ماهو الشيء الذي لايفهمه ساستنا؟

حسن الخفاجي

قبل اشهر اتصل بين صديق مقرب وطلب مني بإلحاح ان أترشح للانتخابات. بعد إلحاح منه قلت: اعتقد ان مهمة الكاتب اكثر تأثيرا من مهمة السياسي، وان لعنة عامة منتشرة بين العراقيين على عموم الطبقة السياسية، بعد اصراره قلت: انت اصغر مني سنا وعلى عاتق الشباب تقع مهمة التغيير في جميع المجتمعات. قال صحيح، لكن كما تعرف ان والدي ووالدتي ماتوا قبل اقل من عام ولا اريد ان يشتمهم احد. انفجرت ضاحكا وقلت: تخاف على اهلك من الشتائم اذا أصبحت برلمانيا وتريدني ان لا اخشى على اسمي وسمعتي وان أتسبب بلعن اهلي. (تلك إذن قسمة ضيزى).

امعن ساسة الحكم الملكي بالتنازل عن سيادة العراق، وربطه بأحلاف استعمارية، ودعموا الإقطاع، وضيقوا على الوطنيين، وكانت مواقفهم هزيلة من القضايا العربية. كان غضب العراقيين على الحكم الملكي يترجم بمظاهرات واحتجاجات شعبية عارمة، بعدما دق الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم جرس التغيير ، اقتص العراقيون دون أوامر من قادة الثورة من رموز الطبقة السياسية وسحلوهم بالطرقات العامة .

أحب اغلب العراقيين الزعيم عبد الكريم قاسم، عدى العروبيين ومن سار في فلكهم، لذك سحل العراقيون من تامر على الزعيم، وخرجوا للدفاع عنه وعن الثورة ومكتسباتها بصدور عارية، عندما نفذ المتآمرون انقلابهم الأسود في ٨ شباط في العام ٦٣ .

اذل صدام العراقيين ومارس القمع والعزل الطائفي، وأدخلنا في حروب اخذت مأخذا كبيرا منا ، حين حانت ساعة الانتقام من صدام ونظامه في انتفاضة آذار في العام٩١، حينها سقطت معظم محافظات العراق بيد المنتفضين، الذين اقتصوا من رموز النظام ومن ضباط الأجهزة الأمنية، وحتى من شعراء وكتاب كانوا واجهة للنظام . لو وقع صدام وعصابته بايديهم في تلك الأيام لكان مصيره وعائلته وعصابته القتل والسحل. دليلي على ذلك ان العراقيين، عندما تبخر صدام ونظامه كاملا بعد دخول دبابتين أمريكيتين بالخطأ الى بغداد لم يجد العراقيون احد من رموز النظام ليسحلوه لذلك سحلوا تمثال صدام .

الذي لا تريد ان تفهمه اغلب الطبقة السياسية في العراق ان صبر وسكوت العراقيين لن يستمر الى الابد، وان النجباء والوطنيين وهم اغلبية العراقيين-الصامتة- غير المتحزبين لن يتهاونوا مع الساسة: على عمالة اغلبهم، وعن فسادهم وسرقاتهم، ورهنهم القرار العراقي بيد دول الجوار والعالم، وعن انتشار الأمراض الاجتماعية الفتاكة كالمخدرات والاتجار بالبشر والعصابات المنظمة، وجوع واذلال العراقيين وتدمير نهري دجلة والفرات بشحة المياه، وتدمير الصناعة الوطنية، ومزاحمة الفلاحين وصغار الكسبة واصحاب الحرف والمعامل الصغيرة على أرزاقهم من مافيات اختصت بتدمير الإنتاج الوطني لمصلحة المستورد .

ملاحظة وتنبيه الى الطبقة السياسية: لمن يظن ان مرتزقة استعان بهم وسلحهم سيدافعون عنه, اقول: أنتم واهمون، لان مرتزقة صدام من فدائيين، واجهزة أمنية متداخلة، وجهار حزبي منظم لخمسة وثلاثين عاما، ومن جيش وفرق عسكرية خاصة من الحرس الجمهوري والحرس الخاص. كل هؤلاء تبخروا وهربوا وتركوا أسلحتهم وخلعوا ملابسهم وخرجوا من القصر الجمهوري (المنطقة الخضراء) بملابسهم الداخلية. بلقطات شاهدها اغلب العرقيين.

متى ستفهم الطبقة السياسية ان صبر العراقيين على فسادهم وعمالتهم لن يستمر الى الابد ؟.

ان لم يكن مصيرهم السحل فسيكون مصيرهم مثل مصير صدام ورموز نظامه الوقوف بمحاكم الشعب ، حينها سنراهم اذلاء خلف القضبان.

لا يريد الساسة ان يفهموا ان العراقيين مشهورون بإلصبر على الحكام، وبسحلهم عندما يتجاوزون حدود الصبر.

(الوطنية عقيدة والسياسة حرفة)

حسن الخفاجي

27/1/2018

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here