الحكومة تتّفق مع 22 مؤسّسة دوليّة ومحليّة لسدّ عجز الموازنة

بغداد/ محمد صباح

اتخذت الحكومة إجراءات تقشفية جديدة تمثلت بفرض ضرائب صارمة على السلع المباعة في المراكز التجارية والمولات وصالونات الحلاقة الرجالية والنسائية في موازنة 2018 تصل إلى 10% وألزمتها بشراء جهاز “كاشير” لتتحقق من مبيعاتها .

ونتيجة للظروف المالية الصعبة التي تمر بها لجأت الحكومة إلى الاتفاق مع 22 مؤسسة دولية ومحلية للاقتراض منها لسد عجز الموازنة الاتحادية البالغ 22 تريليون دينار في حين تنتظرها فوائد تقدر بـ8 تريليونات واجبة السداد.
وفي غضون ذلك شهدت الساعات القليلة الماضية تقارباً كبيراً بين القوى السنية والشيعية على تمرير مشروع قانون الموازنة الاتحادية بمعزل عن القوى الكردستانية التي مازالت تتمسك بخيار مقاطعة الجلسات لكسر النصاب.
وبحسب مصادر برلمانية مطلعة تحدثت لـ(المدى) ان “هناك انقساما كبيرا داخل القوى السنية بين من يدافع بقوة على تمرير قانون الموازنة مع القوى الشيعية وبين من يقف مع الكتل الكردستانية”، لافتةً إلى ان “الخيارات ما زالت مفتوحة وغير محسومة لغاية الآن”.
وتوقعت المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها ان “التصويت على قانون الموازنة الاتحادية سيكون خلال الأسبوع المقبل من أجل منح القوى البرلمانية مزيداً من الوقت للتوافق على كل الفقرات والنقاط الخلافية”.
وقرر مجلس النواب في الاسبوع الماضي الاستمرار في مناقشة مشروع قانون الموازنة الاتحادية في الجلسات المقبلة بعدما استمع الى التقرير الذي قدمته اللجنة المالية النيابية المتضمن جميع المقترحات المقدمة من الكتل المعترضة على تمرير الموازنة.
وأفضت النقاشات مع ممثلي إقليم كردستان إلى الأخذ بجزء من مطالبها وتضمينها في مشروع قانون الموازنة في حين أن بعضاً من مطالبها لم تتم إضافتها.
وأرسلت الحكومة نسخة معدلة على مسودة مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2018 إلى مجلس النواب في الثامن من الشهر الجاري تضمن مطالب الكتل السياسية التي اشترطت تضمينها في القانون مقابل التصويت عليه.
وخلصت الجولات التفاوضية التي أجراها رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي مع الكتل البرلمانية الأسبوع قبل الماضي إلى إدراج ملاحظاتها في التشريع.
وتشترط هذه القوى البرلمانية التي اتفقت مع العبادي مؤخراً، كتابة اتفاق موقع بينهما يلتزم فيه رئيس الحكومة بعدم الطعن في المواد التي تم الاتفاق على إضافتها أمام المحكمة الاتحادية مقابل التصويت على قانون الموازنة العامة.
وتعلق عضو اللجنة المالية البرلمانية ماجدة التميمي في حديثها مع لـ(المدى) عن التعديلات التي تضمنتها النسخة الحكومية المعدلة على قانون الموازنة الاتحادية لعام 2018، قائلة إن “هناك زيادة حصلت في الإيرادات العامة إذ بلغت (91.6) تريليون دينار بعدما كانت مثبتة في المسودة الأولى بـ(90.4) تريليون دينار”، مشيرة إلى أن “الفرق الحاصل جاء من الإيرادات غير النفطية”.
وتضيف أن “التعديلات رفعت من حجم الإنفاق العام الذي أصبح (104.1) تريليون دينار بعدما كان (103) تريليون”، مشددة على أن “التغييرات الجديدة شملت أيضا حصول زيادة متحققة في النفقات الاستثمارية”.
