فالح عبد الجبار وآخر ما قال وما فعل

آخر كتاب

جاسم الحلفي
ليس مصادفة ان يكون آخر كتاب صدر للمفكر الراحل الدكتور فالح عبد الجبار، هو “حركة الاحتجاج والمساءلة.. نهاية الامتثال بداية المساءلة”. فقد كان فقيدنا منشغلا بحركة الاحتجاج، متطلعا الى اسهامها في التغيير.
والكتاب عبارة عن بحث ميداني، قام على استطلاع لرأي المحتجين، بمشاركة فريق كبير من الباحثين الميدانيين الشباب. وكان لبعض الناشطين في تنسيقية “مستمرون” دور في انجازه، الى جانب الدكتور سعد عبد الرزاق.
خلص التحليل الى استنتاجات مهمة، منها الاجماع على اولوية الهوية الوطنية مقارنة بالهويات المذهبية والاثنية، والتأكيد في احد أهم فقرات الخاتمة ان الحركة انطلقت من “الاحتجاج على الخدمات الى مساءلة النظام السياسي برمته، في ربط محكم بين سوء الخدمات والفساد السياسي والمحاصصة الطائفية المتمترسة بالدين، مولدة زخما ينبئ بلحظة وعي جديد”، ويتطرق الى قدرة الحركة على فضح محاولات سياسيي المحاصصة والفساد استغلال الهوية المذهبية، للتغطية على فشلهم السياسي والإداري والاقتصادي. ولم يخف الفقيد الراحل أمنيته بان تتبلور حركة الاحتجاج في فعل انتخابي كبير، غايته تغيير بنية النظام السياسي، واعادة بنائه على وفق المواطنة.

آخر تغريدة

آخر ما نشره الراحل على مواقع التواصل الاجتماعي كان رأيه في تحالف التيار المدني والتيار الصدري، وأجوبته المكثفة على الاسئلة التي تستحضر وقائع من الماضي، او افتراض وقائع ضد المدنيين ستحصل في المستقبل. قال: “وقائع الماضي لم تعد قائمة، ووقائع المستقبل لم تحصل بعد”. وطرح سؤالا مفتوحا: “كيف يبني المرء توجها سياسيا على هكذا فراغ – فراغ لا يقول لنفسه ماذا حصل بين الماضي والمستقبل؟” ودعا الى التفكير بعقلانية تنظر الى الصورة بكليتها لا الى جزء منها.

آخر نشاط

نشاطه الاكاديمي الاخير كان المشاركة في مؤتمر نظمته الجمعية اللبنانية للعلوم الاجتماعية بالتعاون مع الجامعة الامريكية في بيروت، ودام يومين، لمقاربة الحركات الاحتجاجية العراقية واللبنانية ودراستها. وقد تشرفت في الاسهام معه في جلسة مشتركة، لتقديم بحثي بعد بحثه عن الحركة الاحتجاجية العراقية، يومي ٢٥- 26 كانون الثاني 2018.
لكنه لم يحضر الجلسة الاولى للمؤتمر، حيث انه خرج من المستشفى قبل يوم من ذلك، ولم يكن في وضع صحي مريح. وحينما التقيته، وكان بصحبته المسرحي جواد الاسدي والتشكيلي جبر علوان، تمنيت عليه ان يعتذر عن المشاركة في المؤتمر ويخلد الى الراحة. الا نه اصرّ قائلا ان حركة الاحتجاج العراقية وما تنطوي عليه من ابعاد سياسية واجتماعية وفكرية، هي املنا في اصلاح الاوضاع التي يعيشها الشعب العراقي. وان الحركة وهي تواصل نشاطها بتفانٍ، تجعل التفاؤل يتصاعد، والثقة تتعزز في قدرتها على ترتيب الأولويات، ورعاية المصالح العامة، والدفاع عن موارد البلد وثرواته الطبيعية، وعن حقه في تقرير مستقبله.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here