المذاهب الدينية المختلفة على النص… فيما بينها باطلاً …من أخترعها وكيف نفهمها… واين نحن منها اليوم …..؟ الحلقة الرابعة….؟

د.عبد الجبار العبيدي
————————————————
ولد الاسلام حرا،وأنطلاقته الاولى من غار حراء كانت حرة للناس اجمعين ، فلا مذهب ولا مذهبية ، ولا احتكار ولا دكتاتورية ، ولا سنية ولا شيعية، بل حركة فكرية دينية ألهية هدفها أحقاق الحق بين البشرية ، فلا فرق بين ابيض واسود ، ولا من آمن ولا من لم يؤمن ،يقول الحق :” وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر أنا اعتدنا للظالمين نارا الكهف( 29) “، ولم يقل للكافرين ،لأن الظلم مرتبط بفاعله من يكون .مادام الكل من الملتزمين بمبدأ الحق والعدل والسلام بين الناس . فكانت رسالة السماء بمعاييرها الثابتة ، لن تسمح بخرقها من كل الاخرين.ومن يرتد عليها فجزاؤه جهنم في الاخرة وله عذاب الضمير… ولم يقل يقتل.
لقد جاؤنا الفقهاء بمصطلحات بعيدة عن الدين والاسلام كل منها يحتاج لكتابة مقال مثل:
الحجاب والنقاب ، الجهاد والقتال ، اللحى والشارب، الرجم والقتل،ونكاح الجهاد والمسيار .محاربة الخلفاء لبعضهم البعض،والسُنة والشيعة والفرق الاخرى.حتى اوصلوا المسلم اليوم الى حالة الضياع والتيه الكلي دون عقيدة او اساس من القرآن..فكيف نتخلص من هذه الحروب الفكرية الا بفكر اقوى منها يفرض الحجة بالدليل.

مدرسة حرة ولدت بمنهج حر لا يقبل التفسير ، لكلمات ارساها فيه للاخرين هو :الحق والعدل واحترام حقوق كل المخلوقين ولا جبر ولا اجبار، فنحن لسنا من الملزمين بعبادة علي وعمر سوى الله وتقديس القرآن الكريم ولاغير.فالله واحد والرسول واحد والرسالة واحدة فمن أين جاء الخلاف والاختلاف في الدين؟ قرآن صالح لكل زمان ومكان الى يوم الدين بحاجة الى تآويل زمني
2
حسب صيرورة الزمن،لأن الزمن يلعب دورا في عملية التغيير..لغته العربية سليمة لاتقبل الخلاف والاختلاف، طُبق المنهج التاريخي العلمي عليها محافظة على اتساق نظامها من يقرأها ويُتقنها يرى فيها موازنة واضحة بينها وبين اللغات الاخرى. فالتلازم بين النُطق والتفكير ووظيفة الابلاغ فيها مؤكدة ،والترادف اللغوي فيها معدوم ، وبها اصبح الانسان كائن ناطق مفكراجتماعي معروف.

هذا القرآن بنظريته اللغوية الجزلة قاده العلماء والفقهاء ولكلٍ منهم دوره الخاص، فالتأويل للعلماء تجنباً للاختلاف في القصد، والتفسير للفقهاء تجنباً
2
للاختلاف في اللغة. يقول الحق : “وما يعلمُ تأويله الا الله والراسخون في العلم ألآية (7) من سورة آل عمران” ، وبها أعطي للعلماء حق التأويل.واعطي للفقهاء حق التفسير اللغوي حين يقول الحق :
“وما كان المؤمنون لينفروا كافةً فلولا نفرَمن كل فرقةٍ منهم طائفةٍ ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يَحذرون سورة التوبة آية 122”. ،فلا لاحد الحق بأحتكار حق الاخر..واستمر الحال في حياة محمد (ص) ، وخوفا من الاختلاف والخلاف قال لهم رسول الله(ص) قبل ان ينتقل الى جوار ربه في سنة 11 للهجرة قال : للجميع بعد فتح مكة وبأعلى صوته: “ايها الناس لا تنقلوا عني غير القرآن مخافة ان يختلط كلامي بكلام القرآن،انظر الواقدي في المغازي الطبعة الحجرية القديمة.. فقد كان يدرك (ص) ماسيحصل من خلاف واختلاف لذا اراد تحديد القصد والمقصد ليشهد عليه كل الحاضرين.

