جراحنا تنمو.. فلنعيد كرمة المسرح

ايناس طالب*

سفحت الاحداث كرامة الثقافة العراقية، بمفاصلها كافة.. الادب والفن والاعلام والشؤون الاكاديمية، من خلال وقائع تراكمت، منذ إشتعال فتيل المعركة الاخلاقية بين حماسة التأمل والإنفعالات الهوجاء التي أسفرت عن حربين طاحنتين وحصار ذي توابع حسمت نفسها بإنهيار دولة العراق يوم الاربعاء 9 نسان 2003.

ميادين الحياة العراقية كافة، إنهارت حوافها متساقطة الشظايا نحو هاوية حادة.. لا نهائية.. سفوح عميقة الغور ضبابية ظلماء مثل بئر يلقى فيها يوسف في كل مرحلة من الزمن العراقي الذي يفند ذاته أضعافا مضاعفة الخراب.. في نوع من مشهد يحبط الرؤية ويخرس الحديث فينقطع الحوار.. بين المثقف والمرحلة؛ لان.. لكل زمان دولة ورجال.. ورجال هذه المرحلة هم ساسة فاسدون وادعياء فن وادب واعلام و… حتى الجامعات اخترقت بممارسات لا صلة بين تخلفها ورفعة الحرم الجامعي.

ثمة مسافة بينية حائرة تفصل الانسان المتحضر عن جذوره الاصيلة؛ إذا أجاد الوصل بينهما حقق مشروعية التطلع الى ذرى شامخة وفضاءات مفتوحة، من دون ان ينفلت وجوديا من رصانته الراسخة… ثباتا.

ونحن نعمل على اعادة كرامة المسرح التي سفحتها اقدام الطارئات والادعياء، لن ننسى خطوط عمل ثقافي ومعرفي وجمالي وخدمي، تسيّر عجلة الحضارة بموازاة الثقافة، إنفرط عقدها وتطشرت خرزات الؤلؤ متقافزة من دون هدى ولا توجيه، هباءً في مهاوٍ أساءت لرفعة المنجزات السالفة والآمال المرتجاة.

العودة الى كرامة العلم والفن والادب، لا تتحقق منهجيا الا بنيّة صادقة يقدم عليها المعنيون بإرادة تدعمها وفرة المستلزمات.. من تشريع قانوني تسنه الدولة دستوريا وتمويل منظم لا فساد فيه ولا زوائد تبعثر المتن في سبيل الهامش.. بل تنجعل الهامش متنا والمتن بدداً!

الحث الدافع الى التطلع نحو حداثة ننطلق اليها بقدمين راسختي الجذور في أصول الماضي وفروع المعرفة، بالفعل وليس النية والعمل وليس التمني والنزاهة من دون ما فساد..

تلك هي توصيفة ناجعة لاصلاح شؤون الثقافة الفارطة ذهابا الى ما فات وتعويضا عما سلف وبناء لمستقبل وطيد، نتوخاه ونتهجى حروفه كما لو نبدأ من أول لوح طيني ندون عليه إسطورة كلكامش معاصر يجبُّ ما قبله إنفتاحا على الآتي بزهو كبرياء الهداة وهدوء الأمراء ورخاء العارفين الذين يتصوفون بالتماهي مع الملاك الحارس للكون.. ما ضيا وحاضرا و… أبدا.

· فنانة عراقية

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here