المحافظات المحرَّرة: نريد تأجيل الانتخابات المحليّة 6 أشهر لترتيب أوضاعنا

بغداد/ وائل نعمة

ترفض المحافظات التي وقعت تحت احتلال داعش إجراء انتخابات مجالس المحافظات قبل إعادة النازحين وتوفير بيئة آمنة تضمن حرية الناخب في الإدلاء بصوته.

وأصبحت تلك المحافظات، وفقاً لقرار المحكمة الاتحادية الأخير القاضي برفض تمديد موعد الانتخابات البرلمانية، مُلزمة بقبول التوقيت الدستوري، لكنّها تحاول على الأقل تأجيل إجراء الاقتراع المحلي.
وجمعت أغلب المحافظات التي خرجت للتوّ من سيطرة التنظيم، تواقيع تطالب بإجراء الانتخابات المحلية في موعد آخر لحين عودة النازحين وإعادة إعمار المدن المدمّرة.
واحتاجت الحكومة 19 شهراً لكي تعيد أقل من نصف النازحين إلى مناطقهم الأصلية، لكنها لم تعوّض أيّ متضرر حتى الآن. كما لا تزال على حالها 8 مدن كبيرة أعلنها مجلس النواب مناطق منكوبة، تعرّض فيها نحو 200 ألف منزل للدمار.
ويقف الدمار وانعدام الدعم المالي بالإضافة الى التوترات الأمنية والعشائرية، حائلاً دون عودة أكثر من 3 ملايين نازح من أصل أكثر من 5 ملايين و700 ألف مدني نزحوا منذ 2014، بحسب وزارة الهجرة والمهجرين.
وصوّت مجلس النواب، أمس الإثنين، على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرّر في الثاني عشر من أيار المقبل بعد قرار المحكمة الاتحادية.
وقال رئيس البرلمان سليم الجبوري عقب صدور القرار، بأن هناك خيارين بشأن موعد انتخابات مجالس المحافظات، الاول عدم التدخل في الموعد المحدد، والثاني هو عرض موعدين لإجرائها في هذا الموعد أو تأجيلها ستة أشهر.

إرادة الناخب
من جهته يؤكد ابنيان الجربا، عضو مجلس محافظة نينوى، أن”مجلس المحافظة قرر تأجيل الانتخابات المحلية لحين ضمان عودة النازحين وإعمار المدن”.
ومازال أكثر من مليونين و122 ألفاً من نازحي نينوى لم يعودوا إلى ديارهم.
وبحسب بيانات وزارة الهجرة فإن هناك أكثر من 542 ألفاً عادوا الى المحافظة، من أصل أكثر من 2 مليون و665 ألف شخص، ما يعني أن نسبة العودة هي 2% فقط.
ويعتقد الجربا، في اتصال مع (المدى) أمس أن عملية إعادة النازحين ستتطلب عدة أشهر، كما يقول”يجب أن ترافقه عملية إعادة إعمار المدن المدمرة”.
ويقدر المسؤولون في نينوى دمار 12 ألف دار بشكل كامل في المدينة القديمة فقط، فيما وصلت نسبة الدمار في الساحل الأيمن للمدينة لأكثر من 95%.
كما يؤكد المسؤول المحلي فإنه من دون تهيئة تلك الظروف:”لا يمكن إجراء الانتخابات سواء المحلية أو البرلمانية، لأنها ستصادر رأي الناخب الذي ظُلم بالتهجير”.
وهناك أكثر من 8 آلاف شخص مفقود، بحسب المسؤولين في نينوى، كما يُقدر مقتل 10 آلاف شخص في المحافظة، ويوجد أيضا 2400 شخص مبتور الأطراف خلال عمليات التحرير.
ويقدر المسؤولون في نينوى حاجة المحافظة الى أكثر من 20 مليار دولار لإعادة إعمار المدن المدمرة، وتعويض السكان الذين دمرت منازلهم.
ويرى ابنيان الجربا، وهو عضو كتلة النهضة التي شكلت حكومة نينوى في 2013، أن نفس الظروف الحالية بالمحافظة ستواجه الانتخابات التشريعية”حاولنا تأجيل انتخابات البرلمان لكننا فشلنا”.
وطالب البرلمان، أمس، بحسب نواب، الحكومة بتوفير البيئة الآمنة لإجراء الانتخابات وإعادة النازحين، والاعتماد على التصويت الإلكتروني في جميع المناطق.
ويعتقد بعض النواب إمكانية إجراء الانتخابات في”مخيمات النازحين”، لكن هناك مشاكل أخرى تتعلق بالتعايش بين قرى عربية وإيزيدية في شمال الموصل، قد تعيق إجراء الانتخابات.
وهناك ثلاثة آلاف إيزيدي مفقودون في نينوى، ويتهم بعض الإيزيديين قبائل عربية بمحيط سنجار، بالتعاون مع”داعش”.

