ثنائيو الجنسية وحملة الإعدادية والحرب الإنتخابية البطنجية !

احمد الحاج

كن ديكارتيا في العراق شعارك ” أنا أشك إذن أنا أفكر ، أنا أفكر إذن أنا موجود ” وستكتشف العجب العجاب من دهاليز العملية السياسية البائسة الى حد اللعنة ومن يمثلها محليا بجوانبها التشريعية والتنفيذية والقضائية والحزبية وﻻ أستنثي أحدا قط .

قد تصل الى نتيجة شبه حتمية مفادها ،أن “كل ما تظنه يصاغ لمصحلتك وﻷجل بلدك ومستقبلك إنما هو في حقيقته صراع كسر عظم على الكراسي والمناصب وﻻشأن لك به ولو بالحد اﻷدنى ، أنت ..نعم أنت ..وبرغم كل صورهم وراياتهم التي تعلقها على جدران منزلك المستأجر اﻵيل للسقوط وعشوائيتك المتجاوزة على أملاك الدولة ، الغارقة وسط أكوام النفايات والبرك اﻵسنة ، بالنسبة لهم ومهما كان إنتماؤك العرقي والمذهبي مجرد- بطانية أم النمر- وخيمة نازح في صحراء مقفرة وجثة هامدة في ثلاجات الطب العدلي ، و بقايا جسد على كرسي متحرك ، ونصف مخلوق مصاب بشتى اﻷمراض العضوية والنفسية يرقد على سرير مضعضع بمستشفى حكومي متهالك ، أو أهلي يبتدع لحلب جيبك كل المسالك ، وبائع خضرة و صاحب بسطية مطارد من قبل أمانة العاصمة في كل أصبوحة وأمسية وسائق تاكسي وعامل مسطر وبائع خردة ومتسول وعاطل عن العمل أو أجير بعقد ووو وأصبع إنتخابي ﻻ أكثر ، حاول أن تصدق ذلك قبل ان يطل عليك بعضهم كحية من زاغور بعد طول سبات ويفتي لك بحرمة إنتخاب فلان ، وحلية إنتخاب علان لتنطلي عليك الخدعة ذاتها كما في كل مرة فتنتخب من باركهم لك ومن ثم تنصل عن فسادهم بعد ان فاحت رائحتهم التي تزكم الانوف – بعد خراب البصرة – ولتعلق صورته تبركا الى جانب بيوت العنكبوت واﻷرضة التي تملأ جدارك المليء بالشقوق ..يا مسكين !”.

في العراق هناك مثل شعبي يقول ” مثل الحية والبطنج ” أو “فلان يخاف منه خوف الحية من البطنج ” وهو النعناع البري دلالة على الخصام وعدم الالتقاء، وآخر تلك الصراعات والصرعات – البطنجية – هي تلك الحرب الضروس بين ثنائيي الجنسية من جهة وحملة الشهادات الإعدادية والدبلوم من جهة أخرى ، ممن صوت البرلمان على قرار يضرهم وﻻينفعهم يقضي بضرورة حصول المرشح للانتخابات على شهادة البكالوريوس أو ما يعادلها كشرط أساس للترشح ، اﻷمر الذي دفع بعضهم للتحايل في الحصول على شهادات عاجلة من هنا وهناك قبل فوات اﻵوان ، لإزاحة كل منهما للآخر وإقصائه عن المشهد في بدعة جديدة بعد بدع الطائفية والعرقية والمناطقية التي أشهرت إفلاسها طيلة الفترة الماضية ولكن عقب تمزيق النسيح المجتمعي برمته وإثارة كل النعرات الجاهلية ، أملا بالوصول الى إبقاء الوضع على ماهو عليه في نهاية المطاف ﻷربع مقبلة ومن دون تغيير بأستثناء التخلص من بعض المتردية والنطيحة وممن ﻻ ظهر وﻻعشيرة لهم تحميهم يصدق فيهم قول الشاعر :

لـقـد هـزلـت حـتــَّـى بدا من هـزالـهـا كـلاها ..وحـتــَّـى سـامـهـا كـلُّ مـفـلـس

، فضلا عن الإبتزاز من خلف الكواليس ليس على مستوى اﻷفراد واﻷحزاب فحسب – إياك أن تتوهم ذلك مطلقا – بل على مستوى الدول التي قذفت من يمثلونها في رحم العملية السياسية لتمشية مصالحها أولا وآخرا وإرساء العقود والمناقصات والخصخصة والإعمار – وأعني به إعادة بناء ما دمرته الحروب التي أشعلتها ذات الدول الراغبة بالإعمار والإقراض وبفوائد هائلة ﻻيعلمها اﻻ الله تعالى إجماليها وشروط ومدد منحها وسدادها – على شركاتها فقط !

