هل سنبادل برميل النفط ببرميل الماء مع تركيا؟!

راجي العوادي*

في هذه المراة اريد ان اكتب مقالا ضمن اختصاصي العلمي (التربة والموارد المائية)وخبرتي الاستشارية كعضو في جمعية المياه الاسترالية 2008- 2010 اكتب عن ازمة المياة في العراق ولماذا لا تواجه هذه الكارثة بقدر من الاهتمام ؟1 ففي عام 1986 كنا طلبة دراسات عليا , اعطينا عدة عنوانين لكاتبة رسالة لكل منا في احدهما , ولكنني اخترت عنوانا غيرهما وهو (تقدير قيمة الضائعات المائية في الاراضي المستصلحة) وعرضته على مشرفي المرحوم أ. د اسماعبيل عبيد حمادي, رحب كثيرا في هذا العنوان واعتبره شيئا جديدا غير مطروق , ولكن قال ستحتاج ان يكون لك مشرفا ثانيا في اختصاص الهندسة المدنية , ولكن حمادي سالني كيف استدليت على هذا العنوان ؟1 اليس الماء عنصر مباح في الزراعية وغير قيد محدد فيها ؟! قلت له انا اطلعت على الموروث التاريخي الديني باننا سنواجه مشكلة مائية تقتضي حفر ابار في نهري دجلة والفرات لغرض تامين مياه للشرب , لم يستغرب هذا الكلام فانه رجل له اهتمات دينية وتذكر هذا الكلام …تم اختيار د.جمال الدين ساعور كمشرف ثان وانجزت الرسالة في موقع مزرعة المزاك شاخة 12 بمحافظة واسط على مساحة 3200 دونم مزروعة بمحاصيل شتوية واخرى صيفية احتسبت الاحتياجات المائية لكل منهما واحتسب التصريف لهما وحددت الضائعات سواء بالنقل او في الحقل ثم اجريت الحسابات الفنية عليها واستخرج السعر الظلي للمياه فكان 70 فلس | م3 واوصت الرسالة بتبطين قنوات الري الناقلة بعد دراسة الجدوى الاقتصادية لها…لقد كانت نتائج الرسالة في حينها مصدر جدل , فالبعض اعتبرها مهمة لان المتوقع ان نبادل برميل المياه ببرميل النفط واخرون بشذاجة اعتبروها وغير مفيدة ومضيعة للوقت لان الماء متوفر كعنصر من عناصر الزراعة ويفترض الاهتمام بغيره …عام 2004 في جامعة كيرتن الاسترالية عرضت مضامين هذه الرسالة ونتائجها فكانت مصدر اعجاب واشادة بها من قبل خيرة اساتذتها …بعد هذه المقدمة التي لا اردت منها الاعلام بل العلم بان ما نواجه كان متوقعا ليس من قبلي فقط فهناك الكثير في حينها شاركني الراي , فكيف خفي او غفل بل استغفل من قبل المخططين والقائمين على السياسية المائية في العراق ؟! ففي عام 1983 قامت السعودية بتمويل بناء سد اتاتورك ب1.25 مليار $ على نهر الفرات وبعدها بني 7 سدود على نهر دجلة باموال خليجية لغرض تمرير فكرة النفط مقابل المياه بعد تعطيش العراقين رجالا ونساء واطفالا وارضا وها هم اليوم يفعلون ذلك , فما فرقهم عن من عطش اطفال الحسين (ع) ؟!

لكن لماذا مجلس النواب ومجلس الوزراء ووزارة الخارجية ووزارة الري لم تهتم بهذا الامر كثيرا كاجراء مسبق واحترازي لمواجهة الازمة مع تركيا حتى جفت الانهار والترع في العمارة وبدءت النزاعات العشائرية على تامين مياه الشرب ليس الا , فاذا كان الساسة في العراق محكومين باجندة اقليمية لا يمكن تخطيها فيفترض بفصائل الحشد الشعبي ان تكون هذه الكارثة من صميم اهتمامتهم بعد ان عطش وسيعطش اكثر اهاليهم واراضيهم وحيوانتهم واحيائهم , فلا يعقل ان تدافعون عن الاخرين وتتركون اهاليكم يموتون عطشا, كذلك اين صوت منظمات المجتمع المدني ؟! واين منظمة حقوق الانسان ؟! ونذكر بان العراق هدد تركيا في الثمانينات والتسعينات عندما ارادوا تقليل الحصص المائية له , فاذا كان تصرف النظام السياسي المذكور طائشا فنذكر بان الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم هدد تركيا بقصف سدودها لو اخلت بالتزاماتها وقللت التدفقات المائية عبر نهري دجلة والفرات .

نقول لو كانت هناك وقفة شعبية جادة بتعالي الاصوات واجراء حكومي على الاقل بالتهديد لايقاف دخول البضاعة التركية للعراق والتي تقدر قيمها بعشرات مليارات من الدولات سنويا والتلويح بوقف ضخ النفط عن طريق ميناء جيهان لكان الحل على الابواب ولرايتم قد امتلا نهري دجلة والفرات بموج المياه الهادر .

*اكاديمي وكاتب عراقي مستقل

[email protected]

16-2-2018

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here