خجّلونا ساسة بريطانيا

بقلم : عبد الهادي كاظم الحميري

عجّت وسائل التواصل الإجتماعي قبل أيام بفديو الوزير البريطاني اللورد مايكل بييتس وهو يقدم إعتذاره البالغ الى البارونة ليستر عن عدم اللياقة التي تمثلت في عدم حضوره في الوقت المحدد للجواب على سؤالها وعزمه على تقديم إستقالته الى رئيسة الوزراء التي ستكون سارية المفعول منذ اللحظة . ومن ثم تأبط اللورد بيتس أوراقه وخرج من المجلس الذي رد عليه بالإجماع بالصياح لا .. لا علماً بأنه كان قد تأخر بحدود دقيقتين أُسندت الإجابة على السؤال خلالهما الى مسؤول آخر .

في تموز 2016 تناقلت أوساط التواصل الاجتماعي العراقية صور رئيس الوزراء البريطاني المستقيل دفيد كاميرون وهو يأخذ زوجته واطفاله من البيت الى السيارة و يحمل كارتون حاجياته بنفسه عندما أخلى سكنه الرسمي في NO. 10 downing street .رغم أنه لم يكن هناك أي إلزام قانوني أو اخلاقي أو حزبي يوجب إستقالته إذ كان الإستفتاء بشأن بقاء بريطانيا من عدمه ضمن الاتحاد الاوربي بدون تبني أحزاب الحكومة أو المعارضة لوجهات نظر محددة.

في 5 آذار عام 1982 استقال وزير الخارجية البريطاني اللورد كارنغتون ووزراء الدولة في وزارته بعد أن غزت الأرجنتين جزر الفوكلاند التابعة لبريطانيا حيث اعتبر الوزير أن حدوث هذا الغزو دون أن تتوقعه وزارته أو تمنعه تقصير في عمل الدبلوماسية البريطانية التي يقودها وأنه يعتبر المسألة مسألة شرف رغم أنه لم يكن من المتوقع أن تغزو الأرجنتين هذه الجزر التي تبعد عنها 400 ميل وتتوقع أن الحكومة البريطانية بقيادة المرأة الحديدية مارغريت ثاتشر ستقبل هذه الإهانة ولم يثني اللورد كارينغتون عن العدول عن هذه الإستقالة أن مارغريت ثاتشر جهزت أضخم أسطول بريطاني منذ الحرب العالمية الثانية لإستعادة الجزر وأن هذا الأسطول قد أبحر مع المد البحري الصباحي من ميناء بورتسموث صوب الفوكلاند .

في منطقتنا من العالم حولت الديكتاتوريات العربية هزائم الجيوش التي زجت بها في حروب غير متكافئة وغير مدروسة وخراب بلدانها الى إنتصارات مؤزرة لأنها خرجت منها وأزلامها سالمة وأوهمت الرعاع أن النصر هو في سلامة القيادة وليس في سلامة الجيش والشعب وممتلكاتهم .

وفي عصر الديمقراطيات العربية والديمقراطية العراقية بالتحديد تحايل بعض الساسة على صندوق الإقتراع أيقونة الديمقراطية حيث أوهموا البسطاء من العامّة بأنهم مقدَّسون وأن في تبعيتهم العمياء لهم الى داخل صناديق الإقتراع حسنة وساق البعض الآخر الى صناديق الإقتراع أُناس يرفلون بأحقادهم وجهالتهم من ذوي الأحقاد والمخزون الطائفي والعرقي المزيف وذوي الجهالة بطبيعة أنظمة حكم الدول والمصالح الدولية وذوي متراكم الحكايات والإنتصارات الزائفة على الدول الديمقراطية المتقدمة وبذلك إنتفت الحاجة الى إستقالات مشرفة تفتح المجال لوجوه جديدة وعقول جديدة وحلول بديلة .

وهكذا فإن الساسة البريطانيين يدعمون الديمقراطية برفيع أخلاقهم والكثير من الساسة العراقيين يستغلون الديمقراطية ويسفّهونها بأنانيتهم وجشعهم وتفريطهم بمصلحة الشعب الأساسية في الإخاء والرخاء والأمان .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here