المادة ” 18 / رابعاً ” من الدستور العراقي تنص على ” يجوز تعدد الجنسية للعراقي، وعلى من يتولى منصباً سيادياً أو أمنياً رفيعاً، التخلي عن أية جنسيةٍ أخرى مكتسبة، وينظم ذلك بقانون” .

القانون بطبيعة الحال لم يقر أو يصوت عليه حتى اﻵن برغم صياغته ﻷنه وفي حال إقراره فإنه سيقصي العشرات من مزدوجي الجنسية ومن مختلف المناصب ، هؤلاء الذين قالت فيهم صحيفة اللوفيغارو الفرنسية ، ان ” الفساد كلف خزينة العراق 312 مليار دولار ، اضافة الى إن ازدواج الجنسية يحصن الفاسدين في العراق” وخلاصة القانون الذي مايزال حبرا على ورق ، منع رئيس الجمهورية ونوابه ، رئيس الوزراء ونوابه ، رئيس البرلمان ونوابه ، الوزراء جميعهم ، السفراء كلهم ، منع المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات ، محافظ البنك المركزي ، رئيس مجلس القضاء الاعلى ، المدراء العموميين في الدفاع والمخابرات والداخلية واﻷجهزة اﻷمنية من ثنائية الجنسية ، وعلى كل منهم التخلي عن جنسيته المكتسبة أو ترك المنصب !!

البعض من المتنافسين على المناصب ذهب بعيدا في هذا الاتجاه الى – تلبيس – مزدوجي الجنسية كل ملفات الفساد والخراب والإحتراب في العراق طيلة الـ 15 عاما الماضية لصالح الدول التي يحملون جنسياتها وجوازات سفرها وعاشوا فيها ردحا طويلا من الزمن ، فيما برأ نفسه – لكونه الوطني الشريف ، النزيه ، العفيف ، غير المرتبط بدول اقليمية وﻻ أجنبية المناضل الوحدوي أحادي الجنسية ، المخلوق الوسطي حامل لواء ﻻشرقية وﻻغربية وفلسطين عربية وعلى عناد الصهيونية – من كل اﻵثام والكبائر التي إرتكبها على رؤوس اﻷشهاد ليصم بها غرماءه فقط ، فيما دافع ” الثنائيون ” عن أنفسهم بأنهم مناضلون – شاورميون وفلافليون وبقالون وبقلاويون ومقشرو بطاطا ومنظفو فنادق وغسالو صحون في بلاد الغربة مازال بعضهم يتلقى الاعانات في بلده الثاني برغم تسنمه مناصب رفيعة في وطنه اﻷم مع أن بعضهم هرب من العراق لا لكونه معارض سياسي قارع النظام السابق كما يروج لنفسه في الندوات والمحافل ، بل ﻷنه مطلوب بقضايا جنائية بحتة – ولولاهم على حد زعمهم لما تغيرت اﻷوضاع ولما حلت الديمقراطية وﻻ أزيحت الدكتاتورية – هههههه ، حلوة ، كلش حلوووة – وعندما أدرك هؤلاء أنهم سيصبحون خارج اللعبة المليارية تذكروا على حين غرة بأن 91 نائبا يحملون الشهادة الاعدادية و21 نائبا يحملون الدبلوم – بعضهم مايعرف يحجي كلمتين وﻻيكتب سطرين وملوث بالفساد من رأسه وحتى أخمص القدمين – وينتمون الى مختلف الكتل واﻷحزاب ولابد من الضغط عليهم – بكالوروسيا – بل وإقصاء كل من حصل منهم على الشهادة العليا أثناء توليه المنصب أيضا ليخففوا عنهم الضغط -بسابورتيا وثنائيا – ويكفوا عن ملاحقتهم بتهمة الجنسية المزدوجة التي لايعلم حقيقة عدد من يحملها من السياسيين لكثرتهم ، سواء داخل البرلمان أو الحكومة وكل مايجري حاليا لايتخطى هذه الجدلية لا أكثر بإنتظار حسم الموقف والتفاهم بين الفرقاء لغلق جميع الملفات الإقصائية دفعة واحدة، ويادار مادخلك شر ، وياداخل بين ” الحية وبطنجها ، ماينوبك إلا لدغتها ” .اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here