ناخب فاسد يبحث عن مرشح فاسد !

بقلم \\ عبدالناصر جبار
الناخب في العراق لايختلف عن الناخبين في الدول العربية فهو لايريد مرشحا نزيها يمتاز بالثقافة والوعي والعدالة بل يريد مرشحا يتلاعب بالقوانين ويسخرها لصالح من ينتخبه ؛ فيريد من مرشحه أن يعينه على حساب من هو أولى بالتعيين ويريد منه ان ينقله الى موقع قريب من بيته بغض النظر عن الحاجة ؛ ويطلب من مرشحه ان يقطع جزءا من حقوق الآخرين ليضعها في جيبه ؛ وحين لايعمل المرشح على تحقيق هذه المطالب ” الفاسدة ” فهو يصبح من وجهة نظر الناخب غير معترف بأهليته لخوض الإنتخابات وهذا ماجعل الكثير من الفاسدين يتكرر إنتخابهم في دورات متعددة على حساب ذوي الكفاءة والنزاهة
دور المرشح لايكمن في توفير فرصة عمل لصالح من انتخبه فهذه سرقة في وضح النهار انما دوره الحقيقي ان يساهم في سن قانون يعالج مسألة البطالة لجميع أبناء البلد

انجازات المرشح من وجهة نظر الناخب اللاواعي هي إمكانية مايحصل عليه من مصالح شخصية حققها له من إنتخبه وهذا الناخب لايختلف كثيرا عن الفسادين الذين انتفخت بطونهم بالمال العام والذين يشتكي منهم الشعب ليلا ونهارا في الاعلام وفي المجالس الخاصة والعامة ؛ حتى بت مدركا ان الشكوى من حالة الفساد هي عدم اتاحة الفرصة لهؤلاء المشتكين من نيل الفساد ! فما ان يتمكن أحد المتذمرين من نيل الموقع الذي يتوفر فيه الفساد حتى تراه مبدعا في السرقة !
هل ثمة من ينتخب مرشحا مستقلا لايعرفه شخصيا ولم يشاهده في الاعلام ولاتربطه به روابط طائفية أو قرابة عشائرية هل هناك من يؤمن بمؤهلات النائب العلمية ؟ ليعطيه صوته بلاشروط مسبقة وبلاوعود ؟
ماذا يريد الناخب من مرشح جاء من بيئة عشائرية مملوءة بالخرافات والأكاذيب والضحك على ذقون الفقراء ؟ هل يريده ان يعمل على سن قانون يحد من النفوذ العشائري المستفحل في البلاد ؟ هل يريد منه ان يطالب بدولة تحترم القانون وتحاسب الجميع بغض النظر عن انتماءاتهم ؟ على الناخب الذي ينتخب شيخ عشيرته او من يمثله ان يعرف جيدا بانه سيبقى في نفس المنظومة التي يشتكي منها لكنه لايستطيع الخروج منها مادام مؤمنا بالقيود المحيطة به لأن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا مابانفسهم
الناخب الذي لايستطيع ان يضع إعجابا لمنشورات تعجبه لان ناشرها لايعرفه شخصيا ولاينتمي الى عشيرته لايمكن لهذا الناخب ان يصنع التغيير عن طريق الانتخابات
غالبية محاربي هذه الطبقة السياسية الحاكمة الان لو سألتهم لماذا تحاربون هؤلاء ؟ستكون إجابتهم ؛ لأننا لم نحصل منهم على شبر من أرض الوطن ولم يعطونا حقوقنا ! انهم يريدون ايضا ابتلاع الوطن وتحويله الى جيوبهم ! فما الفرق بين الحاكم والمعارض ؟كلا الطرفين يبحثان عن غنيمة في هذا البلد !
أصدق مرشح شاهدته في الحملة الإنتخابية السابقة هو ” عزت الشابندر ” فحين سأله احد الاعلاميين ماذا تعد ناخبيك أجاب بصراحة لاأحقق لهم شيئا ولااعدهم بشيء لكني اعمل كسياسي في البرلمان ؛ نحتاج ان ننتخب هكذا مرشحين ؛ هذه ليست دعاية للشابندر بل للفكرة الصادقة
هل تريدون معرفة القائمة الأكثر حظوظا في الفوز ؟ ابحثوا عن القائمة الأكثر تخويفا للشعب فهي التي تفوز في المرتبة الأولى ! أما القائمة الأكثر خسرانا فهي القائمة التي تحترم عقولنا ولاتغشنا ولاتخدعنا بوعود كاذبة وهي الوحيدة الجادة في العمل على نهوض البلد من كبوته !
نحن مصابون بداء مدح القوي وشتم الضعيف وما ان تمكن الضعيف من القوة حتى نتحول الى مادحين له !
محاربة الفساد تكمن بوجود ناخب نزيه لايبيع صوته لمرشح فاسد مهما بلغت قيمة الاغراءات المقدمة له ؛ اما اذا كان الناخب يقبل ببيع صوته لمرشح فاسد فان هذا الناخب فاسد بامتياز ولايقل خطورة عن الفاسدين الحقيقيين .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here