أصل المشكلة

/علي علاء الدين عيسى الفاضلي /

تتوطد في أذهان الجمهور العراقي فكرة البديل والتغيير (الحكومي)،وكأنه المشكلة ملازمة للوجوه وللكتل المتنفذة ولكن يغيب عن أذهاننا مشاكل حقيقية جوهرية كيف هو شكل البديل الأنسب؟ وماهي طريقة الإدارة التي تناسب مجتمعنا؟بلا تردد ستكون الإجابة هي :الحكومة الوطنية الديمقراطية المستقلة، وهنا يلزم التوضيح لبيان حقيقة البناء والتعايش الاجتماعي في بلدنا، نحن مجتمع مابين البداوة والحضارة كما ذكر علي الوردي في كتابه (شخصية الفرد العراقي )أي مابين الخضوع لنزعة المحارب والأصالة ومابين الصانع وطالب العلم والتحرر ونضيف على ذلك الانتماء الديني العقائدي، ماأنتجته هذه المتداخلات والإزدواجيات هو تظليل على مفهوم الحرية والعدالة والمساواة فلو أخذنا جانب( نزعة البداوة)لوجدنا أنها توجهنا نحو الجماعة والقبيلة والعشيرة ونحو الأرض والمنطقة وتوجب الترابط بين أفراد القبيلة، بمعنى أن أي شخص منهم لو تسلم منصبا توجب عليه إشراك أبناء قبيلته وذلك في نظره ليس تعديا على المبادئ والمفاهيم الوطنية لكنه ماتربى عليه فيراه من واجبات الكرم والحماية لنفسه في نفس الوقت، ولو سألنا أنفسنا كم هي نسبة التأثير القبلي العشائري في عقلية مجتمعنا ماهي الإجابة ياترى؟،أما الانتماء الديني العقائدي في مجتمعنا له تأثيرين :الأول على طبيعة البناء الاجتماعي
والثاني على تحديد العمل السياسي، نحن مجتمع يمتثل للقيم والمفاهيم الدينية التي يضعها رجال الدين ورجل الدين بدوره يضع المفاهيم والقيم الدينية التي تناسب وتنزه جماعته وتمجدهم دون الإكتراث للجماعات أو المعتقدات الأخرى وهنا ينحدر الدين إلى مبتغيات سياسية وليست إلهية بحته،مثلا الباحث الديني المنتمي إلى طائفة معينة لايبحث عن الحقيقة حتى وإن كانت ضده فهو سرعان ما سيغض النظر عنها لأنه يبحث على مايثبت صحت معتقداته فقط، ومجتمعنا مبني على الأنتماء والتقليد والتبعية العقائدية ،هنا تغيب المساواة والعدالة وحتى الديمقراطية تأخذ تفسيرات متعدده فكل طرف يفسرها بشكل يناسب معتقداته الخاصة،وتتحول المجتمعات إلى محميات بين الفريسة والمفترس بين المتنفع والمسلوب، وهذه التبعية القبلية والدينية بالأخص جعلتنا نؤمن بوجوب الرضوخ والإذلال للحاكم و المسؤول و الشيخ و المعلم لأنهم يفوقوننا دائما وحتى الأب واجب الطاعة مهما فعل ،فمهما كانوا مستبدين ظالمين طغاة ماعلينا سوى الصمت أو الاستنكار ،وهذه العوامل التصادم بين الحضارات والتأثير الديني أوجد الطابع المادي والشقاق والنفاق والتفكير بالذات قبل الغير ودون الإهتمام لمضار الآخرين،فنلاحظ في مجتمعنا أن بائع الخضار والتاجر والطبيب والأستاذ يفكر في مصلحته الشخصية والتكسب الأكثر قيمة وإن تطلب الأمر الغش أو الكذب أو الاحتيال ودون إعتبار للقيم الإنسانية والأخلاقية لأنهم تبرمجوا على المنفعة الشخصية ثم منفعة جماعتهم وحتى الضمير وصحوته تبرمج من شكل إلى آخر،المشكلة ليست في الدين و المعتقد المشكلة في أن الدين تحول إلى أداة للسياسة، مادامت فكرة الذات والجماعة والدين السياسي متواجدة فلا وجود للعدل والحرية والمساواة بين المواطنين مهما تغيرت أشكال السلطة أو شخوص السلطة

(علي علاء الدين عيسى الفاضلي )

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here