أطراف كرديّة تراهن على التفاوض مع العبادي لتخفيف شروط استئناف الحوار

بغداد/ وائل نعمة

سريعاً انتهى اللقاء الذي جمع رئيسي الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان لأول مرة بعد استفتاء تقرير المصير الذي أجراه الإقليم في أيلول الماضي، ووضعت حكومة بغداد قائمة من الشروط والمطالب قد لا تُحسم بنفس سرعة الاجتماع.
وترأس الوفد الكردستاني الذي زار بغداد، مساء الأحد، رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني، وضمّ نائبه قوباد طالباني، ورئيس ديوان رئاسة الإقليم فؤاد حسين.
وفي بيان هادئ صدر عن مكتب العبادي السبت الماضي، اشترطت بغداد تنفيذ الإقليم 10 مطالب لإنهاء الازمة بين الجانبين، بينها إعادة ضخ نفط الإقليم عبر شركة التسويق العراقية (سومو).
لكنّ البيان، بحسب مسؤولين كرد، لم يتطرق في المقابل الى مطالب الإقليم المتعلّقة بتنفيذ مواد دستورية، وإعادة تطبيع الأوضاع في كركوك.
وتعتقد أطراف كردية، أن اشتراطات بغداد ليست جامدة وأنها قابلة للتفاوض، لكنها لا تخفي خشيتها من نشوب خلافات لاحقاً عند الخوض بالتفاصيل.
وترفض جهات سياسية شيعية في بغداد، أن تصف ما تحدثت به الحكومة الاتحادية على أنه”شروط”، وتقول إنها قوانين يتوجب على الإقليم تطبيقها.
وفي كل الأحوال يعتبر الطرفان ما حدث مؤخراً، بأنه تقدم إيجابي في شكل العلاقة بين الجانبين، وقد يتطور في الأيام المقبلة ليتحول الى حوارات سياسية شاملة تنهي الأزمة.

زيارة غير معلنة
ويقول عرفات كرم، رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان، إن زيارة الوفد الكردستاني الى بغداد”كانت مفاجئة وسرية وجاءت من أجل كسر الجمود واستئناف الحوارات التي توقفت منذ فترة بين الطرفين”.
وحتى وقت قريب، كان رئيس الوزراء حيدر العبادي، يرفض الحوار مع إقليم كردستان، قبل ان تلغي الأخيرة الاستفتاء الذي أجرته في 25 أيلول الماضي.
وعزا مراقبون وسياسيون تراجع العبادي عن مواقفه السابقة المتشددة تجاه الإقليم، إلى قرب موعد الانتخابات وسعي منافسه نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي للتقرب من الكرد.
ويوضح رئيس كتلة الحزب الديمقراطي لـ(المدى) أمس، أن الاشتراطات التي وضعتها بغداد أثناء اللقاء السريع”قابلة للتفاوض والمناقشة. وإذا اتفقنا على تحكيم الدستور فسيكون الحل سهلاً”.
وشدد العبادي، على وفق بيان صدر عن مكتبه عقب اللقاء، على وحدة وسيادة العراق وأنّ”مواطني الإقليم جزء من الشعب العراقي وأهمية إعادة وتفعيل جميع السلطات الاتحادية في الإقليم بضمنها المنافذ الحدودية والمطارات”.
وأشار البيان الى”استمرار عمل اللجان المختصة بفتح المطارات بعد استكمال كل الإجراءات بعودة كامل السلطات الاتحادية لها”، مبيناً أن”الحدود الدولية يجب أن تكون تحت السيطرة الاتحادية باعتبارها من الصلاحيات الحصرية للسلطة الاتحادية”.
وجدد العبادي على وفق البيان، موقف الحكومة بضرورة”الالتزام بحدود الإقليم التي نص عليها الدستور”، مبيناً، أهمية أن”يسلّم النفط المستخرج الى السلطات الاتحادية ويكون تصدير النفط حصراً من قبل الحكومة الاتحادية وعبر شركة سومو”.
وشدد رئيس الوزراء، على أهمية استكمال عمل اللجان التي تراجع رواتب موظفي الإقليم والإسراع في إطلاقها وضمان وصولها للموظفين المستحقين وأن تخضع لرقابة ديوان الرقابة المالية الاتحادي.
ويعتقد عرفات كرم، أن شروط بغداد”ستأخذ بعض الوقت للاتفاق عليها”، مفضلاً تأجيل الخوض بتفاصيل المطالب التي جاءت في بيان حكومة بغداد لأنها”قد تثير مشاكل الآن”.
ويتمنى المسؤولون الكرد، أن لا يكون اللقاء الأخير مشابهاً لاجتماعات سابقة انتهت بعدم تحقيق نتائج إيجابية. وكان وفد كردي قد زار بغداد الأسبوع الماضي، سبقته زيارة وفد حكومي عراقي إلى أربيل.
ورجّحت أطراف كردية، مؤخراً، استئناف الرحلات الجوية الخارجية الى مطاري أربيل والسليمانية نهاية الأسبوع الحالي، عقب الاتفاق الأخير الذي جرى بين بغداد وأربيل.

