عن سيرة حياة مؤلفة رواية فرانكشتاين بعد 200 عام من صدورها

ترجمة: المدى 

قبل 200 سنة وبالتحديد في شهر كانون الثاني من عام 1818 نشرت لاول مرة رواية (فرانكشتاين) باسم مجهول وتحت عنوان بروميثيوس الحديث ، ،ولدت ماري شِلي مبدعة هذه الرواية في عام 1797 ورحلت عن عالمنا عام 1851 بعد حياة مليئة بالمغامرات والمآسي ،كانت ماري شيلي تؤمن بالفكرة التنويرية القائلة بأن الناس تستطيع الأرتقاء بالمجتمع من خلال الممارسة المسؤولة للسلطة السياسية,لكنها كانت تخشى من أن الممارسة غير المسؤولة للسلطة قد تؤدي إلى الفوضى هناك عدد ليس بالقليل من الشخصيات في حياتها والتي تغري من يقرر كتابة سيرتها الذاتية . فهي ابنة الفيلسوف الراديكالي والروائي وليام غودوين والمفكرة والناشطة النسوية البارزة ماري ولستونكرافت (التي توفيت بعد بضعة أيام من ولادتها)، هربت مع الشاعر بيرسي شيلي وهي في سن السادسة عشرة وتزوجته ؛ وتجولت في أوروبا برفقته و شيلي: (1792 – 1822) شاعر إنكليزي رومانتيكي مهم، يعتبر واحداً من أفضل الشعراء الغنائيين باللغة الإنكليزية.
بدأت في الشروع في كتابة رواية فرانكشتاين في عام 1816 ولكنها لم تنته منها الا بعد عامين، ونشرتها باسم مجهول في يوم رأس السنة الميلادية من عام 1818. ولكن الكاتبة ماري شيلي سوف تكتب نسخة منقحة وموسعة للرواية في عام 1831، بالإضافة إلى خمس روايات أخرى والعديد من القصص؛ ولكن أيا منها لم يكن مبتكرا، ولم يترك أثرا علميا كبيراً مثل رواية فرانكشتاين. واصبحت الذكرى المئوية الثانية لنشر الرواية التي تصادف هذا العام مناسبة لعقد المؤتمرات وإعادة طبع الرواية واعداد المسرحيات والمسلسلات التلفزيونية والأفلام المأخوذة عن الرواية وكذلك تأليف الكتب، التي تتناول السيرة الذاتية للمؤلفة كما هو الحال مع الكتاب الذي صدر مؤخراً عن حياتها من تأليف الشاعرة فيونا سامبسون.
تفتتح المؤلفة كتابها بوصف جذاب لفيلم فرانكشتاين الذي عرض عام 1931 باعتباره “خليطا من الرعب والكوميديا “، وخاصة في اللحظة التي يرى فيها العالم مخلوقه الذي صنعه وهو يبدأ بالتحرك:فيصيح منفعلا “إنه على قيد الحياة، إنه يتحرك. انه حي! انه على قيد الحياة، انه على قيد الحياة، انه على قيد الحياة! انه على قيد الحياة! “تشير المؤلفة في كتابها هذا، الى ان، لحظة الخلق هي ذات خصوصية أكبر ومتعة أقل. الدكتور فرانكشتاين ينظر الى مخلوقه بشيء من القلق، و تقول المؤلفة في كتابها “هذه الرواية تعطينا مشهداً لا يعبر عن النجاح ولكن عن الفشل”. وقد وصف النقاد رواية فرانكشتاين بأنها تتحدث عن “أسطورة الولادة”، على حد قول إلين مورس، في كتابها الأدب النسوي الصادر عام (1963): فهي قصة تعكس مخاوف الأمهات والأخطار التي تحدق بهن . لكن فيونا سامبسون في كتابها هذا تضعها في خانة قصص الرعب المأساوية والبروميثية، التي تتحدث عن رجال العلم الذين يحاولون خلق حياة ومثالية، ولكنهم لا ينتجون سوى الوحوش والموت.
تعلن سامبسون أن سبب اهتمامها بماري شيلي يعود أساسا الى انها “شخصية حقيقية، مليئة بالتناقضات الحية”. إنها تريد أن تعرف كيف أصبحت هذه “الأم المراهقة غير المتزوجة” كاتبة بارزة بدلاً من متأملة صامتة. كيف استفادت من “الموارد غير العادية” التي كانت موجودة في بداية “حياة صعبة للغاية ” لخلق “اثنين من النماذج الأكثر التصاقا بثقافتنا”، الصانع والوحش. وكما ذكرت فيونا سامبسون في مقدمة الكتاب فإن هدفها الجريء والطموح، من هذا الكتاب هو “جعل ماري أقرب إلينا، وأقرب أكثر ، الى حد كبير حتى يمكن لنا فهمها بشكل أكبر”. وسامبسون استطاعت تحقيق ذلك من خلال التفاصيل الكثيرة التي توردها اثناء تفحصها الدقيق لكل المجلات الصادرة آنذاك والرسائل التي كتبتها ماري شيلي، بالإضافة إلى مخطوطات رواية فرانكشتاين ودائماً ما كان لا يُنظر إلى ماري شيلي على كونها كاتبة بالمعنى الحقيقي.و لكن بعد وفاتها كانت تُذٌكر فقط على أنها زوجة بيرسي شيلي ومؤلفة فرانكنشتاين تمزج » فرانكنشتاين« بين المواضيع ذات الطابع العميق والمعزول وبين تلك التى تثير الشك والفكر كغيرها من القصص ذات الأسلوب القوطي السائد في ذلك العصر. فبدلاً من التركيز على الجانب التشويقي للحبكة الدرامية , تركز الرواية بشكل أساسي على الصراع العقلي و الأخلاقي لبطلها فيكتور فرانكنشتاين. كما صبغت شيلي النص برومانسية مسيسة من ابتكارها, حيث تنتقد من خلالها فردية وأنانية الرومانسية التقليدية. ففكتور فرانكنشتاين يشبه ستان في الفردوس المفقود و بروميثيوس في الأسطورة اليونانية: فهو أيضاُ ثار على التقاليد; وأنشأ لنفسه حياة; وشكل قدره بنفسه . لكن هذه الخصائص لم تُقدم بشكل إيجابي “فطموحه الجامح هو بمثاية خداع للنفس, متخفية في بحثه عن الحقيقة”. فعليه هجر عائلته لكي يحقق طموحه في تموز من عام 1822،و في ذروة شهرته كشاعر، غرق زوجها الشاعر شيلي في احدى مغامرته المتهورة في إيطاليا، وتقضي ماري بقية حياتها دون أي دعم من قبل عائلته، فتقوم بنشر مذكرات زوجها، لغرض كسب المال من أجل تمكين ابنهم من أن يصبح مواطناً حقيقياً ، ويرثي لفشل آمالها في أن تكون( شيئا عظيماً وكبيراً) “.
ومع ذلك فإنها في نظر فيونا سامبسون مؤلفة هذا الكتاب ، كانت هي”الناجية العظيمة”. وفي حين أن سيرة حياتها لن تكون الكلمة الأخيرة التي تقال بحق ماري شيلي الحقيقية، لكنها سيرة عاطفية تكشف عن تلك العناصر التي حافظت على أن تجعل روايتها نابضة بالحياة لمدة 200 سنة.
 عن مجلة سبيكتاتور

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here