((6/فبراير/من كل عام… ‏اليوم الدولي لعدم التسامح مع ‏ظاهرة ختان الفتيات))

اكثر من 27 دولة في افريقيا، وعدد من دول اسيا وبعض مناطق الشرق الاوسط، تمارس ختان الفتيات وتعتبره احد الطقوس الثقافية او الدينية.
وقد قدرت منظمة اليونسيف اعداد المختونات في عام 2016 بحوالي 200 مليون من الفتيات اللائي يعشن في هذه الدول، اضافة لبضعة مناطق ومجتمعات اخرى حول العالم.
وللعلم ان هذه العملية تجريها عادة نساء متخصصات في هذا المجال ويقمن بختان البنات بطريقة بدائية جداً، وتجري عموماً دون تخدير موضعي، وتتم باستخدام موس او سكين او اداة مشابهة وحتى بدون تعقيم او تطهير لهذه الادوات المستخدمة.
 ويختلف عمر الفتاة التي تجرى لها عملية الختان( من عمر الاسبوع الاول بعد الولادة وحتى سن البلوغ)، وعلى الاغلب حسب الاحصاءات المتوفرة، لايتجاوز عمر الفتاة الخمس سنوات، حسب تقارير اليونسيف التي اعتبرتها ابرز اشكال التمييز الجنسي.
ختان الفتاة بدون دواعي طبية، وبتر قسم من اعضائها التناسلية وبطريقة بدائية، هو ممارسة تعد اسوأ صور الاعتداء الجنسي على النساء في العالم( حسب الامم المتحدة ووزارة الصحة العالمية).
لقد انتشر ختان الفتيات في افريقيا واسيا، وبعدها انتشر في انحاء اخرى من العالم  بسبب الهجرة، حيث استمرت بعض العوائل بممارسة هذه الظاهرة، حتى وهي تقيم في الدول التي هاجرت اليها واستقرت فيها، كما يحصل الان بالنسبة (لبعض) العوائل العراقية التي تذهب ببناتها الى العراق من اجل ختانهن هناك في مناطق مخصصة لهذه الممارسات، وبشكل سري ودون الاشهار بذلك، بل تحت حجة زيارة البلد او زيارة الاقارب هناك.
وليس غريباً ان هذه الظاهرة موجودة في العراق ومنتشرة في مناطق مختلفة، وعلى سبيل المثال لا الحصر فان النسبة في محافظة كركوك وحدها تجاوزت 38% من مجموع الفتيات المختونات في العراق، على الرغم من انكار العراقيين لهذه الممارسة البغيضة واستغرابهم لها.
ولكن الحقيقة انها واقع حال وامر جاري العمل به وممارسته عند الكورد بنسبة 65,4%، وعند االعرب 25,7%, والتركمان 12.3% , وهنالك تقارير سرية تؤكد ممارسة ظاهرة الختان في اقضية ومناطق ريفية معينة من العراق.
وتشير التقارير الى ان الحملات التي تناهض ختان الفتيات في العراق تواجه حملات مضادة  من المتشبثين بالعادات وبالتقاليد القديمة البالية، ناهيك عن تحركات تنظيم داعش من الموصل والذي اصدر فتوى بختان كل النساء في العراق، حيث قضى داعش بفتواه بختان كل النساء في العراق وخصوصًا نساء الموصل ومايحيطها، وقد لاقى هذا القرار شجبا واستهجانا دوليا وحقوقيا وكاد يشمل حوالي 4 ملايين فتاة وامرأة، ليشملهن قرار زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي الذي اعلن نفسه خليفة للمسلمين، معلناً بقراره انه يبعد الفتيات عن الفسق والرذيلة، وقد لقيت خطوته هذه ردود افعال ساخطة من منظمات المجتمع المدني في كل العالم، لما لهذه الظاهرة من تداعيات خطيرة على النفسية والصحية والخلقية، بل وعلى الحياة، حيث تسببت بوفاة عدد من الفتيات اللائي خضعن لهذه الكارثة قبل ان تسقط دولة الخلافة المزعومة.
وتنص قوانين اغلب الدول التي يشاع فيها ختان الفتيات على عدم شرعيته، ولكن للاسف لاتطبق القوانين والقرارات الرادعة ضد الختان.
