التغيير امرٌ لابد منه

لؤي الموسوي

انطلاقاً من القاعدة الإلهية التي تدعو إلى التغيير واعتمادها بالدرجة الاساس على الإنسان كما في قوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11]، إذاً من خلال الآية القرآنية المباركة نستدل ان مكامن التغيير تعتمد بالاساس على المرء نفسه قبل ان يبدأ يطالب الاخرين بتغيير انفسهم كما هو يريد.

علماء النفس في تفسيرهم عن التغيير وكيف يستطيع الانسان ان يغيير من واقعه المرير الى الاحسن، برسم صورة جميلة لمستقبله في مخيلته فيتم تلوين هذه اللوحة الفنية بالفكر الايجابي وكيفية تحقيقه والتركيز عليه وطرد كل الافكار السلبية التي تراوده، فبهذا سوف يكون عنصر فاعل ينفع نفسه اولاً ثم مجتمعه.

لكل انسان هدف بالحياة وحِلم يسعى لتحقيقه قدر الإمكان، وتحيق هذا الهدف يعتمد على الشخص ذاته، وبما إن طبيعة الإنسان توجد بداخله غريزة نحو التغيير “التجديد” وتقبله وينسجم معه بفترة زمنية قصيرة جداً، فمثلاً على سبيل الحصر كانت وسائل النقل قديماً بواسطة الخيول، اما الان فاصبحت المركبات والطائرات هي الوسيلة المريحة التي يستقلها في سفره وقضاء عمله والمريحة لأي جهة يقصدها من العالم، كذلك مثلما كانت الرسائل ترسل بواسطة نوع من طيور الحَمام ألآن فبضغطة زر تُرسل الملايين من الرسائل فضلاً عن ذلك اصبح العالم الآن متناول بين يديك، فإذاً له القدرة على تقبل التغيير التكنولوجي وينسجم معه جملةً وتفصيلا، ايضاً فيما يخص جانب العقيدة ان لم يكن قلب الإنسان مهيء للايمان ليس بالامكان ان يدخل الايمان قلباً فيه شائبة تشكيك كما حصل للاقوام الماضية، ولهذا إن الله وجد الارضية الصالحة في انبيائه ورسوله في هداية الناس فكلفهم بهدايتهم بحمل تلك الامانة الثقيلة بحمل رسالة السماء.

المرجعية الدينية لطالما طالبت مِراراً وتكراراً من خلال منبر الجمعة على وجوب التغيير نحو الاحسن، بتغيير الواقع المؤلم الذي يعيشه العراق من مأسي وألآم وحرمان، جراء العمليات الارهابية التي ذهب ضحيتها عشرات الآلآف مابين شهيد وجريح وكذلك الفساد الإداري والمالي الذي اثقل كاهل المواطن، فطالبت المرجعية بتغيير الوجوه التي لم تعمل للشعب المظلوم شيء بل كانت تلك الوجوه تشكل عِبئاً على الدولة والمواطن فقالت كلمتها المجرب لا يجرب، لكن لم تجد ألأذآن الصاغية الا الندر اليسير ممن يتبع خطاها وكانت انتخابات 2014 خير دليل باعادة اغلب الوجوه للمشهد السياسي.

بعد مرور خمسة عشر عامًا على انطلاق العملية السياسية والتي تسمى بالعراق الجديد مابعد سقوط نظام البعث، لم يتغيير شيء سوى جانب واحد مهم جداً، فالمواطن سابقاً كان يعيش الفقر والحرمان والحرية واليوم كذلك، اما النقطة المهمة التي كانت مغيبة سابقاً ولايمكن التطرق لها هي ان الفترة الماضية كان صوت الشعب مغيب تماماً، لا يستطيع ان يدلي بصوته في اختيار من يريد، انه كان مسيراً وليس مخيراً بسبب سطوة الآلة المجرمة، اما الان فالامر بيد الشعب فيما يريد ولكن كان في اختياره غير موفق نوعاً ما فيما اختار وهو بمنح الثقة لشخوص كانت سبباً رئيسياً فيما يعانية اليوم العراق الجديد.. بما إن التجربة الديمقراطية في العراق حديثة الولادة وبعد كل تلك التجارب السابقة من عملية الاقتراع واكتساب المواطن الوعي الكامل والارادة فيما يختار، اصبح إلزاماً باجراء التغيير الذي لامفر منه وقلب المعادلة نحو الافضل بطرد العناصر الفاسدة والمتاجرة بالعراق والاتيان بمن يثق بهم ممن يعمل لخدمة الوطن وتوفير سُبُل العيش الكريم لمواطنيه ولا يكون ذلك إلا بعملية التغيير القادمة، التي ستجري في الثاني عشر من شهر أيار المقبل عِبرَ صناديق الاقتراع.

اوروبا خاضت حروباً دموية بشعة مطلع القرن العشرين ذهب ضحيتها الكثير من شعوبها يقدر عدد الضحايا بالملايين من مواطنيها فضلاً عن الانهيار الذي اصاب اقتصادها و البنى التحتية لها بسبب نزوات قادتها، لكن ماذا بعد كل تلك الحروب والثورات، ادرك مواطنوها وقادتها ماذا سنجني ان استمرت الحرب لاشيء سوى الدمار وفقد الاحبة فوضعوا مصلحة بلدانهم ومواطنيهم نصب اعينهم فقروا الانتقال من مرحلة الحروب الدموية إلى الثروة الصناعية، وهاي هي اليوم اوروبا اصبحت الق بالرُقي والتقدم الصناعي والتكنولوجي وفي رفاهية مواطنيها وملاذاً آمِناً للمغتربين يقصدها الشارد والوارد.

اليوم المواطن العراقي يمتلك فرصة ذهبية يحسد عليها من قِبل شعوب المنطقة بتحديد مصيره واختيار من يود في من يمثله بالحكومة ومجلس النواب، فعليه اليوم ان يتعض من حروب اوروبا ومواطنيها بان يحدث ثورة بنفسجية تختلف عن سابقاتها بإزاحة الفسادين والمقامرين والمجيء باشخاص لا هم لهم سوى العراق وشعبه وهويته الوطنية، بهذا المستوى والاختيار الصحيح سنوؤسس قاعدة رصينة للاجيال القادمة في محاربة الفاسدين وتمكين المخلصين لقيادة البلد نحو افاق مستقبلية لا تَقِل شأناً عن اوروبا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here