استقبال ملكي واحتجاجات صاخبة تنتظر ولي العهد السعودي في بريطانيا

تنظم بريطانيا يوم الأربعاء استقبالا حافلا لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وتقيم له الملكة إليزابيث مأدبة غداء، بينما تسعى الدولتان إلى توسيع علاقاتهما الدفاعية القائمة منذ فترة طويلة لتصبح شراكة بعيدة المدى.

وتشعر كلتاهما بوجود فرصة لتوسيع علاقتهما الحالية: فبريطانيا تبحث عن شركاء تجاريين مع خروجها من الاتحاد الأوروبي، والسعودية بحاجة إلى إقناع المستثمرين المتشككين بإصلاحاتها الداخلية.

لكن خلال لقاء الأمير محمد ورئيسة الوزراء تيريزا ماي سيحتج متظاهرون على دور كلا البلدين في اليمن، حيث أودت حرب بحياة ما يقدر بعشرة آلاف شخص، وحيث يعتمد 8.3 مليون شخص على المساعدات الغذائية ويعاني 400 ألف طفل من سوء تغذية حاد.

وكان وزير الخارجية بوريس جونسون على رأس مستقبلي الأمير محمد لدى وصوله في وقت متأخر من مساء يوم الثلاثاء. وأول ارتباط رسمي له يوم الأربعاء هو زيارة إلى قصر بكنجهام لإجراء محادثات مع الملكة إليزابيث وتناول الغداء معها، وهو تكريم نادر يقتصر على رؤساء الدول.

وبعد الغداء، سيلتقي الوفد السعودي بماي وحكومتها في مقرها بداوننج ستريت لتدشين ”مجلس الشراكة الاستراتيجية“ البريطاني السعودي، وهو مبادرة لتشجيع الإصلاحات الاقتصادية في السعودية وتعزيز التعاون بشأن قضايا مثل التعليم والثقافة وكذلك الدفاع والأمن.

وقال المتحدث باسم ماي للصحفيين ”سيؤذن ذلك بعهد جديد من العلاقات الثنائية التي تركز على شراكة تعود بفوائد واسعة النطاق على كل منا“.

وتتنافس بريطانيا لإدراج شركة النفط السعودية الحكومية أرامكو في بورصتها، لكن من غير المتوقع صدور قرار في هذا الصدد الأسبوع الحالي.

وفي وقت لاحق هذا الشهر يزور الأمير محمد الولايات المتحدة، التي تريد أيضا الظفر بذلك الإدراج المربح، بيد أن مصادر قالت إن كلتا الدولتين ربما لا تفوزان به.

وعبر مسؤولون بريطانيون سرا عن سعادتهم باختيار الأمير محمد (32 عاما) بريطانيا لتكون أول دولة غربية كبرى يقصدها في جولته الخارجية الأولى منذ تقلده ولاية العهد العام الماضي.

وتحرص الحكومة البريطانية على تحويل علاقاتها الدفاعية التاريخية إلى تجارة واستثمار متبادلين، متطلعة إلى كل من سوق آخذة في الاتساع في المملكة لصادرات قطاع الخدمات وإلى اجتذاب الأموال السعودية لتمويل المشروعات الداخلية.

وأفادت مصادر بريطانية وسعودية بأن ثمة اتفاقات تجارية محتملة مع مجموعة (بي.إيه.إي سيستمز) الدفاعية البريطانية وشركة (إم.بي.دي.إيه) الأوروبية لتصنيع الأسلحة، وقد يجري إبرام اتفاقات أولية بشان استكشاف الغاز والبتروكيماويات والصناعات الأخرى.

وكتب السفير السعودي لدى بريطانيا محمد بن نواف في صحيفة فاينانشال تايمز ”هذا التحديث لن يكون سهلا، ولن نستطيع الاضطلاع به بمفردنا“.

وقال ”لذلك في الوقت الذي نبتعد فيه عن اعتمادنا التاريخي على النفط ستتاح سبل تجارية ضخمة أمام الشركات الخارجية للعمل مع السعودية والاستثمار فيها“.

* استقبال ملكي
ستشمل الزيارة التي تستغرق ثلاثة أيام مقابلتين رسميتين مع الأسرة المالكة في بريطانيا ولقاء مع مسؤولي الأمن القومي وزيارة لمقر الإقامة الريفي لرئيسة الوزراء.

وذكر المتحدث باسم ماي إنها تعتزم استغلال العشاء الخاص يوم الخميس في مقر الإقامة الريفي في تشيكرز، وهو قصر يعود للقرن السادس عشر على بعد 60 كيلومترا شمال غربي لندن، لإثارة المخاوف بشأن الأزمة الإنسانية في اليمن.

ويقاتل تحالف تقوده السعودية حركة الحوثي في اليمن، مما أوجد ما وصفتها الأمم المتحدة في يناير كانون الثاني بأسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وقال المتحدث باسم ماي ”يمكنكم أن تتوقعوا أن يناقشا اليمن، ورئيسة الوزراء ستعبر عن مخاوف عميقة بشان الوضع الإنساني… ستؤكد مجددا أيضا على مدى الجدية التي نأخذ بها مزاعم حدوث انتهاكات للقانون الدولي الإنساني“.

وفي حديثه للصحفيين في لندن يوم الاثنين، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن بلاده فشلت في توصيل أسباب عمليتها العسكرية في اليمن على نحو فعال، لكنها لم تختر أن تكون البادئة بالحرب.

ويعتزم المحتجون استهداف المسؤولين السعوديين بشأن اليمن وقضايا أخرى متعلقة بحقوق الإنسان، وبريطانيا لبيعها أسلحة قيمتها 4.6 مليار جنيه استرليني للسعودية منذ 2015.

وكتبت إميلي ثورنبري، مسؤول السياسة الخارجية بحزب العمال المعارض في بريطانيا، في صحيفة جارديان ”مثلما جرت العادة كثيرا يتعلق الأمر بربح قذر ومحاولة هذه الحكومة المستميتة لسد الفجوة التي سيخلفها رفض ماي البقاء في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي بعد الخروج منه في التجارة وفرص النمو في بريطانيا“.

وعلى مدى يومين ظلت حافلات تجوب لندن وعليها لافتات تتهم الأمير محمد بارتكاب جرائم حرب ومن المقرر تنظيم مسيرات أخرى يوم الأربعاء قبل المسيرة الرئيسية.

وقال أندرو سميث من الحملة ضد تجارة الأسلحة ”تيريزا ماي ربما تصدق مزاعم ولي العهد السخيفة بأنه إصلاحي وقوة للتحرر، لكن الناس في بريطانيا لا يقتنعون بسهولة. هذه الزيارة تتم لإضفاء الشرعية على دكتاتورية وحشية ولبيع الأسلحة“.

إعداد علي خفاجي للنشرة العربية – تحرير منير البويطي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here