عمليّة الطوز لم تعثر على أصحاب “الرايات البيضاء” وانتهت خلال يوم واحد

بغداد/ وائل نعمة

بعملية حذرة تجنبت بغداد فيها إشعال فتيل أزمة جديدة مع أربيل، سيطرت القوات الاتحادية على مجموعة من آبار النفط في جنوب كركوك – كانت ضمن مناطق سيطرة البيشمركة- تحت غطاء حملة عسكرية لمطاردة الإرهابيين. ويعدّ الانتشار الأخير في مناطق كانت ضمن سيطرة القوات الكردية، هو الاول من نوعه بعد تعليق رئيس الوزراء حيدر العبادي العمليات العسكرية في المناطق المتنازع عليها قبل 5 أشهر.

وتحركت مجموعة كبيرة من قوات الجيش والشرطة والحشد الشعبي قبل أقل من أسبوع باتجاه مناطق جنوب كركوك، مستهدفة تنظيم داعش وحلفاءه الجدد المعروفين بـ”أصحاب الريات البيضاء”.
لكنّ العملية التي حشد لها قوات كبيرة لم تستغرق أكثر من يوم واحد، وطاردت في الغالب “أشباح” حيث لم يعثر على مسلحين، وإنما وجدت آثارهم فقط.
ويهدد نحو 500 مسلح، في مناطق جنوب كركوك، يعتقد بأنهم من مقاتلي داعش الهاربين من معاقلهم السابقة في الحويجة والموصل، بشنّ هجمات جديدة على المدن المحررة.
وظهر التهديد الأخير عقب الأزمة بين بغداد وأربيل التي اندلعت بعدما قررت الحكومة الاتحادية استعادة المناطق المتنازع عليها في منتصف تشرين الاول الماضي، ودفع البيشمركة الى ما وراء “الخط الأزرق” وهي حدود عام 2003.وترك ذلك الانسحاب والفراغ الذي خلفته القوات الكردية، الباب مفتوحاً أمام التنظيم المتطرف، لإيجاد أراضٍ جديدة بعدما عانى خلال الفترة الماضية من أزمة مكان.
ودفع الخطر لإطلاق القوات الامنية قبل 5 أيام بمشاركة الحشد الشعبي، عملية عسكرية كبيرة لمطاردة المسلحين في مناطق طوزخرماتو الواقعة جنوب كركوك.

السعي وراء النفط
لكنّ مسؤولاً أمنيّاً في قضاء الطوز طلب عدم ذكر اسمه، قال في اتصال مع (المدى)، أمس، إن “العملية استمرت ليوم واحد، ولم تعثر على أي مسلح، وإنها كانت تهدف الى السيطرة على آبار النفط”.
وأعلنت قيادة العمليات المشتركة، في 8 شباط الجاري، عن حصيلة اليوم الاول من عملية الطوز، فيما لم تقدم توضيحات بعد ذلك عن مصير الحملة.
وقالت القيادة في حينها إن عمليات التفتيش “خلال يومها الأول أسفرت عن قتل إرهابيين اثنين وتفكيك 7 عبوات (….) والعثور على مقر لعصابات داعش يحتوي تجهيزات عسكرية و3 أحزمة ناسفة”.
وأكدت القيادة أن “عملية التفتيش نتج عنها السيطرة على حقلين للنفط يضمان ٤ آبار وبناية مقر شركة نفط”.
من جهته يقول المصدر الأمني، إن “القوات سيطرت على 15 بئراً كانت تحت سيطرة قوات البيشمركة، التي انسحبت بمجرد وصول التشكيلات المشاركة بالعملية الاخيرة”.
ويرجح المصدر، أن يكون هدف العملية هو السيطرة على الآبار فقط، لأنه يقول إن “القوات انسحبت من كل المناطق التي تمت مداهمتها، باستثناء آبار النفط، حيث وضعت قوات لحمايتها”.
وكانت مصادمات مسلحة قد حدثت بين القوات الاتحادية والبيشمركة في أطراف كركوك، بعد قرار بغداد بنشر القوات هناك، مما دفع العبادي الى إيقاف العمليات والدخول في مفاوضات.

تعثّر العمليّة
ويؤكد المصدر العسكري، أنه كان من المفترض ان تستمر العملية العسكرية الى الحدود الإيرانية، لتأمين تلك المناطق بشكل كامل.
وكان مسؤولون في ديالى قد كشفوا عن فراغ أمني بطول 30 كم قرب الحدود مع إيران، فيما حذروا من تغلغل تنظيم داعش إليه وتحولها الى نقطة ساخنة.
ويهدد انسحاب القوات من مناطق جنوب كركوك من دون مسك الارض الى عودة خطر داعش وحلفائهم، حيث كانت الطوز قد تعرضت الى هجمات متكررة بالهاونات من خلف مناطق جبلية.
ويعزو محمد مهدي البياتي، قائد محور الشمال في منظمة بدر في حديث مع (المدى)، أمس، تعثر العمليات في مناطق جنوب كركوك، الى وقوع 60% من الأراضي المستهدفة بالحملة ضمن سلطة كردستان.وكانت قيادة العمليات قد أكدت أن العملية التي انطلقت في 7 شباط الجاري، كانت بالتنسيق مع البيشمركة وبمشاركة طيران التحالف الدولي.
لكنّ البياتي يقول ان “التنسيق اقتصر على البيشمركة التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني، وتحديداً مع جناح رئيس الجمهورية الراحل جلال طالباني”، مبيناً أن جميع القوات مستنفرة لأي حادث طارئ.
وسجلت خلال الفترة الماضية، التي سبقت انطلاق العملية العسكرية، عمليات خطف وقتل في مناطق جنوب كركوك، من بينهم 5 رعاة غنم من التركمان الشيعة، وجودوا قتلى بعد وقت قصير من خطفهم.
بدوره يقول ملا حسن كرمياني، العضو الكردي في مجلس محافظة صلاح الدين في اتصال مع (المدى) أمس إن “المسلحين هربوا قبل وصول القوات الى مناطق جنوب طوزخرماتو”.
ويرجح المسؤول، وهو ممثل عن الطوز في مجلس المحافظة، ان يكون المسلحون قد فروا الى مناطق قريبة من الحويجة، والى تلال حمرين.
وكانت الأطراف الكردية في كركوك والطوز، قد أكدت أنها مبعده تماما عن القرار الامني، ولم تستشر في التطورات الاخيرة.
وأسفرت أحداث عنف في الطوز عقب نشر القوات الاتحادية في المناطق المتنازع عليها، إلى نزوح 10 آلاف عائلة، فيما يقول كرمياني إن “3500 ألف عائلة فقط قد عادت”.
ويمنع الوضع الامني غير المستقر وتفجير 400 منزل وحرق ما يقارب ألف محل تجاري يمتلكها مواطنون كرد عودة بقية السكان.
ومشطت القوات في العملية العسكرية الاخيرة مساحة 120 كم بعمق 25 كم، لكن بحسب المصادر الامنية فإن مسلحي داعش مازالوا يتحركون في بعض المناطق الواقعة في غرب كركوك والقريبة من صلاح الدين، مستخدمين دراجات نارية.
من جهته يقول مروان الجبارة، القيادي في حشد صلاح الدين في اتصال مع (المدى) أمس إن منطقة الزركة الواقعة شرق تكريت، “مازالت غير مستقرة بسبب عدم وجود قوة لمسك الارض”.
وأعلن في أيلول الماضي، تحرير الزركة في عمليات سبقت استعادة الحويجة، لكن الجبارة يؤكد ان “هناك 50 كم مربع يتحرك فيه التنظيم بين شرق الدور وغرب الطوز”.
ويستغل تنظيم داعش المناطق الوعرة والتضاريس الجبلية للاختباء، فيما يشير القيادي في الحشد الى ان التنظيم “يبحث عن انتصارات إعلامية من خلال هجمات مباغتة، وأحيانا يقتل سكان القرى القريبة بحثاً عن الطعام”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here