بغداد / حسين رشيد
علّقت عضوية العراق في مبادرة الشفافية الدولية في الصناعات الاستخراجية (النفط والغاز)، الأمر الذي يعني عودة تصنيف العراق في قائمة الدول العشر الأوائل الأكثر فساداً في العالم، بعد خروجه منها إلى المرتبة 11، وذلك استناداً إلى مصدر مختص في معايير الشفافية الدولية وموضوع الفساد ، بما يؤكد النهج الدائم لحكومات مابعد الاحتلال المتمثل بنهب خيرات العراق وأمواله واغراقه بالفساد ، مايجعل اقتصاده في تدهور لم يشهد له مثيلاً .وأشار التقرير الصادر من المبادرة حول العراق بـ”عدم التزامه في 22 نقطة ولم يقارب المعايير المعتمدة في 15 نقطة، لأنه لم يقدم معلومات مفصلة في شأن كميات إنتاج النفط المصدرة وأصولها، إضافة إلى كلف إنتاجها.
هذا الاجراء دفع وزارة النفط العراقية الى تشكيل لجنة رفيعة المستوى برئاسة وكيل الوزارة لشؤون الاستخراج وتضم في عضويتها نائب عن لجنة الطاقة في مجلس النواب وعضو من أصحاب المصلحة ومدير عام من الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومدير عام من وزارة المالية، وأوضحت الوزارة من مهام هذه اللجنة وضع خارطة طريق من أجل ازالة اللبس الحاصل في الايقاف المؤقت لعضوية العراق في المنظمة الدولية من خلال اتخاذ سلسة من الخطوات والاجراءات التي تسهم في معالجة الملاحظات الواردة في تقرير المنظمة والعمل على بسرعة لإصدار التقارير المتعلقة بالصناعات الاستخراجية والايرادات المتحققة.
ويعزي مختصون خروج العراق من المباردة الى ارتفاع اسعار النفط التدريجي في الأشهر العشرة الماضية بعد ان انخفضت بشكل كبير أدى الى عجز كبير في موازنة البلاد للاعوام الأربعة الاخيرة، لكن الذي يبدو ان انخفاض أسعار النفط ينعكس على المواطنين باجراءات تقشيفية حكومية في حين ارتفاع أسعاره يزيد من الفساد الحكومي.
الى ذلك أعلنت هيئة النزاهة، عن وضع خارطة طريق لمكافحة الفساد في العراق، فيما طالبت مجلس النواب بسنِّ قانونٍ يُلزم الأحزاب والتكتُّلات السياسيَّة بإلغاء اللجان الاقتصاديَّة التي تُهيمن على عقود الوزارات خلافاً للقانون.
وذكرت الهيئة في بيان تلقته (المدى) أنَّ الخارطة التي أُرسِلَت إلى رئاسات الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النُّـوَّاب، فضلاً عن مُؤسَّسات الدولة المُختلفة، رسمت خطوطاً عريضةً لعمل تلك الجهات؛ انسجاماً مع دعوات مكافحة الفساد التي أطلقتها الحكومة والبرلمان في الوقت الراهن.
بالمقابل ذكر رئيس الوزراء حيدر العبادي في احتفالية النصر التي اقيمت يوم الجمعة الماضي في محافظة كربلاء إن الفساد هو صنو الارهاب، وكما واجهنا الارهاب بوحدتنا يجب مواجهة الفساد بوحدتنا أيضاً، ونضع اليد باليد ونجتمع لتحقيق هدف نبيل من أجل إحقاق الحق وتوليد قوة كبيرة مع الشعب”.وأكد العبادي إن مكافحة الفساد تحتاج الى “معجزة ، انه وقبل ثلاث سنوات صبرنا جميعاُ وتوحدنا وانتصرنا، ويجب أن لانستعجل النتائج في التحقيق بقضايا الفساد حتى لانضيع الانجاز، كما في المعركة حيث الاستعجال وعدم التخطيط يؤديان لحصول الخسائر. دون أن يفصح عن ماهية تلك الخسائر وإن كانت بمستوى الخسائر التي تكبلتها البلاد في أرواح الناس والثروات العامة. وبالرغم من إقامة الاحتفالية مابين الحرمين لكن ممثل المرجعية الدينية لم يحضرها رغم استقباله العبادي بمكتبه في مؤشر على حساسية العلاقة بين الطرفين. كما وتوعد العبادي في حديث سابق من “سرقوا الأموال قائلا: سلموا الأموال تسلموا أو ستخسرون الأموال وتقضون بقية حياتكم في السجن.
