صرخات من العالم السفلي لأصحاب الجلالة

سالم سمسم مهدي

حقق العالم العربي في عصرنا الحديث تراجعا وانغماسا في الجهل لا يوازيه عليه احد مع ان هذا التراجع مصحوبا بصرخات استغاثة تقطع النياط مصدرها الاغلبية الساحقة القابعة في قعر السلم الاجتماعي الذي حاصرته فيه احابيل الحاكمين …

لقد تعدى الظلم الاجتماعي الذي اصاب هذه الاكثرية ما كان عليه الانسان العربي زمن الجاهلية التي انقذها الاسلام من مزالق عديدة فبدد ما كان عليه الواقع المظلم من سوداوية …

فضلا عن أن العرب انفردوا بما هم فيه من انغماس بالمفاسد على حساب الأوليات المهمة التي تفرضها حقيقة مجريات التطور …

ولكي نسمع ونتصفح ردود أفعال أولئك الذين يعانون من الإهمال وركد بهم الزمن في القعر الاجتماعي تاركاً لهم الالم والمشقة في مقارعة الحياة …

فضلت أن أبدأ بالمغرب العربي حتى أتجنب تهمة التحامل أو الاستهداف التي يشهرها الفاشلين في الشرق بوجه كل من ينطق بالحقيقة ويتصدى للفساد …

ومن الأسباب التي دفعتني على أن أبدأ من الغرب العربي هو لقربه من مركز الحضارة المعاصرة في اوربا ولوجود جاليات كبيرة هاجرت من هناك سبقت التي هاجرت من الشرق والمفروض ان يولد الاحتكاك بالمثقف او المتطور انعكاسا على من هو اقل معرفة وتدفعه الى تغيير نمط حياته وأسلوب معيشته ولكن للأسف ذلك لم يحصل جوهرا وان انتشر مظهرا …

فدولة المغرب تشهد عدم استقرار سياسي وتغير مستمر بالتشكيل الوزاري وتراجع اقتصادي وارتفاعا في نسبة البطالة بين الشباب دفعهم للقيام بأعمال عالية الخطورة لضمان لقمة العيش وما حصل لشقيقين في مدينة جرادة في احد المناجم القديمة والخطيرة أنهار عليهما وادى الى مقتلهما مثال بسيط على ما يجري في ذلك البلد ودفعت باتجاه قيام الاحتجاجات العنيفة امتدت لمدن اخرى وما زالت مستمرة وحذرت منظمة العدل والتنمية الدولية لدراسات الشرق الاوسط من تصاعدها …

أما الجزائر التي يتمسك بالسلطة فيها رجل مقعد وكأن البلد لم ينجب غيره فان الاوضاع الاقتصادية والغلاء والبطالة ليس بأفضل من جاراتها فضلا عن ان هناك قتال متقطع بين القوات الامنية والمسلحين لم يتوقف حتى الان …

وكل هذه المتاهات التي يعيشها الشعب الجزائري يقابلها هيمنة مجموعة من الاشخاص على صاحب القرار ويقود هذه المجموعة سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس العاجز وهي حريصة على بقاء الاوضاع الحالية كما هي كي تتمتع بهيمنتها التي سببت تصاعد وتيرة الفساد …

أما تونس فلقد عبر عن حالها صريحا الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة عندما قال : ( اعداء تونس هم من داخلها ومن أبنائها ) وان الوضع هناك ما هو بأفضل من دول المغرب الاخرى فالأوضاع الاقتصادية الصعبة وتراجع الخدمات الصحية والبطالة والفساد وصلت الى مراحل عالية من التدهور …

ولا تبتعد موريتانيا كثيرا عما يجري عند جيرانها فضلا عن أن الحاشية المحيطة بالرئيس محمد ولد عبد العزيز أقنعته بتعديل الدستور كي يسمح له بالترشيح لولاية ثالثة حتى تكرس هذه الحاشية نفوذها ومكاسبها …

أن الدم النازف في البلدان العربية الأخرى يَعد اضافة اخرى للمشاكل المشابهة التي تعاني منها نظيراتها السابقات فالقتال المتفاوت على الارض العربية في ليبيا والعراق واليمن وسوريا مرورا بمصر والسعودية وكل الدول الاخرى التي تشترك بحروب المنطقة مهما كانت نسبتها فيها …

جرد أبناء هذه البلدان من كريم العيش وجعل شبابها ينتشرون في بلدان العالم البعيدة كي يشعروا بإنسانيتهم ويحافظون على كرامتهم التي لا يحترمها رعاة الحكام وأجلاف العرب ولكن مع هذا تبقى معايير الانسانية تصب لصالح اولئك الذين حكمت عليهم الظروف وحبستهم في قعر زنازين التأخر وشظف العيش كما تفعل عصابات قطاع الطرق مع رهائنها عندما تطمأن لعدم وجود الرقيب …

سالم سمسم مهدي

سبب هذا الحادث تكرار التظاهرات والاحتجاجات في مدن اخرى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here