كركوك تتحول إلى محافظة بلا صاحب

شالاو محمد

تعمّقت الخلافات السياسية حول منصبين في محافظة كركوك لدرجة أثرت تماما على حياة المواطنين، وتبقى آفاق الحل غير واضحة في ظل الخلافات المتزايدة.

وصل الصراع على منصب المحافظ ورئيس مجلس محافظة كركوك الى مرحلة متقدمة وتشهد العلاقات بين الاحزاب السياسية في كركوك ومجلس المحافظة خلافات عميقة حوله.

التجمع العربي الذي يمثل غالبية المكون العربي في كركوك لا يرغب في حسم قضية الموضوع حتى إجراء انتخابات مجلس المحافظة، اما الجبهة التركمانية التي تمثل غالبية المكون التركماني في المدينة فلها رأي آخر وتريد عقد صفقة تتسلم بموجبها منصب رئيس مجلس المحافظة مقابل اعادة منصب المحافظ للمكون الكردي.

بدأ الخلاف الرئيس حول منصب المحافظ حين استولت القوات العراقية من الفرقة الذهبية وقوات الرد السريع والحشد الشعبي في السادس عشر من تشرين الاول (اكتوبر) من عام 2017 على كركوك والمناطق المتنازع عليها بعد انسحاب قوات البيشمركة منها، وترك المحافظ آنذاك منصبه وعين رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي نائبه راكان سعيد محافظا لكركوك بالوكالة.

وقال محمد خضر الجبوري عضو التجمع العربي في مجلس محافظة كركوك لـ”نقاش”: حول ذلك “نحن لسنا مع إضفاء طابع قومي ومذهبي على المناصب في المدينة، كان المنصب يدار من قبل الكرد لسنوات عدة ومن الطبيعي ان يقبل الكرد الان بتسلم شخصية من قومية اخرى المنصب”.

وكان منصب محافظ كركوك قبل السادس عشر من تشرين الاول (اكتوبر) الماضي من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يسعى الان لتسلم المنصب من جديد عن طريق عقد جلسة مجلس محافظة كركوك تجمع المكونات والاطراف، الا ان ذلك يعد أمرا صعبا للغاية.

مجلس محافظة كركوك من (41) عضوا، ينتمي (26) عضوا منهم الى قائمة التآخي الكردية ذات الاغلبية وتسعة أعضاء من التركمان الشيعة والسنة وستة اعضاء من المكون العربي، جميع هذه الأطراف ليست متفقة فيما بينها، فالقائمة الكردية التي تضم الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الاسلامي مختلفة في آرائها حول منصب المحافظ، كما ان هناك مكونين من التركمان داخل المجلس من المذهبين الشيعي والسني مختلفين بدورهما أيضا، اما قائمة التجمع العربي فعلى الرغم من انضواء اعضائها في ظل قائمة واحدة ولكن قلما يتفقون حول شؤون المدينة.

وقال آسو مامند عضو المكتب السياسي ومسؤول مركز تنظيمات كركوك للاتحاد الوطني الكردستاني لـ”نقاش”: “لن نضحي بكركوك من اجل احد لان ما يهمنا هو ان يبقى المنصب بيد الكرد وهو ما دفعنا الى بذل كل الجهود من اجل انعقاد جلسة مجلس محافظة كركوك، ولكن اعضاء الحزب الديمقراطي ليسوا مستعدين للعودة الى اجتماعات المجلس وحسم المنصب متذرعين باحتلال المدينة”.

واشار مامند الى ان تعيين محافظ يؤمن بالتعايش بين المكونات سيعيد الاطمئنان الى اهالي المدينة وجميع الذين يزورن كركوك.

واقالت الحكومة العراقية رسميا المحافظ نجم الدين كريم كما ان معظم قادة حزبه ايضا لديهم خلافات عميقة معه، الا انه لايزال يعتبر نفسه محافظا لكركوك على الرغم من انه لم يتمكن من العودة الى المدينة منذ ثلاثة أشهر.

