقط الأشياء برؤيا معاكسة عن ما هو مألوف و سائد ومقلوبا وقالبا الأمور و الأشياء على بطانتها ـ كأن أرى بحرا يبكي من شدة ضخامته وهو ظامئ لحد اللعنة ولا يجد من يروي عطشه ، بينما النجوم تأخذ هيئة سواطير في السماء.. ونساء الأرض متحولات إلى زومبيين في أعقاب رجال هلعين ومذعورين …تنتفض نسور خرافية من نومتها المتحجرة و الطويلة ، محلقة فوق بلدات تعاني من بؤس و بلهارسيا ، وهي تنقّض على أطفال بالكاد يتمكنون من السير من شدة مجاعتهم ونحول اجسادهم الهزيلة .. رعود تدق طبولها في كرنفال بروق سادرة عند حافة أفاق موشكة على ارتطام فوق معابد شُيدت من جماجم لأضحية و نذور بشرية … فلا شيء كما هو ، ومثلما ينبغي أن يكون دوما .. لكي تسير الأمور على نحو جيد .. هكذا أفكر أحيانا ..
هناك دوما شيء ما سيأتي ناقصا ليبقي المشهد سقيما وباردا كما هو الآن …

مهدي قاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here