سلاح منفلت
وفي ديالى، أكد مجلس المحافظة قبل عدة أشهر، أن المحافظة غير مستعدة لإجراء الانتخابات في توقيت قريب بسبب عدم توفير مناخ سليم يضمن حرية الناخب بالمشاركة في الاقتراع.
وقال عمار مزاحم الجبوري، عضو تحالف القوى في ديالى، لـ(المدى) أمس إن”هناك أعداداً كبيرة من النازحين، وسلاحاً منفلتاً في أيدي عصابات وجهات تدعي انتماءها الى الحشد الشعبي”.
ونزح أكثر من 342 ألف شخص من ديالى عام 2014، عاد منهم أكثر من 175 ألفاً حتى الآن، فيما تبقى أكثر من 167 ألف نازح.
ويضيف الجبوري:”من المفارقة أن نطلب من النازح الذي يسكن في خيمة وتدمّر منزله أن يذهب الى الانتخابات”.
ويقدر المسؤولون هناك، وجود 4 آلاف عائلة بيوتهم مدمرة بالكامل، بالإضافة الى آلاف الدور التي تعرضت الى نسب دمار متفاوتة.
ويؤكد المسؤولون أن الحكومة الاتحادية لم تعوّض المتضررين الذين يعانون أيضاً من أزمة مياه وكهرباء في كثير من المناطق. وكان البرلمان قد صوت في تشرين الأول الماضي على اعتبار ناحية جلولاء في شرق ديالى منطقة منكوبة.
ويقول عمار الجبوري، وهو شقيق النائب صلاح الجبوري رئيس تحالف القوى في البرلمان، إن”عملية تحديث سجلات الناخبين في ديالى لا تعني أن المواطن سيذهب للاقتراع وإنما خوفا من قطع راتبه”!
وكان كتاب رسمي قد صدر مؤخراً من أمانة مجلس الوزراء، قبل أن يوجه رئيس الحكومة حيدر العبادي بالتحقيق فيه، قد أكد أن الموظفين لن يحصلوا على رواتبهم ما لم يبرزوا بطاقة الناخب.
ويؤكد الجبوري، ان الانتخابات القادمة لن تكون نزيهة في المحافظة، ما لم تنفذ الحكومة الشروط الأربعة التي أعلنت الالتزام بها قبل أشهر.
وقالت الحكومة في نهاية تشرين الأول الماضي إنها ستتولى توفير البيئة الآمنة لإجراء الانتخابات، وإعادة النازحين إلى مناطقهم، واعتماد التصويت الإلكتروني، وألا تكون للأحزاب التي تخوض الانتخابات أجنحة مسلحة.

مدن غير مستقرّة
ولنفس الظروف يعتقد رئيس لجنـــــــــــــــة الإعمار في الانبـــــار، طه عبد الغني الهزيماوي، صعوبــــــة إجراء الانتخابات في المحافظة.
وقال الهزيماوي في اتصال مع (المدى) أمس، إنه”إذا استطاعت الحكومة إعادة النازحين وتعويض المتضررين، فإننا نحتاج الى وقت لتهيئة الناخب نفسياً ومعنوياً، وهو أمر يتطلب وقتاً طويلاً”.
وسجلت الأنبار نزوح أكثر من مليون و461 مدنياً منذ 2014، عاد منهم أكثر من 928 ألفاً حتى الآن، وما زال أكثر من 533 الف نازح لم يعودوا الى المحافظة، بحسب إحصائية وزارة الهجرة.
وبحسب تقديرات مسؤولين في محافظة الانبار، يوجد 100 ألف دار مدمرة في عموم المحافظة، 20 ألفاً منها في الرمادي، و25 ألفا في الفلوجة.
ويؤكد المسؤول المحلي، أن الأنبار أعلنت أكثر من مرة، بأنها مع تأجيل الانتخابات.
إلى ذلك كشف حسن ملا كرمياني، عضو مجلس محافظة صلاح الدين، لـ(المدى) أمس، عن جمع تواقيع لتأجيل الانتخابات بالمحافظة، بسبب عدم عودة النازحين ودمار المدن.
وبحسب وزارة الهجرة فإن هناك أكثر من 732 ألف نازح من صلاح الدين، عاد منهم حتى الآن أكثر من 682 ألفاً، ولم يتبقّ سوى 50 ألف نازح.
كما تعرضت 116 قرية لأضرار كبيرة في الحويجة، جنوب غرب كركوك، خلال فترة احتلال داعش، ويستحيل عودة سكانها بحسب المسؤولين بالمحافظة.
بالاضافة الى تدمير 1267 منزلاً في 7 قرى محيطة بالطوز وآمرلي بشكل كامل بسبب العمليات العسكرية.
ويتساءل كرمياني:”كيف نتوقع من نازح يسكن في ظروف غير اعتيادية أن يدلي بصوته؟”، مشيراً الى أن”هناك حالة من عدم الاستقرار في الطوز قد تؤثر على سير عملية الاقتراع”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here