حالات بين ما هو طارئ وعابر وبين ما هو دائم وثابت..

حالات بين ما هو طارئ وعابر وبين ما هو دائم وثابت..

حسب ظني و اعتقادي بأن اليأس يبقى حالة طارئة و عابرة في حياة الإنسان ،
بينما يشكّل الأمل حالة دائمة وثابتة في أغلب محطات الحياة ، بدليل حتى الشخص اليائس ـــ عموما ــ ينام بهدوء ليستقبل صباح يومه الجديد بدلا من أن يشنق نفسه أو يطلق الرصاص على صدغه أو يرمي نفسه من سطح بناية عالية أو شرفة شاهقة .
فمهما كانت مرارة التذمر و الشكوى عند بعض كثير من الناس فأن مجرد العيش و التشبث بأذيال الحياة انتظارا ليوم جديد لهو انتصار للأمل الدائم على حالات يأس عابرة وطارئة .
بل أن كتّاب العبث واللامعقول و على راسهم ــ صاموئيل بيكيت نفسه صاحب مسرحية في انتظار غودوالمعروفة باليأس المطلق ــ مثلا ـــ ليس فقط عاشوا حياة مديدة وطويلة إنما أصرّوا على الحصول على المال حتى آخر فلس الذي يحق لهم من جراء نشر أعمالهم المسرحية و الروائية بالرغم من أجواء اليأس و التشاؤم الشديدة التي طغت على أعمالهم الإبداعية ..
بل أن العكس هو كان صحيحا في بعض الأحيان : أي أن بعض الشعراء و الكتّاب الذين كتبوا عن الأمل و قوة الإرادة ومقاومة الصعوبات و العقبات ، هم الذين انتحروا ــ على سبيل المثال و ليس الحصر ــ كالشاعرالروسي و الشيوعي المتحمس مايكوفسكي و كذلك الروائي الأمريكي أرنست همنغواي صاحب رواية ” الشيخ و البحر ” المعروفة على النطاق العالمي و التي بفضلها حصل على جائزة نوبل لكونها جسّدت قوة الإرادة و الأمل عند الإنسان الصامد أمام كل الصعوبات الشاقة .
إذن فالكتابة عن حالات ياس و تجسيدها أحيانا عبر صور و أعمال إبداعية لا تعني قطعا ترويجا ونشرا ليأس و هزيمة ، بقدر ما تعني عكس تجسيد و تصوير حالات نفسية تنتاب أشخاصا لأسباب كثيرة و عديدة ، ولكنها سرعان ما تزول مع زوال الحالة نفسها ..
كما إن الكتابة عن الأمل دائما و أبدا لا يعني بالضرورة ترويجا للأمل ، إنما ـــ ربما ـــ تخديرا و استغفالا ، أي ، كمن مصاب بمرض عضال يوهمونه بعلاج وهمي من خلال حقنه بالمهدئات فقط ، و إذا بالمرض ينتشر أكثر فأكثر و يقضي عليه تماما ، بينما هو لا زال متيقنا من فعالية تلك الحقن المخادِعة ، لا لشيء فقط لكونها كانت مهدئة للألم فحسب .

مهدي قاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here