نجم الدين كريم الذي يقيم الآن في مصيف صلاح الدين في محافظة اربيل قال لـ”نقاش” ان “كركوك محتلة الان وتم تعيين شخص محافظا عليها بالقوة وهذا مخالف للأسس القانونية، لذلك اعتبر انا محافظا لكركوك بحسب جميع المبادئ الدستورية خصوصا وانه تم تعييني بتصويت مجلس المحافظة”.

هناك انباء داخل الاتحاد الوطني الكردستاني تتحدث عن ان خالد شواني العضو القيادي في الحزب والنائب السابق في البرلمان العراقي هو المرشح للمنصب، ولكن قبل كل شيء فان الخلافات داخل قائمة التآخي (القائمة الكردية) تمنع حسم المنصب.

ويرغب الاتحاد الوطني الكردستاني والاتحاد الإسلامي في انعقاد اجتماع مجلس المحافظة ولكن الحزب الديمقراطي الكردستاني غير موافق على ذلك.

وقال كامران كركوكي عضو الحزب الديمقراطي في قائمة التآخي في مجلس المحافظة لـ”نقاش”: انه “اذا كانت الحكومة العراقية لا تقبل بالبيشمركة والآسايش فنحن ايضا لا نقبل بالفرقة الذهبية والشرطة الاتحادية، لذلك فان الحل للملف الامني وعودة أعضاء الحزب الديمقراطي الى اجتماعات مجلس المحافظة هو تسليم الملف الامني لكركوك الى الشرطة المحلية وانسحاب القوات الأخرى من المدينة”.

واضاف: “لن نعود الى كركوك حتى يعود الوضع في المدينة الى ما كان عليه قبل السادس عشر من تشرين الاول (اكتوبر) 2017″.

فضلا عن منصب المحافظ، تكمن المشكلة الرئيسة من الناحية السياسية في منصب رئيس مجلس محافظة كركوك ايضا، اذ لا يقل الصراع حول هذا المنصب عن الصراع حول منصب المحافظ، وظهر ذلك حين اصبح حسن طوران رئيس المجلس نائبا في البرلمان العراقي في نيسان (ابريل) من عام 2014 وادار نائبه ريبوار طالباني المنصب وكالة ومنذ ذلك الوقت لم يكن الكرد مستعدين لدعم مرشح من التركمان لتسلم منصب رئيس المجلس كما لم يكن لدى قائمة الجبهة التركمانية مرشح موحد للمنصب.

وقال نجات حسين عضو الجبهة التركمانية في مجلس محافظة كركوك لـ”نقاش”: ان المادة 23 من قانون انتخابات المحافظات تنص على ان “منصب المحافظ هو من استحقاق اكبر قائمة وهي قائمة التآخي، اما القائمة الثانية وهي الجبهة التركمانية فمن حقها تسلم منصب رئيس المجلس، وقد طبقت المادة الدستورية في البداية ولكن وبعد أن أصبح رئيس المجلس نائبا تم خرق المادة الدستورية من قبل الكرد ولم يكونوا مستعدين لإعادة المنصب الى التركمان”.

ولكن جمال مولود عضو قائمة التآخي ينفي ان يكونوا سببا في ذلك ويقول: “يختلف المكون الشيعي والسني التركماني كثيرا حول ادارة منصب رئيس المجلس ما ادى الى وجود ثلاثة مرشحين لمنصب رئيس المجلس وهم تحسين كهية وعلي مهدي ونجات حسين”.

كركوك اليوم محافظة بلا صاحب اذ لا يعترف أحد بالآخر، الأمر الذي انعكس بوضوح على الدوائر الامنية والخدمية كما يقول اهالي المدينة، فقد انخفض مستوى الخدمات بشكل كبير، اما من الناحية الامنية فقد ازدادت حالات القتل والخطف والسرقة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here