العالم حي لا يندرس ذكره (فالح عبد الجبار )

ماجد زيدان

سمعت عن عالم الاجتماع فالح عبد الجبار وقرات له في بغداد عندما كان يعمل في طريق الشعب ، والتقيته وعرفته عن قرب في دمشق، المنفى قربني منه كانسان اكثر .. في نشاطه المتنوع والغني دائما تجده حاضرا امامك في اي محفل او منتدى ثقافي يعقد انذاك ، يناقش بحيوية ويطرح افكاره بجراة ، وامتلك قدرة كبيرة على الاقناع في ساحة سمتها الصراع الفكري والسياسي بين قواها المعارضة في سنواتها الاولى رغم الغربة ، فجاء مؤلفه الذي صدر عن “مركزالابحاث ..” في عام 1983 بعنوان ” المادية والفكر اليني المعاصر- نظرة نقدية ” ليكون سلاحا بيد اليساريين والديمقراطيين في مواجهة الاسلام السياسي الذي كان يجهد للنيل من القوى الاخرى !.

عندما عملت في ادارة مجلة ” النهج ” ومركز الابحاث والدراسات الاشتراكية في العالم العربي كانت لدي صورة مغايرة عنها وتغييرت منذ اليوم الاول ، فهذه المجلة الواسعة الانتشار والرصينة ، كانت الاكثر طباعة لاعدادها وتوزع في بلدان عديدة العمل كله يرتكز على دعامتين ، هما الماهر الحاذق ماهر الشريف عضو ل.م حزب الشعب الفلسطيني والكاتب فالح عبد الجبار وليقع لاحقا جله عليه لانشغال الشريف بمكتب حزبه ..كان كتلة من النشاط وشعلة متوهجة ليس على صعيد المعرفة وانما على نسج العلاقات مع الكتاب والباحثين ،وولى عناية خاصة بالشباب منهم نشر للعديد منهم مقالات ودراسات بل وكتب في المركز وخارجه بتوصية منه .

مرة سالته من اين تجد الوقت لكل هذه الاشياء، وكيف لا تنسى ، قال اعرف كم مرة قلت لكم عن اشياء ولم تعملوها وكان مصيبا .. انذاك كانت مديرة المكتب طيبة الذكر السيدة الرفيقة ليلى محكومة بالتوجيهات و” الجود من الماجود ” دائما تجيبني على الطلبات ” غلس” .. وعندما سافر الى لندن ذكرنا مازحا بذلك … قريحته منفتحة على اقتراحات وافكار تطويرية ولكنها تصطدم بالواقع والامكانات ..

قال ان يوم عمله يستمر من الصباح الى ساعة متاخرة من الليل ويقرا يوميا مابين 400- 500 بين مقال ودراسة وبعض الفصول من كتب الى جانب ما يكتبه ..

فالح كان متقشفا في حياته قريب من نهاية الشهر يقف بباب الغرفة قائلاخلي نروح على واحد نستدينمنه ولا يطالبنا بالتسديد وليس هناك من هو اكبر من دائن المرحوم غانم حمدون ..يذهب تشيعه ليلى بابتسامتها ، لانها لاتدفع الرواتب الا في اليوم الاخير من الشهر ..

تمتع بصفات الحنية عندما عملت في المجلة اكد على الاستفادة من خبرة الشهيد ابو فرات “هادي صالح ” في المسائل الطباعية وكان على علاقة مميزة به ورثاه لاحقا في جريدة الحياة اللندنية في صورة من صور الوفاء للعاملين والمعارف معه .

لاحظت ان الكثير من الكتاب والباحثين ينادونه بلقب دكتور ،حتى مرةفي ندوتي مجلة النهج

الموسومة اكتوبروتجديد العالم عام 1987 والاخرى ” البريسترويكا ” عام989 1 يراجعه المنتدون بشان مداخلاتهم لتواضعه وتبسطه ويناقشونه في طروحاته المتميزة وينادونه بالقب العلمي وينفي ولكن لا فائدة لما يتمتع به من ثقافة وذكاء ، يمازحهم ابو نبيل قائلا تره هو صف ثالث متوسط ما مخلص واني صف خامس ما مخلص ..

ذهب فالح الى لندن واستقر هناك كنا نتابع اخباره وانتاجه والتحولات في افكاره ، وعندما يزور كوردستان استفدنا منوجوده ، فكانت تجمع اللجنتيين المركزتين للاستماع الى جديده ورؤيته للتطورات الفكرية والسياسية ” حشع “حشك” ،كم اسهم في ندوات عقدت في الاقليم والقى دراسات فيها تميزت بالابتعاد عن المباشر والاستفادة من التاريخ والتجريد النظري لايصال افكاره في تجنب للتقاطعات والانتقادات التي قد لا يقدر الهدف منها البعض والحث على ما يجب ان يكون عليه الاقليم ..

لم يقتصر نشاطه على الكتابة والبحث وانما نقل المعرفة الى الاجيال الجديدة وتدريبها ففي كوردستان شارك ببناء برامج من خلال معهد الديمقراطية وحاضر فيها … الى ان تمكن من تكوين مركز دراسات عراقية الذي تدرب به عراقيون من كلا الجنسين لغاية الان يشدون بتجربتهم فيه .

حقا ما تركه العالم فالح عبد الجبار ” ابو خالد ” اثرى المكتبة العربية والعالمية والعرفة عموما نم قرير العين لن يندرس سيكون موضوع دراسة واستشهاد وبحث ويشاراليك والى هذا النتاج بالبنان وسيتذكرك محبوك والمثقفون بما يليق ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here