قراءات في المنهاج الثقافي والسياسي لشهيد المِحْراب (رض)

أولا : التوحيد اجتماعياً وسياسياً

عمار جبار الكعبي

الديانات السماوية الثلاث ابتدأت واُختتمت لترسخ عقيدة التوحيد، كعقيدة ثابتة يتم الانطلاق منها، كأساس ثابت ورصين في جميع سلوكياتنا واعتقاداتنا، من دون الإشراك بالله سواء أكان الشريك صنماً او بشراً او حتى خيالاً، كوّن فكرة وجود اكثر من اله هي فكرة غير ناهضة من الاساس، لهشاشة الأسس التي تنطلق منها، والتي بالنتيجة لا تنفع ان تكون منطلقاً لأي سلوك، بغض النظر عن نتائج هذا السلوك، لان الاعتقادات تستمد صحتها من ذاتها وليس من النتائج التي تربط بها بصورة غير دقيقة ! .

يذهب الشهيد الحكيم الى ان التوحيد له خصوصيتين أساسيتين، يرتبطان بالجانب الاجتماعي والسياسي، لما له من تأثير على سلوك الموحد، ولا يقتصر ذلك على تعبده واعتقاداته القلبية كما يذهب لذلك بعض المفسرين، ليكون منطلقا ً لبناء الجماعة الصالحة، والتي تتميز بسلوك يختلف عن سلوك غيرها من الجماعات، لما لفلسفة وعقيدة التوحيد من تأثير سلوكي كبير وعميق، يؤطر كل ما يصدر عن هذه الجماعة .

السلوكيات لا تنبع من الفراغ، وإنما تكون نتيجة اعتقادات عميقة تفرض سلوك ومواقف تجاه القضايا المعاشة، وحسب المنظومة الاعتقادية تكون المواقف، وبالتالي يمكن قياس وكشف الموحدين الحقيقيين عن طريق كشف سلوكياتهم ومواقفهم، ليذهب الشهيد الحكيم الى ربط تكامل الإيمان وتناقصه وتعاليه او تسافله بالجانب العملي، ليرتبط السلوك السياسي والاجتماعي للموحدين، بالوضوح والمبدئية والعدالة وكل ما يرتبط بهذه المنظومة القيمية المتكاملة، ككل متكامل لا يمكن تجزئته او التعامل معه بمزاجية او مصلحية، ليكون السلوك معياراً واضحا ً بين حامل المشروع وغيره من المدعين ! .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here