الأمم المتحدة: مقتل كثير من المدنيين في غارات روسية وأمريكية بسوريا

قال محققون من الأمم المتحدة في جرائم الحرب يوم الثلاثاء إن غارات جوية شنتها روسيا والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أودت بحياة عدد كبير من المدنيين في سوريا العام الماضي، في حين شنت القوات الحكومية هجمات كيماوية في الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها قوات المعارضة.

وأضاف المحققون في أحدث تقرير يغطي الأحداث التي دارت خلال ستة أشهر حتى منتصف يناير كانون الثاني أن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وجماعات مسلحة أخرى ارتكبوا جرائم حرب منها هجمات فتاكة على المدنيين واستخدامهم دروعا بشرية.

وقال باولو بينيرو رئيس لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا إن التقرير جاء في ”لحظة قاتمة للغاية في هذا الصراع“ مع ازدياد حدة القتال في إدلب وعفرين والغوطة.

لكنه قال خلال مؤتمر صحفي إن اللجنة ”ليست محكمة“ ولا تملك سلطات لتوسيع التحقيقات.

وذكرت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أنه خلال تلك الفترة ”عانى ضحايا الصراع السوري كثيرا مع تصاعد العنف مجددا في أنحاء البلاد إلى مستويات مرتفعة جديدة“.

وقالت في تقريرها ”قوات الحكومة تواصل استخدام الأسلحة الكيماوية ضد مقاتلي الجماعات المسلحة في الغوطة الشرقية“.

ومن بين النتائج الرئيسية الأخرى قالت اللجنة إن هجوما جويا شنته ”طائرة حربية روسية“ باستخدام أسلحة غير موجهة في نوفمبر تشرين الثاني أصاب سوقا مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 84 شخصا في الأتارب غربي حلب في ”منطقة عدم تصعيد“ أعلنتها روسيا وإيران وتركيا.

ولم تجد اللجنة دليلا على أن الهجوم الروسي استهدف عن عمد السوق ولكنها قالت إن ”هذا الهجوم ربما يرقى إلى مستوى جريمة الحرب المتمثلة في شن هجمات عشوائية تسفر عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين“ لتكون تلك أول مرة تتهم فيها موسكو صراحة باحتمال ارتكاب جرائم حرب.

وأدت ثلاثة هجمات شنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على مدرسة قرب الرقة في مارس آذار 2017 إلى سقوط 150 قتيلا من السكان وهو ما يزيد خمس مرات تقريبا عن العدد الذي اعترفت به وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) التي قالت في ذلك الوقت إن عشرات من المتشددين وليس المدنيين قُتلوا.

ولم يجد محققو الأمم المتحدة دليلا على وجود مقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية في الموقع وقالوا إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة خرق القانون الدولي بالتقاعس عن أداء واجبه بحماية المدنيين.

ودعا المحققون المستقلون كل الأطراف إلى السماح بحرية الوصول إلى المناطق المحاصرة وكل المعتقلين. وأضافوا أنه يجب تطبيق العدالة في أي اتفاق سلام ينهي الحرب التي اقتربت من عامها الثامن.

واعتمد التقرير على 500 مقابلة سرية أجريت مع ضحايا وشهود خارج أو داخل سوريا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. ولم تسمح الحكومة السورية مطلقا بدخول الفريق إلى البلاد.

وقال التقرير ”البنية الأساسية المدنية المهمة دُمرت بسبب الهجمات المتكررة على المنشآت الطبية والمدارس والأسواق. كما أن المساعدات الإنسانية استُخدمت كسلاح حرب مع استخدام الحصار والحرمان من المساعدات الحيوية لإجبار المجتمعات المدنية وأطراف الصراع على حد سواء على الاستسلام أو الجوع“.

وأضاف التقرير أن القوات الحكومية السورية استخدمت أسلحة كيماوية ضد مقاتلي المعارضة في الغوطة الشرقية ومن بينها الكلور ثلاث مرات في يوليو تموز وفي حرستا عند الطرف الغربي من المنطقة في نوفمبر تشرين الثاني.

وقال ”استخدام الأسلحة الكيماوية محظور بموجب القانون الإنساني الدولي العرفي بصرف النظر عن وجود هدف عسكري مشروع بما في ذلك عند استخدامها ضد مقاتلي العدو“.

ونفت الحكومة السورية استخدام أسلحة كيماوية وقالت إنها سلمت مخزوناتها من تلك الأسلحة بعد التوقيع على الاتفاقية الدولية التي تحظرها في 2013.

*“لا تسامح أو عفو“
أدت الحرب السورية التي تشارك فيها عدة أطراف إلى سقوط مئات الآلاف من القتلى وأجبرت ما لا يقل عن 11 مليون نسمة على ترك ديارهم. ودخلت دول مجاورة وقوى عالمية الحرب لدعم قوى متحالفة معها على الأرض.

وانضمت الولايات المتحدة إلى الحرب في 2014 حيث تقود تحالفا دوليا يشن غارات جوية ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في كل من سوريا والعراق والذين هُزموا إلى حد كبير العام الماضي. وانضمت روسيا إلى الحرب في 2015 حيث تقدم دعما جويا وبريا لحليفتها الحكومة السورية.

وأشار محققو الأمم المتحدة إلى تعثر جهود مجلس الأمن الدولي لإحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية بسبب استخدام روسيا حق النقض (الفيتو) عدة مرات ورحبوا بنظر السلطات القضائية الوطنية عددا أكبر من القضايا.

وقالوا إنه لا بد من مساعدة الضحايا على الحصول على العدالة التي يجب أن تكون ”عنصرا أساسيا“ في أي تسوية يتم التوصل إليها من خلال التفاوض لإنهاء الحرب.

وأضاف أنه يجب ألا يكون هناك ”تسامح أو عفو عن المسؤولين عن إصدار أوامر أو تنفيذ انتهاكات ضخمة لحقوق الإنسان وارتكاب جرائم دولية مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية أو الإبادة الجماعية“.

وعندما أعاد المحققون التدقيق في غارة جوية شنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على مدرسة كانت تؤوي مشردين في البادية بالرقة في مارس آذار 2017، عندما كان تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على المنطقة، وجدوا بعد مقابلات مكثفة مع الناجين والمسعفين أن ”150 شخصا قُتلوا من بين أكثر من 200 من السكان كانوا بالمدرسة“.

وقال التقرير ”المعلومات التي جمعتها اللجنة لا تدعم الادعاء بأن 30 من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية كانوا في المدرسة وقت الهجوم أو أن تنظيم الدولة الإسلامية كان يستخدم المدرسة“.وأضاف ”كان يتعين على التحالف الدولي أن يكون ملما بطبيعة الهدف وقد تقاعس عن اتخاذ كل الاحتياطات العملية لتفادي أو تقليل وقوع خسائر عرضية في أرواح المدنيين وإصابة المدنيين وإلحاق أضرار بأهداف مدنية في انتهاك للقانون الإنساني الدولي“.

إعداد أحمد صبحي خليفة للنشرة العربية – تحرير مصطفى صالح

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here