الحركات الاجتماعية في بلداننا الى صعود

جاسم الحلفي
تتواصل الانشطة الاحتجاجية في البلدان العربية على السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وقد وصلت اخيرا الى الجزائر تحت عنوان الحركة العمالية، بعد الاحتجاجات التي شهدتها كل من تونس والسودان والمغرب. صحيح انها لم تتسع لتغطي المساحة الوطنية لكل بلد، واتخذت في اغلب الاحيان الشكل المناطقي او المهني، ولم تتسم حتى الآن بزخم شعبي كبير ومؤثر، الا انها تميزت بالاستمرارية والتواصل، كما بدا واضحا طابعها التنظيمي وتركيز مطالبها على القضايا المعيشية، والبطالة، ثم بشكل اساسي على الميزانيات السنوية، التي يتضح تواضع التخصيصات فيها للاغراض ذات الصلة بالمعيشة وتحسين ظروف الحياة.
ويتضح ان الانظمة السياسية التي سقطت رؤوس بعضها في ربيع عام 2011، وانحنت رؤوس البعض الباقي من الحكام العرب، بمن فيهم حكام الخليج، قد تناست دروس الهبات الشعبية الغاضبة، التي انطلقت فور اضرام الشاب التونسي بوعزيزي النار في جسده، يوم 17/12/2010 أمام مقر ولاية سيدي بوزيد. وقد اطلق بإنتحاره امام الملأ ادانة عار للانظمة العربية، و صفارة بدء هجوم الشعوب المستلبة على حكامها المستبدين، المتخمين المتمترسين في السلطة التي تعني لهم نهب المال العام، وقمع اي صوت يطالب بالحقوق والحريات والعدالة.
قضيتان اساسيتان يمكن استخلاصهما من الحركات الاجتماعية التي اندلعت في البلدان العربية ابان ربيع عام ٢٠١١، وتواصلت بأشكال متعددة: الاولى والاساسية هي قضية الوضع المعيشي المتدهور، والثانية هي ضعف المشاركة السياسية للمواطنين.
وعند طرح السؤال عما حققت الانظمة الحاكمة من مطالب الشعوب، وبم ردت على تطلعها الى مشاركة سياسية فعالة، والى تغيير نهج الحكم باتجاه تحسين احوال المواطنين ومعيشتهم ..
يأتي الجواب واضحا لا لبس فيه، وهو عدم انجاز الانظمة شيئا ملوسا من الوعود التي اطلقتها وقتذاك لتخدير غضب الملايين. فبعد ذلك ادارت جميع الانظمة ظهورها لمطالب الشعب، وبالذات التي حصلت تغييرات فيها بفعل الانتفاضات وهي مصر وتونس، فيما غرقت ليبيا واليمن وسوريا في فخ الإرهاب والعنف والتطرف. وظل الحال دون تغيير في البلدان التي لم تجتحها الحركات الجماهيرية ولم يطلها الإرهاب، كالسودان والمغرب والجزائر والسعودية.
فاذا كانت الاعراض الجانبية لوصفات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي قد فاقمت الوضع المعيشي اكثر، بعد زيادة الضرائب والرسوم والغاء الدعم الحكومي للمواد الأساسية في المعيشة وعدم معالجة مشكلة البطالة، فان الوجع قادم بفعل سياسات هاتين المؤسستين الامبرياليتين.
ان الدعم والقروض التي تقدمها المؤسسات المالية الدولية المذكورة ليس الا اسبرين يخفف الألم برهة ولا يعالج اسبابه، لانه لا يمس المرض الذي ينهش الاقتصاد وينعكس وبالا على معيشة الناس.
ان متابعة سريعة لحركات الشعوب في كل هذه البلدان، تدل على ان الرفض والغضب والسخط وصلت مداها، ومؤكد ان الحال سيصل درجة الغليان عاجلا او اجلا، وستقدم الشعوب على انتفاضات اكبر واشد مما شهدت المنطقة خلال السنوات الفائتة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here