ومات محمد(ص) ولا زالت وفاته المبكرة مجهولة ودستوره المكتوب مغيب عن الناس ،فأختلفت الاراء بمن سيخلفه بعد الرحيل.سيخلفه دستوره الذي كتب ووصاياه التي سمعت (واخفوها) والقرآن المجيد. أم خليفة بلا شورى ،أو ما جاء في حديث غدير خم الذي لم تثبت صحته ويتنافى ومنطق الشورى، أم توجه نبوي رصين لتنبيه الناس نحو الكفاءة والمقدرة حتى لا يعين المفضول على الافضل في مناصب الدولة العليا وكان يدرك ان الصحابة (رض) هم

3
كلهم من الكفوئين ، ألم يعاونوه ويساعدوه في دعوته حتى الرمق الاخير؟ان من يشكك في مواقفهم من الدعوة عليه ان يشكك في الرسول والقرآن المجيد.
.،فالخلافة المبتكرة ملك للمسلمين يودعونها لمن يريدون وينزعونها منه حين يرغبون بمعايير الحق والعدل والاستقامة التي تركت لهم بتقنين ولا يحق لأحد ان يحتكرها الا بمشاورة الناس اجمعين.
ومع الاسف ظل العرب يتخاصمون عليها كما اليوم “منا أمير ومنكم أمير” حتى قال أحدهم:” ما سُل سيف في الاسلام مثلما سُل على الخلافة”.أنظر معركة الخلافة في الوطن العربي اليوم التي مزقته الى شيع واحزاب كلها لا تؤمن بدين.

ومن يتابع ما بين علي وابي بكر الصديق وعمر والصحابة الاخرين فعثمان زوج ام كلثوم بنت الرسول،وعمر زوج ام كلثوم بنت علي بن أبي طالب،ومحمد بن الحنفية بن علي بن ابي طالب زوج قريبة ابو بكر الصديق.أنظروا من علاقة وتوطين وقرابة ونسابة لايجد ما نحن فيه نتقاتل اليوم من اجلهم اجمعين فقد كذب المؤرخون والفقهاء الذين ادعوا بينهم خلاف السنين .وفي غزواته كلها كانوا جميعا له من المساندين.فأين الاختلاف والمختلفين؟

قد يصاب الانسان المسلم بالصدمة حين يدرك عدم وجود الترادف في القرآن،بعد ان عودوه الفقهاء خطئاًعليه حتى أصبح مقررا في عقله وقلبه ،لان ذلك يستدعي هدم التصور السائد في فهم الاسلام القائم على الترادف اللغوي
الان ،فهل من تصور جديد في فهم الاسلام لنتخلص من كل ادران الماضي البغيض ورجاله المنتحلين ؟
حالات كثية تركوها وثبتوها في عقولنا خطئاً لابد من ذدرها بالتفصيل.. مثل مصطلحي السُنة والشيعة،,الآحاديث النبوية المروية من صحيحي مسلم والبخاري وبحار الانوار والحجاب واللباس والردة والرجم واللحى الكريهة التي شوهت وجوه الشباب وغيرها كثير سنأتي عليها بالتفصيل. وكلها اقاويل منتحلة بحاجة الى تفصيل
القران لم يكن كتابا علميا ، ولا كتابا فقهيا ، ولا دستورا للمسلمين لأن الدساتير تتغير فهو نص يؤخذبه لكل تعديل ،وهو التصور الجديد لمنهجية الكون
4
والانسان وهذا مالم يدركه الفقهاء عند التفسير.فموضوعاته اشتملت على خلق الكون ،وخلق الانسان ونشأة الالسن واستنطاقها(سورةالحج آية5)، وجعل المساواة اساسا في الحياة ،كما في قول الحق : “فاذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتسائلون(المؤمنون 101) “. وقانون الجدل العام والخاص “كل شيء هالك الا وجههُ،القصص 88″.والقرآن قدم لنا رؤية جديدة للصراط المستقيم والمعروف والمنكر ومبدأ التلازم بين الحنيفية والاستقامة والمرأة والرجل في نظرية المعرفة الانسانية التي أغفلها كل المفسرين ..؟.