وأرسلت الحكومة مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2018 إلى البرلمان في نهاية تشرين الثاني الماضي، بالتزامن مع دخول مجلس النواب في عطلة فصله التشريعي الثالث ،الأمر الذي أدى إلى تأجيل مناقشتها شهراً كاملاً.
وكان رئيس مجلس النواب سليم الجبوري قد أحال، مطلع الشهر الماضي، قانون الموازنة إلى اللجنة المالية النيابية لإعداد صيغة نهائية بشأنها وجمع كل الملاحظات والاعتراضات التي تخص الكتل ودمجها في المشروع.
وجمعت الكتل البرلمانية ملاحظاتها على مشروع القانون. وتجاوزت الملاحظات 35 ملاحظة مشترطة على الحكومة تضمينها في المسودة مقابل مناقشتها في مجلس النواب. وتتركز الملاحظات على مخصصات البترودولار، ومخصصات الإعمار في المناطق المحررة، وموازنة إقليم كردستان.
وما زاد المشكلة تعقيداً رفض الحكومة الأخذ بكل الملاحظات. واعتبرت الاخيرة أنها مطالب شخصية وانتخابية من شأنها زيادة الدين العام وتنعكس بشكل سلبي على زيادة العجز.وفرضت الحكومة في تعديلاتها الجديدة ضريبة تصل إلى 10% على السلع المباعة في المولات ومراكز التسوق والخدمات المقدمة في صالونات الحلاقة الرجالية والنسائية وعلى الفنادق كافة وألزمتها شراء جهاز كاشير لتثبيت مبيعاتها فيه.
ووجه رئيس مجلس النواب سليم الجبوري اللجنة المالية البرلمانية، أمس، إلى التأكد من انتفاء الحاجة إلى استقطاع رواتب الموظفين وإلغائها من موازنة 2018.
وكان مجلس النواب قد صوت في موازنة العام 2016 على استقطاع ما نسبته 3.8 % من رواتب الموظفين دعما لمتطوعي الحشد الشعبي والنازحين ومعارك تحرير الموصل.
وخفضت هذه التعديلات التي أجرتها الحكومة على مشروع قانون الموازنة الاتحادية العجز في موازنة العام 2018 الذي كان 13 تريليون دينار.
وتوضح النائبة عن كتلة الأحرار أن “العجز خفض إلى 12.5 تريليون بعد الزيادة المتحققة في الإيرادات العامة التي جاءت بعد اضافة 10 % كضريبة على السلع المباعة في المولات ومراكز التسوق”، لافتة إلى أن “القروض المثبتة في موازنة العام الحالي ستكون من 22 جهة محلية وخارجية” .
وتتابع أن “الرصيد المدور في وزارة المالية بلغ (742) مليار دينار مع أرصدة حسابات بعض الوزارات التي تقدر بـ(250) مليار دينار مع مبالغ القروض الخارجية يأتي لسد عجز الموازنة العامة”، كاشفة أن “فوائد الأقساط التراكمية للسنوات الماضية الواجبة الدفع في العام الحالي تصل إلى 8.2″.
وتواجه موازنة عام 2018 مصيراً مشابهاً لموازنة 2014، إذ تهدّد الاعتراضات التي تبديها مختلف الأطراف النيابية بأن تكون السنة المالية بلا موازنة”.
ويتخوف مجلس النواب من إضافة مواد إلى مشروع الموازنة وتكرار السيناريو الذي اتبعته الحكومة في موازنة 2017، إذ طعنت حكومة حيدر العبادي لدى المحكمة الاتحادية في كل المناقلات التي أجراها مجلس النواب على موازنة 2017، والتي قدرت قيمتها بـ280 مليار دينار.
بدوره يوضح النائب عن اتحاد القوى العراقية بدر الفحل أن “تضمين كل مطالب القوى السنية في قانون الموازنة يدفعنا للمضي بالتصويت مع التحالف الوطني”، مشيراً إلى أن “الوقت مازال لم يحسم بشكل كامل من قبل القوى البرلمانية”.
وبيّن الفحل لـ(المدى) ان “اتحاد القوى العراقية اتفق في آخر اجتماع له على ضرورة تمرير قانون الموازنة العامة خلال الجلسات المقبلة” معترفاً بـ”وجود صعوبات كبيرة تواجه عملية إقرار قانون الموازنة في ظل مقاطعة الكتل الكردستانية”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here