مطالب بغداد والإقليم
من جهته يقول آريز عبدالله، رئيس كتلة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في البرلمان، إن اللقاء الأخير”لطّف الأجواء بين الطرفين، وهناك لجان فنية تعمل على إنهاء الملفات العالقة بين الطرفين”.
وتعمل اللجان المشتركة بين بغداد وأربيل، منذ أسابيع على حل مشاكل المنافذ الحدودية، والمناطق المتنازع عليها، وإعادة توزيع رواتب موظفي الإقليم.
وأعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، أمس الأحد، أن الحكومة الاتحادية وافقت على قيام وزارة المالية بصرف رواتب موظفي ومشغلي السدود في إقليم كردستان من تخصيصات رواتب موظفي كردستان ومن خلال وزارة الموارد المائية.
وعما دار في الاجتماع الأخير يوضح رئيس كتلة الاتحاد الوطني في تصريح لـ(المدى) أمس ان”بغداد لم تقدم شروطاً وإنما مطالب، ومادامت هذه المطالب تحت سقف الدستور فنحن لن نرفضها”.
وبيّن النائب عبدالله أن”القضايا مازالت قابلة للتفاوض، لكن أيضا هناك مطالب كردية في المقابل لم يذكرها بيان حكومة بغداد”.
وأشار النائب الى أن أغلب المطالب الكردية هي”انتقادات لعدم تطبيق المادة 140 من الدستور، وعدم تشريع المجلس الاتحادي، وإعادة تطبيع الأوضاع في كركوك وطوز خرماتو”.
وأعلنت حكومة إقليم كردستان، أمس الأحد، أن رئيسها نيجيرفان بارزاني، ورئيس الوزراء الاتحادي حيدر العبادي، أكدا في اجتماعهما الاخير على مواصلة الاجتماعات للإسراع في إتمام إجراءات إرسال رواتب الموظفين وفتح المطارات.
من جانب آخر، يؤكد ناظم الساعدي، النائب عن حزب الدعوة في البرلمان، أن”بغداد لم تشترط على الإقليم، لكنها تحدثت عن قوانين يجب على كردستان تطبيقها”.
ويكشف الساعدي في حديث مع (المدى) أمس، قائلا إن كردستان”طبقت كل ما جاء في بيان الحكومة، باستثناء إعادة ضخ النفط الى بغداد”.
وتشترط بغداد أن يرسل الإقليم 250 ألف برميل يومياً من نفط كردستان إلى شركة التسويق (سومو) مقابل إعطاء رواتب الموظفين.
لكنّ كفاح محمود سنجاري، الباحث السياسي الكردي، يرى أن”بغداد تتعمد أن تخاطب كردستان بلغة من التعالي والغرور”، في إشارة الى المطالب التي جاءت في بيان الحكومة الاتحادية.
وقال سنجاري لـ(المدى) أمس إن”ذلك الخطاب ربما لن ينتج تفاهماً قريباً، وقد يتسبب في انهيار المفاوضات التي بدأت للتو”، لكنه بالمقابل يجد أن ما حدث في اللقاء الأخير بأنه”بارقة أمل وخطوة بالاتجاه الصحيح”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here