الجندرمة تعبر الحدود و توزع اغصان الزيتون

الجندرمة تعبر الحدود و توزع اغصان الزيتون
كأن قدر الأمة الكردية ان تحاط و تحاصر ليس بالجبال الشاهقات فقط انما بالأقوام المتربصين بها و المتحفزين للأنقضاض عليها اذا ما سنحت الفرصة و اتيحت المناسبة و كأن حظ هؤلاء القوم ان تكون اراضيهم مطمعآ لكل الدول القوية المحيطة بهم فأذا ما كانت هناك فسحة للتعبير عن ارادتهم و طموحهم في الكيان المستقل او المطلب الأدنى منه في التكلم و التخاطب باللغة القومية او ارتداء الأزياء الوطنية او الأحتفال بالأعياد و المناسبات الشعبية كانت تلك الأعمال من المحرمات التي صنفت في خانة ( التمرد و الأرهاب ) و اولئك الذين يقومون بها هم من ( الأرهابيين ) و هي ذريعة كافية في تجريد الحملات العسكرية و تجهيز الجيوش الجرارة و الزحف بأتجاه الجموع من الناس المسالمين و القضاء على ( الفتنة ) .
لم يكتف العنصريون الأتراك من سلب جميع الحقوق المشروعة التي دونتها الكتب السماوية قبل ان يخطها الأنسان بقلمه للشعوب و الأمم و منها الشعب الكردي المنكوب و الذي انتزع منه حتى التكلم و التعلم بلسانه و سلبت منه هويته القومية فبدلت من ( الكرد ) و اطلق عليهم تعسفآ اسم ( اتراك الجبال ) و كأن هناك ما يعيب في اسماء الأمم و الأقوام و يبدو ان حزب الأخوان المسلمين الحاكم في تركيا لم يتمعن في ( القرآن ) جيدآ و لم يقرأ (…. و جعلناكم شعوبآ و قبائل لتعارفوا …. ) و ظن ان كل الشعوب القاطنة في هضبة الأناضول و ما جاورها هو الشعب التركي القادم من اواسط آسيا لا غير .
غالبآ ما تستغل الشعوب المقهورة الرازحة تحت سياط القمع و الأستعباد بوادر ضعف و ترنح الحكومات المركزية و الأنظمة القمعية في التحرك و الثورة للأنعتاق و التحرر و الأنطلاق بعيدآ عن الأنغلاق و قيود العبودية و هكذا كان حين عصفت الحرب الأهلية بالدولة السورية و تراخت قبضة الدولة الحديدية و ترهلت و اصبح في كل محافظة و مدينة و بلدة جيش او حركة او مجموعة مسلحة تتحكم في ذلك المكان كانت الفرصة سانحة للكرد للتعبير عن وجودهم و مطالبهم و كان ان شكلت وحدات عسكرية مقاتلة من المتطوعين الذين كان لهم الدور البارز و المهم في محاربة ( داعش ) والحاق الهزيمة به و تحرير المدن و القرى في الشمال و الشرق السوري من احتلال التنظيم الأرهابي .
ليس خافيآ على احد من ان حكومة الأخوان المسلمين الأردوغانية جعلت من الأراضي التركية الممر الرئيسي في دخول الأرهابيين من مختلف التسميات و الجنسيات بمن فيهم ( داعش و النصرة ) و تنظيمات اخرى تتشابه في الأعمال الأجرامية و تختلف فقط في الأسماء و العناوين و قد كانت تلك المنظمات الأرهابية مصدر الدمار و الخراب الذي عم الدولة السورية من اقصاها الى اقصاها و يرجع ( الفضل ) لهذه الفصائل المتطرفة في قتل الالاف من ابناء الشعب السوري و تشريد الملايين منهم الذين هاموا على وجوههم هاربين من الموت المحدق بهم من كل الجهات ان تصدت ( وحدات حماية الشعب ) لهذه الجحافل الأرهابية الغازية القادمة عبر الحدود التركية و قدمت تلك الوحدات من الضحايا و الجرحى العدد الكبير في هدف ايقاف ذلك التوغل الهمجي و قد تحقق ذلك و استطاعت الوحدات المقاتلة من طرد تلك التنظيمات الأرهابية بفضل التضحيات الجسام و كأن نظام الأخوان المسلمين الحاكم في تركيا اراد الأنتقام و الثأر لتلك الحركات الأجرامية المهزومة ان جرد الحملة العسكرية العدوانية ضد الشعوب المسالمة في سوريا .
مثل هذه الأنظمة و التي غالبآ ما ان تتفاقم داخلها المشاكل و الأزمات الأجتماعية و الأقتصادية فتبدأ بالتخلص منها بتصديرها الى الخارج على شكل حروب و نزاعات مسلحة تبتغي من وراء ذلك تنفيس الأحتقان الداخلي من خلال الأيهام بوجود العدو الخارجي المتربص بالأمة و المهدد لكيان الدولة القومية بغية تأجيل المطالب الشعبية الآنية و حرف الأنتباه نحو العدو الخارجي الذي ينتهز الفرصة المناسبة للأيقاع بالأمة و الشعب و هذا على الدوام هو ديدن الأنظمة و الحكومات المستبدة في تحويل اهتمامات الجماهير بالمطالبات المعيشية و الحريات و التي هي غير قادرة على تلبيتها الى الخارج حيث يقبع ( الأشرار ) الذين لا يريدون للشعب خيرآ و يرومون ايقاع الأذى و الضرر به و هذا احد الأسباب التي جعلت الجيش التركي العرمرم يجتاز الحدود و يجتاح الأراضي السورية في عرض بائس للقوة و استعراض العضلات .
عادة ما تؤدي سياسة القبضة الحديدية العنيفة و هو الأسلوب المفضل عند الأنظمة الشمولية الى العنف المضاد و الذي يلجأ اليه الشعب اخيرآ بعد ما يستنفذ وسائل النضال السلمي كلها او اغلبها و لم يتبق له الا العنف المسلح ( آخر العلاج الكي ) و هذا ما حدث عندما اضطر الشعب الكردي في ( تركيا ) من حمل السلاح دفاعآ عن اراضيه و مدنه و قراه و حماية الشعب الأعزل من الحملات العسكرية للطغم التركية الحاكمة و كان ( حزب العمال الكردستاني ) المعبر عن تلك الأماني و الآمال التي كانت تجيش في عقول و نفوس ( الكرد ) و هكذا انبثقت تلك الحركة الثورية من معاناة الشعب الحقيقية و اصبحت نبراسآ لكل ( اجزاء ) الشعب الكردي و تجلى ذلك في التفاف الجماهير و تمسكها القوي بتلك الحركة و حين كان القائد الثوري ( جيفارا ) يجوب جبال و سهول امريكا الجنوبية مناديآ بالثورة و باحثآ عن مضطهدي الشعوب الى ان وقع صريعآ كان الزعيم ( اوجلان ) يطالب بالحرية و يلاحق جلادي الشعب و يوقع العقاب العادل بهم الى ان وقع اسيرآ فقد يقتل القادة و قد يأسرون لكن الشعوب وهذا ليس شعارآ براقآ انما هي الحقيقة في ان الشعوب باقية لا تموت و هذا قدرها و سوف تنال حريتها و استقلالها حتمآ طال الزمن او قصر بأرادة الطغاة كان ذلك او رغمآ عنهم و هو الأرجح .
حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here