قانون العفو العام أخطر قرصنة تاريخية لمجلس النواب
قانون العفو العام الذي أقره مجلس النواب العراقي في غفلة من الشارع العراقي وتحت جنح ظلام فسادهم المخيم و المهيمن على العراق ، يُعد أحد أخطر قرصنة تاريخية على مصير الشعب العراقي ، بهدف إبقاء هذا الشعب المبتلي بلعنة وجودهم الطفيلي أسير تسلطهم و مظاهر فسادهم وتحت معاول خرابهم وقيود عجزهم و فسادهم ، ولكي يكون هذا القانون وسيلة دائمة لتبرئة الساسة والمسئولين الفاسدين و لصوص المال العام المجرمين ، فضلا عن إطلاق سراح بعض العناصر الإرهابية ، ولكن الأخطر ما موجود في هذا القانون ـــ و الذي هو أضحى بمثابة حصان طروادة ــ هو التبرئة المسبقة لمن كان متورطا بالفساد ومطلوبا للعدالة ، فعبثا تجري عملية جلب هذا اللص الكبير الهارب أو ذاك من الخارج مخفورا وموقوفا على ذمة القضية لمقاضاته و معاقبته العادلة فأن هذا القانون سيكون جاهزا دائما كذريعة تُستعان به بغية إطلاق سراحهم ، طبعا، ليس لكونهم أبرياء ، إنما لأن هذا القانون سيشملهم مسبقا ودائما و أبدا .
فمن هنا خطورة هذا القانون الذي أقروه بصمت و غفلة وبروحية تآمرية جماعية لمجلس النواب ، سيما على صعيد التشجيع و التحريض على الفساد و اللصوصية المشرعنة و عمليات النهب للمال العام ، و نقصد بالتشجيع و التحريض هنا ، هو العفو المسبق لكل مجرم سياسي أو مسئول فاسد الذي سيوغل في جرائمه المالية والسياسية مستقبلا ، وهو مطمئن من تبرئة ساحته في أي وقت كان ، إذا ليس بهذا القانون وفإنما بما يشبهه طالما أن مجلس النواب قد خلق أرضية مناسبة لتشريع هكذا قوانين سياسية ، لكون السياسي أو المسئول الفاسد منتميا لهذا الحزب المتنفذ أو ذاك .
هذا دون أن نضيف إلى أن هذا القانون قد أُقر في وسط ، بل و تحت ظروف استثنائية شرسة من ضراوة الفساد و انتشاره الواسع والكبير وفي غمرة عمليات نهب منظمة لمئات مليارات دولارات للمال العام . ليأتي بمثابة تبرئة مسبقة لكل هؤلاء اللصوص الكبار و الاصغار على حد سواء .
لذا فيجب على القوى السياسية الوطنية الواعية و الشريفة و الحريصة الخروج إلى الشارع و المطالبة أما بإلغاء هذا القانون أو تعديله بشكل يستثني سارقي المال العام من العفو العام ، ليس فقط بهدف معاقبتهم العادلة قضائيا إنما إسترداد تلك المليارات الهائلة والمنهوبة من أموال الشعب العراقي .
مهدي قاسم
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط