كيف ستواجه البصرة كارثة الجفاف في عام 2018

ا.د حسن خليل حسن
جامعة البصرة – مركز علوم البحار
[email protected]
تشير توقعات وزارة الموارد المائية العراقية المؤكدة الى حدوث ازمة مياه في العراق غير مسبوقة، نتيجة الاضرار بالإيرادات المائية لنهري دجلة والفرات خلال الصيف القادم من العام 2018 بالتزامن مع املاء سد اليسو، وقد تستمر هذه الازمة لسنوات قادمة اذ ان املاء السد التركي الذي قد يستغرق من سنة الى ثلاث سنوات مقبلة، ومن المتوقع ان يبتلع السد بعد اكتماله معظم الايراد المائي لنهر دجلة (11 مليار متر مكعب)، وسيكون الامر كارثياً على العراق وخصوصاً خلال السنة الحالية 2018 لأنها سنة جافة شحيحة الامطار.
وحسب الاعلان التركي فلم يعد يفصلنا عن موعد البدء بإملاء السد سوى ما يقارب (3 أشهر فقط)، في ظل سنة جافة غير مسبوقة تشهدها منابع نهري دجلة والفرات، وحسب المعلومات المؤكدة من وزير الموارد المائية الدكتور حسن الجنابي فان البصرة هي الاكثر تضرراً في هذه الازمة كونها تقع في اقصى ذنائب نهري دجلة والفرات، كما انها تستلم اقل حصة مائية في العراق مع انها ثاني اكبر محافظة عراقية من حيث اعداد السكان في الوقت الحاضر اذ يزيد عدد سكانها عن 4 ملايين نسمة، كما انها تستلم حصتها المائية من نهر دجلة فقط بعد انقطاع مجري نهر الفرات في قضاء (المديّنة) حوالي 22 كم غرب الملتقى القرنة، وحسب تأكيدات الوزارة تشير الى ان الازمة ستطال كل نواحي المياه التي تعتمد على المياه السطحية(الانهار) وستكون كمية مياه الشرب ونوعيتها الاكثر تضرراً ناهيك عن تضرر قطاعات الزراعة والاستخدامات الاخرى، من المتوقع ان تواجه محافظة البصرة ندرة مائية وليس شحة مائية عابرة فقط، لذا من الواجب الاسراع بوضع خطط طوارئ عاجلة لمواجهة هذه الازمة والتنسيق من اجل مواجهتها، وسيكون لحكومة البصرة في المرحلة الراهنة ابرز الخطوات في هذا المجال، ويجب ان يبدأ التحرك عاجلاً لمواجهة الازمة في محافظة البصرة وفق الخطوات التالية:ـ
1ـ العمل على الاعتماد المحلي في توفير مياه الشرب عن طريق انجاز مشاريع تحلية المياه البحرية على امتداد الساحل العراقي المقابل لخور عبدالله ، بالاضافة الى نصب محطات اخرى على جانبي خور الزبير، وتفعيل محطات تحلية المياه النهرية ومراجعة الاخفاقات التي حصلت في هذا المجال وتشخيص سبب تلكؤ بعض المحطات التي تم نصبها منذ العام 2008 على مجرى شط العرب .
2- الاتفاق على حصة محافظة البصرة المائية من نهر دجلة بما لا يقل عن 75 م3/ثا كمعدل تصريف دائم، وتفعيل الجانب القانوني في مسألة تقاسم المياه محلياً بين المحافظات ورفض جميع اشكال التجاوز على الحصة المائية لمحافظة البصرة من قبل محافظتي واسط وميسان، وتثبيت ذلك وفق جداول زمنية ثابتة واخذ ضمانات على الوزارات والمحافظات بالالتزام بها، والتفكير بنوعية المياه ودرجة التوغل الملحي البحري في أي اطلاقات مائية تحددها وزارة الموارد المائية لمحافظة البِصرة، واعتبار محافظة البصرة الاكثر احتياجاً لاستهلاك المياه بسبب ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف لأكثر من 51 درجة مئوية والعدد الكبير للسكان.
3- تفعيل التعاون بين المؤسسات الاكاديمية والحكومية في مجال المياه، والاسراع بتشكيل خلية ازمة في محافظة البصرة تتألف من اطراف اكاديمية ومؤسسات خدمية بالتنسيق مع الحكومة المحلية، مع ضرورة اشراك جهات حكومية من خارج المحافظة لوضع الخطط والاستعداد لأي طارئ في ملف المياه، ويفضل ان يترأس تلك الخلية السيد محافظ البصرة وتكون على اتصال مباشر بالحكومة المركزية للتنسيق والتعاون واتخاذ الاجراءات والقرارات الضرورية .
4ـ اعطاء الأولوية لمياه الشرب خلال الفترة القادمة واعادة النظر في الموسم الزراعي الربيعي والصيفي لعام 2018 وعزل مياه الاستخدام المنزلي عن الاستخدامات الاخرى، وتخصيص ميزانية طوارئ لتوفير مياه الشرب والاستهلاك المنزلي وفيها باب خاص لإيصال المياه الى القرى والنواحي والاقضية البعيدة على ان تكون مياه الشرب مقدمة على باقي الاستخدامات، ورصد مبالغ تعويضية للخسائر المتوقعة في القطاع الزراعي للفلاحين في البصرة خلال الموسمين القادمين ( الصيفي والشتوي).
5ـ التنسيق بين وزارة الداخلية ووزارة الموارد المائية حول تسمية جهاز امني خاص من وزارة الداخلية وتكليفه بمراقبة وحماية المياه السطحي والبدء برفع التجاوزات على مصادر المياه العذبة في (قناة البدعة وقناة شط العرب. ومنع التجاوزات ورمي النفايات فيه، وتطبيق عقوبات رادعة على المتجاوزين، خصوصا خلال مواسم الشحة الشديدة.
6.تفعيل قوانين استهلاك مياه الري، واعطاء صلاحيات واسعة لدوائر الموارد المائية والزراعة في مواجهة الهدر في القطاع الزراعي، وتفعيل الغرامات البيئية وفق مبدأ تعويض الضرر في البيئة المائية، لحماية شط العرب والانهر الفرعية من كل اشكال صرف المياه الملوثة.
7. التحضير لعقد مؤتمر عالمي في البصرة تحت مسمى (الكارثة المرتقبة لازمة المياه في البصرة) على ان يتم فيه التركيز على الحلول العاجلة على ان يعقد المؤتمر خلال شهر شباط او اذار 2018.
8ـ العمل على تفعيل دور القطاع الخاص بتوفير بدائل المياه العذبة عن طريق تحلية مياه البحر او تصنيع البدائل المتاحة او الاستيراد الممنهج للمياه من اقرب نقطة متاحة للاستيراد .
9ـ البدء بتأهيل قناة البدعة التي تعد مصدر آخر لمياه الشرب في محافظة البصرة، لكونها تعاني العديد من المشكلات البيئية واهمها نمو الطحالب والنباتات المائية التي تؤثر على جودة المياه.
10. وضع خطة مستقبلية لنقل مياه الشرب بالأنابيب من مياه جدول الغراف ( جنوب سدة الكوت) الى مركز محافظة البصرة لتوفير مصدر دائم للمياه العذبة على شكل نظام مغلق وليس مكشوفاً كما هو الحال في قناة البدعة، والعمل على غلق قناة كتيبان الإروائية واستبدالها بنظام نقل مياه مغلق تجنب هدر قسم كبير من المياه.
11. الاسراع بعقد اتفاق مع الجارة ايران لتزويد محافظة البصرة بما تحتاجه من مياه الشرب من نهر الكارون خلال فترة الشحة الاستثنائية، ووضع آلية لنقل المياه العذبة بالاستفادة من قرب المسافة نهر الكارون الايراني، ومن المهم الاشارة الى ان الاطلاقات المائية من نهر الكارون خلال شهري ( تشرين اول – كانون اول) من العام 2017 ساهمت بتخفيف ملوحة مياه شط العرب التي تسبب بها نقص التصريف الوارد من اعالي النهر .
12ـ رفع كفاءة محطات الاسالة في محافظة البصرة لمواجهة أي نقص محتمل في تصريف المياه وتدريب كوادرها على الطرق المناسبة لمواجهة الازمة، واعادة تصميم مآخذ مياه الاسالة على شط العرب وقناة البدعة لكي يتناسب مع انخفاض مناسيب الانهار، فضلا عن ضرورة اعادة تصميم مآخذ مياه المحطات الكهرومائية (محطة الهارثة والنجيبية) لتجنب توقفها عن العمل في حالات انخفاض مناسيب الانهار.
13ـ نصب محطات قراءة التصاريف المائية في أعلى ووسط وجنوب مجرى شط العرب ومراقبة نوعية المياه، وتكليف الباحثين المختصين بتصميم نموذج عددي لتوقع مدى تأثر كمية مياه شط العرب ونوعيتها بالنقص المتوقع في حالات التصريف المائي الحاد، ومديات العجز المتوقعة في كل القطاعات التي تعتمد على المياه السطحية، والتركيز على تخمين المسافة التي من الممكن ان يتوغل فيها المد الملحي خلال مواسم الشحة المائية، والارتكاز على تجربة سابقة لنقص التصريف في نهاية العام 2008 وبداية العام 2009.
14ـ الاسراع بربط شبكة الصرف الصحي في الانهر الداخلية بمبزل شط البصرة وأبعادها عن مياه شط العرب ورفع التجاوزات على المجاري التي تصرف المياه الملوثة الى مجرى الشط .
15ـ اجراء حملة توعية اجتماعية بصرية بأهمية ترشيد المياه وعدم تلويث مصادر المياه وتكون الحملة الزامية للمدارس والجامعات ومؤسسات الدولة بالاستضافة بمحاضرين واعلامين من المؤسسات الاكاديمية والاعلامية والثقافية والدينية في محافظة البصرة، وتوزيع اعلانات وملصقات تثقيفية في الشوارع والمؤسسات ،الاماكن العامة للتوعية بمخاطر هدر المياه وتلويث مصادر مياه الشرب.
16. على الناشطين في البيئة من اكاديمين ومثقفين ومهتمين بقضايا الامن المائي العراقي البدء بحملة اعلامية – توعوية تحت مسمى ( حملة انقاذ شط العرب) تتولى نشر الصور القاتمة التي آل اليها الوضع الهيدرولوجي للشط في الملتقيات والمحافل المحلية والعالمية بسبب النقص في الايراد المائي في شط العرب الذي اثر كثيرا في نوعية المياه وعلى التنوع البيولوجي في مجراه، واصبح الشط على مشارف الموت البيئي.
17.الاسراع بوضع صنابير المياه الاقتصادية المقيّدة لهدر المياه في المنازل والزام المواطنين باستخدامها عبر دعم اسعارها في السوق او توزيعها مجاناً في جميع مناطق محافظة البصرة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here