عَن [خارِطَةِ طَرِيقٍ لِمُكافَحَةِ الفَسَادِ]!

نــــــــــزار حيدر
إِستلمتُ الْيَوْم من الدُّكتور حسن الياسري رئيس هيئة النَّزاهة مشكوراً نسخةً من [خارطةِ طريقٍ لمُكافحةِ الفساد] التي دوَّنتها الهيئة.
ولقد اطَّلعتُ عليها فوجدتها نصّاً قانونيّاً رائعاً يستوفى [نظريّاً] كلِّ المعايير والقواعد والاجراءات الدوليَّة اللَّازمة لتحقيق النَّجاح المطلوب في الحرب الثَّالثة المُزمع شنَّها، أَلا وهي الحرب على الفسادِ.
ومن خلال الاطِّلاع على الخارطة – الوثيقة يتبيَّن أَنَّنا بحاجةٍ إِلى شيئَين أَساسيَّين يتعلَّقان بواجبات مجلس النوَّاب ومجلس الوزراء قبل إِنطلاق حربنا على الفسادِ؛
فالأَوَّل يقعُ عَلَيْهِ واجب تشريع أَو تعديل القوانين ذات الصِّلة.
أَمّا الثَّاني فيقع عَلَيْهِ واجب تنفيذ التَّشريعات والقوانين ذات الصِّلة.
السُّؤَال المِحوَري والاستراتيجي هُنا؛
متى يمكنُ أَن يتحمَّلَ المجلسان واجباتهم إِزاء الحربِ على الفسادِ؟!.
برأيي يمكنُ ذلك إِذا حقَّقنا الإِصلاح السِّياسي أَوَّلاً، من خلال خطوتَين إِثنتَين؛
أَلاولى؛ أَن يُشكِّل رئيس مجلس الوُزراء القادم حكُومتهُ حصراً وليس حكُومة الأَحزاب والزَّعامات والكُتل، ليتمَّ تفعيل مبدأ المُحاسبة والرَّقابة تحت قُبَّة البرلمان، وليتمكَّن من شنِّ حربهِ الثَّالثة.
أَلثَّانية؛ أَن ينقسم مجلس النوَّاب إِلى قسمَين؛ أَغلبيَّة [حكومة] وأَقليَّة [مُعارضة] كما هو الحال في كلِّ العالَم الدِّيمقراطي، لنرفعَ عن الفاسدين غِطاء المُحاصصة عندما تتربَّص الأَقليَّة بالأَغلبيَّة تحت قُبَّة البرلمان.
أَمَّا أَن يكونَ كلَّ المجلس هو الحكومة فعندها تَكُونُ المُساومات على الفسادِ والفاسدينَ في أَوجِها.
وإذا تساءلنا؛
لماذا لم يلجأ أَحدٌ من النوَّاب أَو السياسيِّين إِلى هيئة النَّزاهة لفضحِ فاسدٍ ما من زملائهِ؟!.
لو كُنَّا في بلدٍ يحتضنُ برلمانهُ معارضةً حقيقيَّةً لوجدنا أَنَّ تقارير ووثائِق وملفَّات الفساد تنهال على الهَيئة! وكذلك لوجدنا أَنَّ الحكومة والقضاء أَقرب ما يكونان إِلى الهيئة! كما هو الحال في البُلدان الدِّيمقراطيَّة!.
أَمَّا عندنا فسوفَ لن نشهد هذه الظَّاهرة قَبْلَ أَن يحتضنَ البرلمانُ معارضةً نيابيَّةً حقيقيَّةً فاعِلةً وقبلَ أَن نشهدَ تشكيل حكومةٍ لا تشترك فيها كلَّ الكُتَل النيابيَّة!.
إِنَّ وجود كلَّ البرلمان في الحكومة شَلَّهُ عن تحمُّل واجباتهِ الدُّستوريُّة التي على رأسها الرَّقابة على كلِّ مؤَسَّسات الدَّولة وعلى رأسها الحكُومة!.
كما أَنَّ ذَلِكَ ضخَّم حالات التَّستُّر بعضهُم على البعضِ الآخر وكلُّهم على الحكومةِ!.
فضلاً عن كلِّ ذلك فانَّ الأَمر قلَّص من فُرَصِ تحقيق مبدأ فصل السُّلطات! بعد أَن بانَ التَّداخل الواضح في المسؤُوليَّات بسبب التَّشابُك في التَّركيبةِ والمصالحِ!.
إِنَّ الفسادَ منظومةُ [دولةٍ] متكاملةٍ [تشريعيَّةٍ وتنفيذيَّةٍ وقضائيَّةٍ] فالنَّائب اللُّص يشرِّع القانون الذي يحمي بهِ مندوبهُ الفاسد في السُّلطة التنفيذيَّة [الوزير أَو الوكيل أَو المُدير العام] والقضاء بدورهِ يفسِّر الفساد دستوريّاً وقانونيّاً! فكيفَ ومَن سيوطِّئ لخارطة طريق مُكافحةِ الفسادِ؟!.
أَمّا إِذا كان السِّياسي مُعمَّماً فعلى الإِسلامِ السَّلام! إِذ سيُضفي بعمامتهِ الفاسِدة بُعداً دينيّاً برَّاقاً ومقدَّساً على المنظومةِ الفاسِدةِ!.
لقد رأَينا كيف تكالبت المنظُومة لتبرِئة الإِرهابيِّين والفاسدين واللُّصوص والمزوِّرين عندما اجتمعت كلمتهُم على تشريعِ قانونِ العفو!.
لذلك أَنا أَعتقد بأَنَّ الحربَ على الفسادِ لا تتحقَّق قَبْلَ تحقيقِ الإِصلاحِ السِّياسي ولو بحدِّهِ الأَدنى كما أَوضحتُ أَعلاهُ.
٢٣ كانُون أَلثَّاني ٢٠١٨
لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here