واذا تتبعنا ما كتبه الفقهاء من القرن الثالث الهجري والى الان لم نلمس منهم سوى تركيزهم على الفِرق والمذاهب والحلال والحرام لاشغال الفكر العربي الاسلامي عن كل جديد في عالم المعرفة حتى اوصلوينا الى أمية التفكير.فهل باستطاعتنا اختراق الصعاب لنصل بالقرآن الى ما اراد وطلب؟ام سنبقى ندور في فلك المتفيهقون.كل الديانات السماوية والارضية تحررت عقولها من الخلاف والاختلاف، الا نحن العرب والمسلمين لازلنا نراوح فيما نحن فيه من خطأ مقصود جاء به الاقدمون لكون الرئيس من المنصاعين للمتخلفين .

امامي اليوم فقه الامام جعفر الصادق(ع)فكر جديد يتطور مع الزمن عقلا ومنهجاً بالمبادىء التي ارساها ،فاين الخطأ في المنهج واين المذهب المتعارض مع الاخرين وأين أتباعه اليوم من التطبيق ؟يقول الامام الصادق في الشيخين ابي بكر وعمر(رض):( والله اني لأرجو الله ان ينفعني بقرابتي منهما،فأين الخلاف وأين الاختلاف بينهم ونحن لا زلنا نتهم بعض فرق الشيعة بشتم الصحابة،هذه سُبه اخترعها الآمويون في علي بن أبي طالب وأماتها عمر بن عبد العزيز وأنتهى الامر.؟. فالامام الصادق استاذ لأبي حنيفة النعمان ،
وأنس بن مالك ،فكيف يختلف التلميذ مع الاستاذ الا ما جاء به الفكر من تطور .وسواءً اخذ الامام بالقياس ام لم يأخذ فهل هذا يعني الخلاف بينه وبين ابي حنيفة ومالك في الدين؟
من خلال قراءة النصوص الفقهية بين الشيعة وبين مذاهب اهل السنُة في الفقه أنها لاتمس أصل الدين،وكل ما ذكر من خلافات لازالت تحتمل الاجتهاد والتغيير لصالح الجميع.فهناك أفتراء على الشيعة بوجود قرآن اخر لهم سموه قرآن فاطمة ،وهذا ما نفاه فقهاء الشيعة قاطبة ، وانا الذي قضيت الايام الطويلة
5
في النجف الاشرف اثناء بحثي لشهادة الدكتوراه وتنقلت في مكتبات ومجالس المرجعيات الشيعية المكرمة ،فلم اسمع به من قريب او بعيد،فمن اين جاؤا بهذا الافتراء الكبير.
وهناك أختلاف في المتعة التي اقاموا عليها الدنيا واقعدوها ،واليوم الكل سنُة وشيعة في زواج المتعة والمسيار متفقون،،يقول الحق ” :….فما أستمتعم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ان الله كان عليما حكيما ،الاية 24 من سورة النساء”،والتي جاءت حلا لأشكاليات الجنس عند المغتربين ،لكنها أنتهت بصيرورة الزمن ، لتأتينا متعة اخرى سموها المسيار، ونكاح الجهاد والف متعة وكلها من اختراع عبدة الجنس من الفقهاء.
وفي الطلاق الشيعة لا تأخذ بالطلقات الثلاث بل بالنص الديني(حكم من أهله وحكم من أهلها) والاية 19 من سورة النساء جاءت حلأ عادلا لها. وامور اخرى في الصلاة كالتكتيف والتسبيل، والآذان ،علي ولي الله،والصلاة خير من النوم وكلها أختلافات فقهية لا اساس لها في النص المكين .
والرجم لم يأتِ في القرآن الا في سور ثلاث ،هي الشعراء (116)وهود (9) وياسين(18) وكلها جاءت في مواقع ليس لها علاقة في القصد. أما الردة فكل المذاهب متفقة على ان المرتد لايقتل بل ينصح ولا يُقاتل الا اذا اشهر السيف بوجه الاسلام ، يقول الحق :” ….ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر …البقرة (217 ،ولم يقل يُقتل ؟ .
والوصية مقدمة على الارث ” كتب عليكم اذا حضر أحدكم الموت ان ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين الاية( 180 )من سورة البقرة . وفي الحاكمية الدينية جاءت الاية( 258 ) حلا لها . فاين

