السرقة …

خلق الله العالم مليئاً بالأضداد ، فالليل يعقبه النهار، الخير والشر ، الطويل والقصير ، الجمال والقبح،
القسوة والرحمة ، القوة والضعف ، الصدق والكذب ، الوفاء والخيانة … الخ من الأضداد التي لولاها لما
إستمرت الحياة بهذا المنوال ، فالله سبحانه له حكمة في ذلك .
وفي وصايا الله العشرة ، إعتبر السرقة من الخطايا الكبيرة ، عندما قال ناهياً : لا تسرق ؟ والسرقة
هي خيانة الأمانة فيمد السارق يده إلى مال غيره ، سواء اكانت مادية أو عينية ، كالمال والأملاك وسرقة
جهود الغير بغير وجه حق ، فيحوز على مال غيره بالغش والتحايل وإستغلال الفرّص ، وغيرها من طرق
الغش والإبتزاز والإرتشاء ، وتعتبر السرقة جريمة مخلة بالشرف في نظر القانون .
وهناك سرقة المال العام ، وهذه جريمة لا تغتفر لأن السارق لا يسرق من فرد معين أو جماعة محددة،
بل من المجتمع ككل وهذه من وجهة النظر الشخصية أشد إيلاماً من السرقة الفردية ، لأن الضرر الحاصل
يقع على المجتمع برمته .
وبناء على ماتقدّم وما نرى من نهب ممنهج وسرقة المال العام في بلدان العالم والشرق الاوسط عموما
وفي العراق خصوصاً ، حيث وصلت أرقام الأموال إلى مديات فلكية ، ومن كان في الأمس القريب فقيراً
ساكناً في دار أو شقة مؤجرة ، يملك الآن البيوت والعمارات والملايين بل المليارات في البنوك داخل
العراق وخارجها ، فمن أين له هذا الثراء ؟ وهذا لا يحتاج إلى الكثير من الذكاء والإستنتاج لإستغلاله
السلطة في النهب والإستحواذ على أموال الغير والمال العام بشتى الطرق والأساليب الغير شريفة .
ففي عهد المشؤوم نوري المالكي ، إختفت المليارات من أموال العراق سواء بالسرقة المباشرة ، أو
بواسطة العقود التجارية والإستيرادات الوهمية المدنية والعسكرية ، تورط فيها المالكي وإبنه وزبانيته
والجعفري وعصابته وعمار الحكيم وشلته ، والوزراء المعروفين لدى لجنة النزاهة بالوثائق والأدلة
وغيرهم من التجار شركاء المسؤولين في السلطة ، والقادة العسكريين الذين باعوا ضمائرهم وشرفهم
من المدراء العامين نزولاً إلى المحافظين والمتنفذين في أجهزة الدولة العسكرية والأمنية ، ولم
نر محاسبة السرّاق والفاسدين من الرؤوس الكبيرة ، بل تمت محاسبة بعض صغار الموظفين ، وشركة
الكهرباء نموذجاً ، فقد صرفت مليارات الدولارات ولا يزال العراق بدون كهرباء ، وخاصة في الصيف
اللاهب ، ولو صرفت تلك الأموال بنزاهة وصدق لأصبح العراق من شماله إلى جنوبه مزود بالكهرباء
ودون إنقطاع24 ساعة وعلى مدار السنة .ولا ننسى الإسماء الوهمية التي صرفت للعسكريين ورجال
الأمن والمخابرات ( الفضائيين ) أي يستلمون رواتب مجرد قوائم وهمية ولسنين طويلة من قبل عصابات
إشترك فيها الغالبية العظمى من المسؤولين ، والكل شركاء في الجريمة ( جريمة سرقة المال العام ) ،
فالسارق والساكت عن السرقة شركاء في طمس معالم الجريمة ، التي حرّمها الله ، ونهاها القانون.
فمتى يتمّ محاسبة هؤلاء ؟ وتعاد أموال العراق المنهوبة ؟ متى ؟؟؟
منصور سناطي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here