العدالة في عالم الحيوان ! ح 4 دراسة عقول الحيوانات وما يدور بداخلها !

(*)
د. رضا العطار

ان الابحاث التي اجريت في اطار علم الاعصاب الاجتماعي والمعنية باستكشاف الاساس البيولوجي للسلوك الاجتماعي وكيفية تأثير الدماغ على السلوكيات الاجتماعية مثل الانتماء والثقة والتقمص الوجداني والعاطفي والاخلاقي للحيوانات والتي اظهرت مقدار قوة انتشار نقاط الاتصال بين البشر والحيوانات. في هذا المجال نشر عالم الاعصاب الشهير Donald pfeff الذي يعمل في جامعة روكفلر كتابا كاملا خصصه لعلم اعصاب اللعب النظيف.

يعتمد علم الاخلاق كثيرا البيانات المستقاة من مشاهدة السلوك والاسباب المباشرة للسلوك وما ينتج من العمليات الفسيولوجية. ومن الامثلة على الابحاث العصبية الاجتماعية المتعلقة باخلاق الحيوان نستشهد بالدراسة التي اجراها عالم البيولوجيا
Jaak Panksepp والتي كانت لها عظيم الاثر في امدادنا بافكار معمقة عن السلوك الاجتماعي للجرذان، فقد اكتشف الباحث ما يحدث داخل عقولها واجسادها عن طريق التظيم الرقيق لانواع معينة من التفاعلات الاجتماعية في المختبر. فقد اثبت بحثه ان سلوك اللعب لدى صغار الجرذ يؤدي الى افراز مواد لها مفعول شبيه بالافيون في المخ ما يؤدي الى الشعور بالراحة والساعدة الاجتماعية. واكتشف ايضا ان الجرذات تضحك عند دغدغتها.

هناك مجالان في الابحاث الحالية في علم الاعصاب الاجتماعي يمكن ان يسهما اسهاما مهما في فهمنا لاخلاق الحيوانات. وهما العصبونات الانعكاسية Mirror neuron والخلايا المغزلية Spiddl Cells اكتشفت بالمصادفة في اوائل التسعينيات. وفي عام 2007 افاد العلماء بان العصبونات الانعكاسية توجد في ادمغة البشر. كائنة في الفص الامامي للدماغ، تسمح لنا ان نفهم سلوك الاخر عن طريق تخيل انفسنا ونحن نسلك سلوك الاخر نفسه ثم نضع انفسنا مكانه في مخيلتنا.
يعتقد العلماء ان العصبونات الانعكاسية لدى البشر قد تلعب دورا في تطوير اللغة
وفي القدرة على فهم مشاعر الاخرين، فكما يعكس الدماغ الحركات، فهو يعكس العواطف ايضا.

وفي عام 2006 نُقل عن عالم العصبونات الانعكاسية Giacomo Rizzelatti في صحيفة (نيويورك تايمز) ان العصبونات الانعكاسية تسمح بفهم عقول الاخرين. لا عن طريق الأستدلال المفاهيمي بل عن طريق المحاكاة المباشرة. عن طريق الشعور لا التفكير.
ولا تزال الابحاث المقارنة حول العصبونات الانعكاسية في مهدها. وقد لوحظ وجود هذه العصبونات لدى الطيور ايضا. وربما تلعب دورا في محاكاة الاصوات.
ولعل العصبونات الانعكاسية تفسر ايضا مشاهدات الفئران الحساسة عاطفيا والتي تستجيب بقدر اكبر للمحفزات المؤلمة اثر مشاهدة فئران اخرى تعاني الألام . والجرذان التي تفضل الجوع على ان تشاهد جرذا يتألم نتيجة تلقيه صدمات كهربائية.

وهناك اكتشاف آخر على درجة عالية من الاهمية في علم الاعصاب فقد وجد الباحث
Von Economs العصبونات الانعكاسية داخل ادمغة الحيتان بانواعها التسعين، مثلما وجد العالم البارز Patreck Hof الخلايا المغزلية لدى الحوت الاحدب والحوت الزعنفي والحوت القاتل وحوت العنبر. الكائنة في الفص الامامي لأدمغتها كما في ادمغة البشر. تؤديان للحيتان دورا مهما في ردود الافعال التي تتطلب شعورية سريعة. كتقدير ما اذا كان حيوان آخر يعاني من ألم ام لا، والشعور بما اذا كانت تجربة سارة او غير سارة.

وعلى الرغم من ان البيانات التي يقدمها لنا علم الاعصاب الاجتماعي ثمينة جدا، إلا ان هذه الدراسات مثيرة للقلق بشكل خاص نظرا للألم والمعاناة التي تكابدها حيوانات التجارب، اننا نذكر هذه النقطة كلما زادت معرفتنا بادراك وشعور الحيوان زاد تعقيد هذا النوع من الابحاث من الناحية الاخلاقية.
الحلقة التالية في الاسبوع القادم !

* مقتبس بتصرف من كتاب العدالة في عالم الحيوان لمؤلفه مارك بيكون وجيسيكا بيرس، ترلاجمة فاطمه غانم ط 1، 2010 م هيئة ابوظبي للثقافة والتراث والكلمة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here