الخلاف والاختلاف؟ أذن لماذا هذا مسجد شيعي واخر سني وثالث لا ادري ما اسميه؟ فأختلفنا ولا ندري على ماذا نختلف؟ وصدق الشاعر حينما قال:

في اللاذقية ضجة ما بين أحمد والمسيح هذا بناقوسٍ يدقُ وذاك بمئذنةٍ يصيح
كل يُعظم دينه ياليت شعري ما الصحيح .

6
كلها امور لا تمس العقيدة ولا دخل لها فيها ابدا،بل اجتهادات شخصية محضة، عفى عليها الزمن، ويمكن الاتفاق عليها بتقريب وجهات النظرفيها فقهياً ،فأين الخلاف والاختلاف.؟فلا حل لها الا بالقانون المدني وبفصل مؤسسة السياسة عن مؤسسة الدين ،لكن هذا التقارب ليس من مصلحة الحاكمين .
،فهل من منقذين ليخلصونا والى الابد من محنة التفريق التي اوجدها الفقهاء خدمة للسلطة الحاكمة كما اليوم عليها يتخاصمون؟ .كم من أمرأة طلقت وشخص قتل وأولاد ضاعوا من خرافة الخلاف والاختلاف. أما كان حرام على الفقهاء والمفسرين ان يزرعوا فينا كل هذا الخطأ الكبير،من اجل سيادة الحاكم والمتنفذين،أكانت دولة آموية هذه أو عباسية او حديثة مسلمة أم كانت دولة المنافقين؟ واين مؤتمرات التقارب الفقهي في الاسلام والأزهر الشريف وحوزات النجف الأشرف؟ لماذا سكتت ؟ فهل من جديد نراهُ منهم اين القرضاوي الذي ملأ الدنيا صراخا في قرأن فاطمة وسب الصحابة وفُرقة للمسلمين ؟ هل من احد يزيل الغُمة عنا ويعيد الصفاء بين المسلمين؟ أفقهاء هؤلاء ام مفرقين……؟
لم تسنح فرصة في التاريخ الحديث لاستغلالها مثلما سنحت اليوم للسيد حيدر العبادي رئيس وزراء العراق لو كان جاداً حقاً وحقيقة في محو آثار المتفيهقين،لكنه تماهل فيها والسياسة تعمي العيون وتضلل الذهن، فلمَ لم يغتنمها ليصبح أول المصلحين؟ ليعلن رسميا ان لا فرق بين المسلمين فيامر بكتابة القانون نصاً ملزماً ، وليس بكلام المتقولين ،وبتوحيد الجوامع والآذان وكل موجبات العبادة بين الجميع كما نادى بها الرئيس مخاتير محمد في ماليزيا فصنع دولة القانون بحق وحقيقة ، فلماذا لا ننادي بها في عراق المتحررين، ويسجل سابقة تاريخية ما سبقه أحدُ قبله من الاولين؟ نتمنى له ذلك،لكن الرجال على كد أفعالها ؟
وليكن العراق هو أول المبادرين.كفى لقد ضحكت علينا شعوب الارض كلها ونحن اصبحنا اخر المدافعين،فلا اسلام فينا محترم ، ولا شعائر لنا مكرمة ،فصلاتنا مختلفة،وزواجنا مختلف وطلاقنا مختلف،وارثنا مختلف ،ونحن ندعي
بوحدة المسلمين،كفى ضحكاً على الذقون يا أئمة المسلمين.لا حل امامنا ابداً الا بصرخة قانونية ملزمة بتوحيد المناهج الدراسية العلمية والادبية والدينية في كل مدارس العرب و المسلمين،والا سنبقى مهزلة شعوب الارض الى ان يرث الله الارض ومن عليها ،وسنموت ونفنى ونحن من المختلفين.وهل يوجد أكثر من سوء احوال العرب والمسلمين اليوم ؟

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here