وفيما يتعلَّق بمسؤوليَّات الحكومة في المدى القريب، طالبت الهيئة بـ”ضرورة قيامها بإعادة تقويم القيادات الإداريَّة المُتقدِّمة وإبعاد الضعيف ومن تحوم حوله الشبهات منهم، وإقالة الوزراء – على وفق الآليات الدستوريَّة – الذين سبق أن حقَّـقت الهيئة معهم في قضايا مُهمَّةٍ، وإقرار الستراتيجيَّة الوطنيَّة لمكافحة الفساد التي أعدَّتها الهيئة وأحالتها إلى مجلس الوزراء منذ عامين، وتوفير الضمانات الكافية لقضاة النزاهة، والتنسيق مع مجلس القضاء الأعلى؛ بغية الاكتفاء بتحقيقات الهيئة وعدم المطالبة بالتحقيقات الإداريَّة في قضايا النزاهة إلا في الأمور الفنيَّة التي تستلزم ذلك حتماً..
التقرير نصف السنوي الصادر عن هيئة النزاهة العراقية في آب الماضي كشف استرجاع أكثر من (838) مليار دينار عراقي من أموال البلد المنهوبة أو المهدورة أي نحو 800 مليون دولار. وحسب تقرير سابق لوكالة الصحافة الفرنسية، فإن الأموال المنهوبة في العراق خلال الـ 13 سنة الماضية بلغت 312 مليار دولار.
كما دعت الهيئة الحكومة إلى إنشاء محكمةٍ مُتخصِّصةٍ بمحاكمة المسؤولين الرفيعي المستوى مع توفير الضمانات اللازمة لحماية قضاتها، والإفادة من إمكانيَّات المحكمة الجنائيَّة العراقيَّة العليا، وغل يد الوزارة عن التعاقدات المُهمَّة والكبيرة، وأن تُعهَد إلى جهةٍ مركزيَّةٍ تعتمد أسلوب التعاقدات الإلكترونيَّة وإنهاء عمل لجنة الشؤون الاقتصاديَّة في مجلس الوزراء، والمضي في مشروع الحوكمة الإلكترونيَّة والنافذة الإلكترونيَّة، والاهتمام باختيار القيادات والملاكات الإداريَّة العاملة في المنافذ الحدوديَّة، وتفعيل الرقابة الداخليَّة في الوزارات والمُؤسَّسات وإيلائها الأهميَّة، مُطالبةً بالاهتمام بالمُوظَّفين المُتميِّزين النزيهين وتكريمهم كلَّ عامٍ تحت مُسمَّى (يوم المُوظَّف النزيه)؛ ليكونوا قدوةً للآخرين.
وكان العراق حصل على العضوية الدائمة لمنظمة مبادرة الشفافية عام 2012، واعتبرت حكومة نوري المالكي انذاك قبول العراق بالمنظمة «حدثاً تاريخياً»، لأنه «يمد جسور الثقة بين المواطن والسلطات المعنية بإدارة أهم مورد في العراق»، ويعد العراق من أكبر الدول النفطية في البلدان الأعضاء المنضمة في المبادرة.
العراق يحتل المرتبة الـ 166 في قائمة من 176 دولة على مؤشر مدركات الفساد لعام 2016 الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية.