ازاحة الأسلام عن الحكم هو الحل

عندما صدحت حناجر الجماهير المتعبة من المجاعات و الأزمات الأقتصادية و المنهكة من الحروب و الصراعات و لم تجد الحلول الناجعة و الأجوبة المقنعة على تلك المسائل المستعصية عند الأنظمة القمعية الحاكمة وبعد ان تملكها اليأس منها ان هتفت ( الأسلام هو الحل ) عسى ولعل ان تجد ما بشرت به الكتب التأريخية و التي سطرت بمداد الحكام و كتبتهم من امجاد تليدة و فتوحات مجيدة و رخاء يعم الجميع و توزع الثروات بالعدل و القسطاط على الناس و لم يكن هناك من محتاج الا و اخذ حاجته و حصته من الأموال و الغلال و تساوى الأمير في المقام مع الفقير في حضرة القاضي العادل الذي لا يظلم عنده احد حتى يأخذ له الحق من ظالمه و يعيد الأمر الى نصابه و مكانه الموزون .

لقد جربت الكثير من بقاع العالم الحكومات الأسلامية المتنوعة ان كان ذلك من خلال الحكم المباشر او الأحزاب المعارضة فقد كان الحكم السعودي المثال الواضح على الأنتهاكات الصارخة للحريات و قمع الأراء المعارضة و فرض الرأي الذي لا يقبل الخطأ او حتى النقاش حتى باتت ( المملكة السعودية ) الكابوس المخيف الذي لا يقرب منه احد و لا يسمع به كذلك لولا ينابيع النفط و فيضان الثروة ان صارت و رغم القسوة و الظلم الذي فيها محط رحال الفقراء و المعوزين الذين توافدوا اليها طلبآ للرزق و القوت لهم و لعوائلهم و ان ذاقوا ذلك الغذاء المغمس بالذل و الهوان و التعامل الدوني و غير الأنساني مع البشر .

قيل ان الوهابية و كتب ( ابن تيمية ) المتشددة و تعاليمه الغير منفتحة هي السبب وراء التعنت المفرط للنظام السعودي في التضييق على الناس و ارائهم و ان التعاليم الأسلامية الأكثر انفتاحآ و تفهمآ للمخالفين و تسامحآ معهم هو في المذهب الشيعي الذي اخذت به الحكومة الأيرانية منذ قيام الثورة الشعبية هناك و ما يزال الشعب الأيراني يرزح و يئن تحت وطأة حكم ولاية الفقيه الجائرة التي لا تسمح لغير المسلم الشيعي ان يتبوأ المناصب المهمة و العليا في الدولة و حصرت ذلك في الأشخاص الشديدي الولاء و المطيعين بشكل تام و عام و بدون نقاش او جدال مع نظرية ولاية الفقية المعتمدة عندهم فكان هذا النمط من الحكم الأسلامي هو ذاته النسخة الشيعية لتلك السنية التي تحكم في السعودية .

كذلك جربت الحركات الأسلامية ( المتطرفة ) القاعدة و من ثم داعش و غيرهما حضها في الحكم و اقامة الدول و ان كان اغلبها في البراري و الصحاري و القفار و في بعض الحيان في المدن العامرة و اقامت امارات اسلامية لم يكن فيها من المميزات سوى التفنن في القتل و البطش و تقطيع الأوصال و التمثيل الشنيع بجثث الموتى المخالفين و كأنهم يقولون ان الأسلام لا يوجد به من الرحمة او العفو شيئآ يذكر فكان القتل و الفتك يشمل الجميع حتى في التوافه من المخالفات و التجاوزات ( الشرعية ) حتى انقلب عليهم من آمن بهم و اعجب بمقالاتهم حتى تبين انهم كغيرهم من الحكام و السلاطين كأولئك الذين لهم دول و ممالك .

بعد ما يقارب العقد و النصف من الزمن و من سيطرة الأحزاب الأسلامية على الحكم في العراق بعد ان فازت بأغلبية مقاعد البرلمان و تمكنت من السيطرة على الحكومة و شغلت اكثر الوزارات اهمية و تأثيرآ و امتلكت من الأموال الطائلة الكثير و الوفير منها بعد فوران اسعار النفط العالمية و صارت الأموال المكدسة اكثر من ان تستوعبها خزائن الدولة فذهبت الى خزائن اللصوص و السراق من تلك الأحزاب الأسلامية التي عاثت في البلاد فسادآ و نهبآ و تخريبآ و لم تبق من الدولة العراقية الا اسمها و علمها بعد ان تقاسمتها العشائر و القبائل و فصائل الأحزاب الأسلامية المسلحة و صارت عبارة عن كانتونات صغيرة دينية و طائفية .

لم تنجح الأحزاب الأسلامية التي حكمت العراق في ادارة البلاد بحكمة و حنكة و عقلانية بل على العكس كانت السبب في ضياع البلاد و دخولها في أتون حرب اهلية طائفية مدمرة بعد ان احتالت تلك الأحزاب و اشاعت في ان النظام السابق ( صدام حسين ) كان نظام حكم سني يستهدف الشيعة و يريد ابادتهم ما حفز العامة من الشيعة و هم الأكثرية و دفعهم الى الأنتقام من المواطنين السنة ما كرس حالة الأحساس بالأستهداف و الأهمال و عدم الثقة عند سكان المحافظات التي اطلقت عليها الأحزاب الشيعية تسمية ( المحافظات السنية ) في محاولة ممنهجة و مدروسة في تقسيم الدولة و الكيان العراقي الموحد .

لقد جرب الناس كل انواع الحكومات الأسلامية التي تربعت على سدة الحكم في العديد من الدول المعتدلة منها و المتطرفة الشيعية منها و السنية المدنية منها و البدوية ان كانت النتيجة لا تفرق كثيرآ حيث كانت من الصفات المشتركة بينها الشيئ الكثير فكان التمثيل الشعبي يقتصر على فئة معينة من المواطنين الموالين للدين او المذهب و يهمل الآخرين من المخالفين و كذلك فرض الرأي بقوة الأعلام حينآ و بقوة السلاح احيانآ عديدة ان منعت الحريات الشخصية المألوفة و اعتبر خلع الحجاب او الأختلاط في اماكن الدراسة و العمل من المحرمات و الأعمال المنافية للآداب و بالتالي وجب حظرها و معاقبة الذين قد يتجرأون على فعلها و غير ذلك من ألأمثلة الصارخة و الأمور المعيقة و المعرقلة للحريات العامة و الخاصة انه توضيح مختصر الى المواطن العراقي المقبل على الأنتخابات ان يضع كل تلك السنين العجاف من الفشل الذريع للحكومات الأسلامية التي تعاقبت على حكم العراق امام ضميره و ان يسحب الثقة التي منحها في غفلة من العقل و البصيرة لتلك الأحزاب و بدون استثناء و ان يعيد الحسابات و يفرق بين الصالح و الردئ و ان كان شعاره الزهد و التقوى فكم كان ( ابن آوى ) تقيآ ورعآ و هو يفترس ضحيته بعد ان وعدها خيرآ لكنه الطبع الذي غلب التطبع .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here