موجات التسمم والتسميم في العراق – تطهير عرقي ام فساد مالي. التسمم بمركبات الزئبق العضوية Organic mercury الموجة الثانية.

د. عبدالحميد العباسي

الموجة الثانية. خريف عام 1972 وكنت عضو هيئة التدريس في كلية الطب. أُبلغ عن تسمم بالحنطة بين القرويين خاصة في وسط وجنوب العراق وبالاخص في مشروع المسيب الكبير. نفس سياق موجة عام 1956 وزعت الحبوبُ الى الفلاحين بعد موسم الطشاش (الزرع) فاكل الفلاحون ماوزعت الحكومة اليهم من الحنطة, ليس هذا فقط بل انهم باعوا الى المخابز ما فاض عن حاجتهم فانتشر تناول هذه الحنطة الى شرائح اخرى من السكان. كما انهم اطعموا مواشيهم منها ايضا. لم يأمن العراقي اجراءات الحكومة عبر التاريخ ويتمرد عليها احيانا, يقول له القاضي في المحكمة *النجاة في الصدق* وحالما يصدق (يعترف) يحكم بالاعدام او السجن. اخذت منظمة الصحة العالمية ببعض مقترحاتنا فاضيف الى الحنطة صبغ احمر ولكن لم تضف رائحة كريهة, كما اردنا. غسّلَ الفلاحون الحنطة قبل خبزها. واحترزوا اكثر بان اطعموا الحنطة للدجاج اولا ولما لم تطهر على الدجاج اعراض تسممية تناولت عجوزهم منها ولم تطهر عليها اثار تسمم فبادر الاخرون الى اكل خبز تلك الحنطة. كان ذلك احتراز علمي في التعاطي مع ما دة قد يكون لها اثار سُمِّية إإإ حالما سمعت بهذه الحوادث كان واضحا لي ان السُم نفسه الذي اصابنا عام 1959 وهو الزئبق العضوي وقرعنا جرس الخطر الا ان مدير الصحة الوقائية, الكارثي كان وجوده على راسها, استمر في تطمين (خداع) المواطنين على الا خطورة خاصة من حليب المواشي, علما ان المواشي كانت تعتاش على حشائش من تلك الحنطة وتشرب من من مياه الواح زرع تلك الحبوب وعليه فلحومها وحليبها قد تكون مسالك لوصول السُم الى الانسان. لقد عرفنا بعد ذلك ما كان معروفا اساسا لدى الحهات الوقائية في العالم ان اثار السم قد تستغرق حوالي الشهر من تناول خبز تلك الحنطة, اي انه لو حذر المواطنون حال الابلاغ عن اول حالة لامكن انقاذ كل من تناولها خلال الشهر الذي تلا وكانوا يعدون بالاوف حسب مصادر إعلامية. واكتضت مستشفيات بغداد بهم. كيف تسلل السم الى الانسان 1. اكل خبز الحنطة المعفرة بالزئبق. ب. شرب ماء السوقي الت جرى اليها ماء الواح زرع الحنطة. ج. اكل لحم هذه المواشي او شرب حليبها او حليب مصلحة الالبان ان كان من حليب تلك المواشي. د. ارضاع الوليد حليب أُمٍ تسلل اليها السُم عبر ما ذكرته اعلاه. جدير بالذكر ان المسئولين في الصحة الوقائية اكدوا الا ضرر من الحليب. شرع الاطباء بمعالجة الحالات بزرق عقار ال BAL الذي تاكد لنا من موجة التسمم بالزيبق الاولى الا جدوى منه, فضلا عما قيل انه يُسهل تسلل الزئبق الى الدماغ ورغم ان عدم جدوى ال ب. ا. ل. قد نشرت في مقالتنا, الاستاذ الجليلي وانا, الا انهم لم يكترثوا بمتابعة ما كُتب في المصادر العالمية وهو كثير, عن هذ التسمم او الاسترشاد بما كتب إإإ. حاولتُ استخراج السم وطرحة عن طريق الكلية الصناعية في المركز الذي اقمته بعد عودتي من زمالة في امريكا ولم يكن متيسر لنا عند حدوث الموجة الاولى عام 1959 ولكن هذا لم ينفع لان الزئبق, كما عرفنا فيما بعد يلتصق بالكريات الحمر وهذه لا تمر عبر غشاء الكلية الصناعية نصف النضاح. عندها وكما فصلت ذلك على صفحتي في الفيس بوك في موضوع *الاستشعار بدون وعي* طلبت عونا خارجيا وجاء وفد خبير من جامعة روجستر الامريكية لتقديم العون لنا. شُكلت لجان براسة الاستاذ سالم الدملوجي والاستاذ فرحان باقر واضيفت اسماء اكثر الاطباء في المستشفيات التعليمية كمشاركين واستُبعدتُ انا منها’ علما بان وفد الخبراء إنما جاء بدعوة مني ولم يكن معه غير رسالتي له وهي الرسالة التي , اخبرني المرحوم الدكتور عبدالكريم الشيخلي الذي كان يتدرب لاكمال دراسته في الطب, في وحدتي بعد ان اطيح به كوزير خارجية. الرسالة التي ذهب بها وفد الخبراء, الى الممثلية العراقية لطلب الفيزا. اضيف اسمي الى الكومبارس بعد ان الح احد اعضاء الهيئئة التدريسية, دون علمي ولم اشارك معهم. رجاني البروفسور كلاركسون كبير خبراء الوفد الامريكي ان نجري نحن انا والوفد بحثا منفصلا. وقد كان وتمَّ استنباط طريقة اصيلة ( يعزوها