ماركس كان على حق وفقاً لبنك فرنسي

ليس جديداً أن يحتفي رأسماليون أو منظرون للاقتصاد الحر بكتابات كارل ماركس باعتبارها تحديداً وسيلة في إطالة عمر النظام الرأسمالي لجهة جدتها وسمتها الكاشفة عن عيوبه وثغراته. على المستوى الشعبي، نشهد منذ أزمة 2008 المالية عودة ظافرة لأعمال ماركس الأشهر (خاصة “رأس المال”) إلى واجهات ورفوف المكتبات كما عمدت دور نشر أوروبية كبرى إلى إصدار طبعات جديدة منها بسبب الطلب المتزايد عليها.
في هذه السياقات، ليس “المديح” الذي تلقاه ماركس مؤخراً من أحد البنوك الفرنسية بمستغرب فعلاً. ففي مذكرة نشرت يوم الجمعة 2 شباط/فبراير من قبل باتريك أرتوس، مدير الدراسات الاقتصادية في بنك “ناتكسيس”، اعتبر فيها أن “ديناميكيات الرأسمالية اليوم هي ذاتها التي توقعها كارل ماركس”. بالإضافة لعمله في البنك، يشغل السيد أرتوس منصب عضو مجلس إدارة عملاق النفط الفرنسي “توتال”، فهو يتكلم “من الداخل” ويرى في الرأسمالية “منطقاَ متصلباً”.
في التفاصيل، تابع أرتوس شارحاً المراحل الثلاث في رأسمالية اليوم اعتماداً على أفكار ماركس. أولاً، “الانخفاض في كفاءة الشركات في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية”، الأمر الذي ينذر بمخاطرة تقليل عوائد رأس المال. ثانياً، ستحاول الشركات زيادة حصصها من القيمة المضافة لتجنب الانخفاض المحتمل في أرباحها، وذلك على حساب عمالها وموظفيها الذين ستنخفض أجورهم. ومع ذلك، فإن هذا الضغط له حد: “فمن المستحيل تخفيض الأجور دون مستوى معين” يتمثل في “الحد اللازم للعيش”. ومن ثم فإن الخطوة الثالثة ستكون لجوء الرأسماليين إلى المضاربات لدعم عوائد رأس المال وذلك من خلال اعتمادهم المتزايد على البيتكوين أو العقارات… الخ.
وبحسب أرتوس فإن “هذه الديناميكية تؤدي بالضرورة إلى ارتفاع التفاوت في الدخل من جهة، وإلى الأزمات المالية من جهة أخرى”، وهي نبوءة ماركسية بامتياز لا تزال تحمل لوائها البقية الباقية من الأحزاب الشيوعية حول العالم، يضاف لها نتيجتها “الحتمية” المتمثلة بانهيار الرأسمالية تحت وطأة تناقضاتها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here