وقد انطلقت محاولات جادة وجهود حثيثة للحد من، ولابطال هذه الممارسات وضرورة الاقلاع عنها منذ سبيعينيات القرن العشرين، وفي عام 2012 صوت اعضاء الجمعية العامة للامم المتحدة بالاجماع على ضرورة التعبئة ضد ختان الاناث واعتباره خرقاً لحقوق الانسان، وحدد السادس من شهر فبراير( شباط) باعتباره يوما عالمياً لرفض ختان الاناث.
واخيراً يجدر الذكر بان ختان الاناث ليس فيه أية فوائد صحية، اما اضراره النفسية والعضوية فهي كثيرة ومنها:
  1- يتسبب نوع الختان (clitorideectomy)، والذي هو القطع الجزئي او الكلي للبظر بمضاعفات خطيرة وكثيرة واهمها المشاكل النفسية الشديدة، والالم الذي لايحتمل، والتشويه، والصدمة العصبية، وفوبيا خوف الفتاة من جسدها، ناهيك عن الاحتمالات الكبيرة بالتلوث الذي يتسبب بالتسمم او حتى يؤدي احيانا الى الوفاة.
 2- النوع الثاني (Excision) وهو استئصال وقطع كافة الاجزاء الظاهرة، والذي يؤدي اضافة لما ذكر بالنوع الاول، الى استمرار تداعياته وتأثيره حتى على حالات الولادة لاحقاً، ويتعذر بسببه ان تلد المرأة بالشكل الطبيعي لعدم مقدرة المنطقة للتكيف والتوسع الذي يرافق حالة الطلق الطبيعي، مما يؤدي الى عسر الولادة، او يتسبب في موت المرأة والطفل معاً بسبب طول فترة الطلق ومحاولات الولادة الى ان يتجاوز الالم طاقة الجسم.
 3- النوع الثالث (Infibulation) وهو مايسمى الختان الفرعوني، وهو قطع كامل وإغلاق، والذي يؤثر حتى على المشي اضافة لكل مايتسبب فيه النوعان المذكوران اعلاه.
 4- طرق اخرى مثل الكي( Ironing ) وفيه تكوى المناطق الحسية والعصبية، وهذه الطريقة منتشرة في افريقيا، والتي تؤدي للتشويه والصدمة النفسية والصدمة العصبية، اضافة للالم الشديد.
وتشترك كل انواع الختان بانها يمكن ان تكون سبباً للاصابة بالاحتباس بالبول الذي يؤدي استمراره الى الوفاة، او التهاب الكلى الذي يؤدي الى الفشل الكلوى، او التهاب المثانة المزمن، او التهاب الكبد الوبائي، وسلس البول بسبب تقطع الاجزاء التي تشترك بالتحكم بالسيطرة على الجهاز البولي، او التسمم بالدم الذي يحصل بسبب التلوث ويؤدي للوفاة، اضافة لانعدام الاحساس بالمنطقة والذي يؤدي لعدم الاحساس والذي يؤثر لاحقاً على العلاقات الزوجية، وقد يتسبب بالعجز الجنسي عند المرأة، وفي بعض الاحيان يتسبب الختان بالعقم عند المرأة بسبب الالتصاقات التي تحصل ببعض الاجزاء التي تتعرض لهذه العملية والتي تتقطع فيها الاعصاب وتتسبب ايضاً بسلس البراز بعد الولادة.
وبسبب ما تؤول اليه عملية ختان الفتاة من صدمة نفسية شديدة، ممكن ان تكون سبباً للمشاكل الزوجية وخوف المرأة المرضي الشديد من الزوج، او امتناعها الكامل ضده، فان ذلك يستوجب العلاج النفسي والعلاج الطبي الجراحي مثلما بادرت بذلك مستشفيات المانية، والتي قامت ايضاً بتوفير علاجات (وعمليات تصحيحية).
نتمنى ان يستقطب هذا الموضوع الحساس اهتمام كل منظمات المجتمع المدني، والجمعيات والمنظمات النسوية العراقية، وبشكل خاص مسؤولية منظمة رابطة المرأة العراقية الرائدة، والعناصر ذات الاهتمام بدفع المجتمع العراقي والنهوض به من خلال التوعية المستمرة بكافة الوسائل الممكنة لاجل مناهضة هذه الممارسات المتخلفة والتجاوزات غير الشرعية ضد المرأة، ومطالبة الحكومة بشكل جاد بسن قانون ضد ختان الاناث، وايصال صوت الرفض النسوي لذلك من خلال البرلمان العراقي.
راهبة الخميسي
5 /فبراير/2018
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here