بناء سدّ «أليسو» زاد الأمر خطورة الموصل مهددة بالعطش وانقطاع الكهرباء.. ودجلة يحتضر

لم يقتصر شحّ المياه في نهري دجلة والفرات على محافظات وسط العراق وجنوبه، بل تأثرت المناطق الشمالية به إلى حد كبير مع بدء السلطات التركية ببناء سدّ «أليسو» القريب من الحدود العراقية التركية. وتشهد محافظة نينوى وعاصمتها الموصل جراء ذلك ومنذ أيام، نقصاً وتراجعاً كبيرين في خدمة التيار الكهربائي وتوفر مياه الشرب. وتؤكد مصادر محلية من قضاء الموصل (مركز محافظة نينوى)، أن الجانب الأيمن من مدينة الموصل، الأكثر تأثراً بالمعارك التي قادتها القوات العراقية ضد تنظيم داعش في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، تنعدم فيه شبكات المياه المخصصة للشرب بعد تعرضها للقصف الجوي من قبل طيران التحالف الدولي. وتشير المصادر إلى انقطاع تام للتيار الكهربائي في المدينة، بينما لا تستمع الحكومة العراقية لمطالبات المواطنين بتحسين ظروف العيش والواقع الخدمي للمدينة المنكوبة بسبب الحرب. يحدث هذا في الوقت الذي يعتبر فيه رئيس لجنة المهجرين بالبرلمان العراقي حنين قدو، أن المنظمات الدولية الإنسانية، التي تعهدت بإعمار البنى التحتية لمدينة الموصل المنكوبة، «غير صادقة». وقال قدو «الحكومة تواجه تحديات كبيرة في مجال إعمار المناطق المدمرة، مع النقص الكبير في الخدمات الأساسية من كهرباء وماء ومستشفيات ومراكز صحية ومدارس وبنى تحتية كالجسور والطرق». وتابع في تصريح صحفي، أن «هناك مبالغ كبيرة خصصت من الحكومة لمحافظة نينوى، لكننا لا نعلم ما هو مصير تلك الأموال. طالبنا الحكومة المحلية في المحافظة بتزويدنا بالحسابات الختامية والمبالغ التي صرفت». يذكر أن وزارة الهجرة والمهجرين العراقية سبق لها أن أعلنت في 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، عن عودة نحو نصف مليون نازح إلى نينوى، في حين أبدت محافظة الأنبار (غربي العراق) استعدادها لاستقبال غالبية نازحيها قبل الصيف المقبل، بعد إعادة الخدمات إلى قراهم ومناطقهم. وتحمّل البرلمانية عن نينوى جميلة العبيدي، الحكومة العراقية مسؤولية النقص الحاد في مياه الشرب والتيار الكهربائي. وقالت العبيدي إن «السلطة التنفيذية مسؤولة عن كل طفل يعطش في الموصل ولا يجد ماء يشربه»، مبينة : أن «الحكومة لم تسمعنا حين طالبنا مسبقاً بضرورة إنشاء سدّ لتخزين المياه في فترات توفره بغزارة، إبان فترة توفر الأموال والموازنات الانفجارية». وأضافت أن «الموصل لم تلتفت إليها الحكومات السابقة، بسبب انشغال المسؤولين بصراعاتهم السياسية، حتى أن أبسط الأمور لم تحدث فيها، مثل كري الأنهار(حفرها) وتنظيف قاع نهر دجلة وفرعه في المحافظة، لاحتواء كميات أكبر من المياه»، بدوره، أكد وزير الموارد المائية حسن الجنابي، توقف إنتاج الكهرباء في المحطات الكهرومائية على نهر دجلة وتوليد الطاقة الكهربائية لمناطق الموصل، بسبب شح المياه وعدم وصول الانطلاقات النهرية باتجاه المحطات. وقال الجنابي : إن «انخفاض منسوب المياه وعدم وصوله جيداً إلى المحطات الكهرومائية، سبب وقف توليد الطاقة الكهربائية في الموصل»، مبيناً أن «الأمطار الأخيرة التي هطلت على مناطق البلاد ساعدت قليلاً بارتفاعها». وأضاف، أن «السدود بالأصل لا تعمل على توليد الكهرباء إنما هي للري فقط، ولكننا نحرص على توليد الطاقة منها»، لافتا إلى أن «العراق يستعد من خلال وفد رفيع المستوى لزيارة تركيا والتفاهم حول إطلاقات سد أليسو المائي». يشار إلى أن سدّ أليسو التركي يعد أحد أكبر السدود على نهر دجلة ويقع جنوب شرق تركيا على مقربة من الحدود العراقية، ويبلغ ارتفاعه 135 متراً وعرضه كيلومترين ومساحة حوضه تقدر بـ 300 كلم مربع. ويرى متخصصون بشأن الموارد المائية أن السد سيؤدي إلى انخفاض الوارد لمياه نهر دجلة في الأراضي العراقية إلى 9.7 مليارات متر مكعب بالسنة، في حين سيترك آثارا سلبية على مجالات الزراعة، والشرب، وتوليد الطاقة، والصناعة، وإنعاش الأهوار والبيئة. بناءً على ذلك، طالب العراق الجانب التركي بتأجيل عملية ملء سدّ أليسو حتى حزيران المقبل، ووافق رئيس وزراء تركيا على ذلك، مؤكداً تأجيله بعد أن كان مقرراً في آذار المقبل.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here