البروفسور لي) ونُشرت ثلاثة مقالات اصيلة اخرها كانت مقالة, اسمي الاول فيها وهي الطريقة المعتمدة الان عالميا والتي يتم بها إستخلاص الزئبق من اتحاده بالكريات الحمر وذلك اثناء مروره في الكلية الصناعية, ثم يطرح الى الخارج دون ان يتواجد في الجسم بشكله الحُر إذ لو دخل الجسم بشكله هذا, لتسلل الى الدماغ في الحال وبشكل واسع ان لم يكن قد فعل. عولجت حالات عديدة وتحسنت او شفيت. لاصف الآن لكم منظرا بنوراميا لحالة المصابين: غرفة (ردهة) فيها ثمانية او عشرة شباب من عائلة واحدة بين اعمى واطرش ومشلول ومن في حالة رعاش او صرع او هذيان, جمع منها او كلها, ترعاهم عجوز هي الوحيدة في العائلة القادرة على تقديم عون لهولاء وهناك اطفال من العائلة في ردهات اخر مصابون بالعمى والطرش والشلل جراء الرضاعة من امهاتهم ممن تناولن الحنطة فمتن او اصابهن ما اصاب الاخرين او ممن شربوا حليب ابقار تسلل السم اليها بعد اكلت حشيشا من بذور تلك الحبوب المعفرة او شربت ماء السواقي التي اختلطب مع مياه سقي ازرع.اما ما كان وما حصل في الجبهة الاخرى من الباحثين, فيندى له الجبين من الافتقار الى التناغم مع الام المصابين الى الانهماك لتسجيل وصف قد يكون مادة لمقالة تعينهم على الارتقاء في السلم التدريسي ولا احد يسال كيف حدث الذي حدث. ما زلت اذكر تلك الطبيبة العربية التي كانت تغرس ابرة في عين مريض يعاني اهوال المرض, تريد عينة لمعرفة مقدار الزئبق بها لتكتب مقالة وقد طردتها. والان الى بيت القصيد:
كان واضحا ان السم يختلف عن الذي سبب الكارثة عام 59 فمسببُ كارثة 72 يحدث تخريبات واسعة في الدماغ في حين سابقه كان يخرب الجلد والاحشاء والقلب بشكل اشد وعليه فالسم مختلف. اتصلنا بالطب العدلي لنحصل على نموذج من الحنطة التي اودعناها لدي المعهد عام عام 59 فكان نموذج الحنطة الذي حصلنا عليه منهم خالٍ من الزئبق, قالوا تُركت القنينة بلا غطاء فتبخر(تسامى) الزئبق خلال السنوات. تترك القنينة بلا عطاء لسنوات في معهد عرف بالسرية والالتزام إإ. اخبرني البروفسور كلاركسون انهم بصعوبة بالغة وطرق غير تقليدية, تمكنوا من الحصول من المكسيك, مصدر الحنطة التي اشتراها العراق على ما يكفي لتحديد نوع المادة الزئبقية التي تبين انها الزئبق المثيلي Methyl-mrcury. وهو احد ملوثات البيئة ويدحل سلسلة الطعام عن طرق اللحوم البحرية ومن هذا جاء الاهتمام بالبحث حوله. وقد منعت منظمة الصحة العالمية تصنيعه وطلبت إتلاف ما هو موجود منه وذلك قبل ما يقرب من عشرة سنوات من موجة التسمم الثانية في العراق. اشترى العراق من المكسيك عام 72 او حوالي هكذا زمن 95 الف طن من الحنطة المعفرة بهذا النوع من الزئبق, فكيف وجده ومن دَله عليه؟. التخلص من هذه الكمية من الحنطة. والمطلوب التخلص منها, يكلف الشركة المنتجة مبالغ طائلة وتكون الشركة قد ربحت هذه المبالغ لو تعهد احد بتخليص الشركة من تلك المادة وتكون الشركة مستعدة لبيعه الى*المشتري* في هذه الحال, مجانا ان لزم, فهل اشترت الحكومة تلك الحنطة او موظفها المسئول, مجانا؟ سمعنا ان ذلك الموظف قد مات في حادث سيارة. مركبات الزئبق التي تستعمل لتعفير الحبوب منعا للتعفن اثناء الخزن, انواع ثلانه الفنيليPhenylmercury وهو سليم والاثيلي الذي كان سبب الموجة الاولى عام 59 والمثيلي اخطر الثلاثة واشدها فتكا, ليس هذا فقط فقد يحدث تاثيرات نفسية وانه احد اسباب علة *التوحد*. لماذا لم يستفيدوا من تجربتنا في الموجة الاولى من التسمم باالحنطة؟, لماذا *اشترينا* حنطة معفرة باكثر انواع الزئبق خطورة, كيف وجدناها وهي بضاعة ممنوعة حالها حال المخدرات, كان يجب ان تطمر حال صدور قرار منظمة الصحة الدولية بتحريمها, ثم هل كانت هناك عمولة ولمن؟ ولماذا لم يُحذر الناسُ من مخاطرها؟ طلاسم ما نحل احدها حتى تاتيك اخريات. وسؤال واحد ربما وجد حلاًإإ اخبرني الدكتور عبد الكريم الشيخلي الذي كان يتدرب في وحدتي باشراف الدكتورعلاء الخالدي, قال: *سؤل الفلاحون لماذا اكلتم هذه الحِنطة؟ الم تروا علامة التحذير على اكياسها (والتي كانت جمجمة تحتها عظمان اا) اجاب الفلاحون *تصورناها شعار الحزب)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here