النمر… محبوب بوتين في سوريا

في صبيحة الثامن عشر من شباط، قام أحد قادة الجيش السوري بحشد قواته بالقرب من الغوطة الشرقية ليبعث برسالة تهديد تسبق الهجوم على الغوطة، وبعد كلمة قصيرة، هتف الجنود “تحت أمرك يا نمر”، النمر، هو اللقب الذي منحته قيادة قوات النمر في السنوات الأخيرة للضابط السوري، سهيل الحسن.

العلوي سهيل الحسن كان له دور بارز في الحرب الأهلية السورية طوال السنوات السبعة الأخيرة، وقد أصيب في خريف العام 2015 إصابة شديدة وأشيع بأنه قتل، لكنه ظهر مجدداً بعد فترة، وهناك البعض من المعارضين السوريين يتحدث عن أن “النمر” الحقيقي قد قتل، وأن الذي يظهر الآن مزيف.

وبخلاف بشار الأسد، فإن سهيل الحسن، لا يتورع عن الحديث عن القضاء على جميع أعداء النظام، وهذا ما جعله يحتل مكانة عالية، ليس فقط بين الموالين للأسد، ولكن عند الكرملين أيضاً، بعد ساعات من إلقاء تلك الكلمة، بدأ الهجوم على الغوطة الشرقية، بعد ذلك أعلنت مواقع التواصل الاجتماعي التابعة للقوات الروسية في سوريا أن “قوات النمر” تتقدم المشاركين في هذه العملية، وأشارت إلى مشاركة القوات الجوية الروسية في إسناد القوات السورية المشاركة في العملية، وفيما بعد أعلن موقع مقرب من الحكومة السورية أن القوات الروسية تساند قوات الحسن من خلال مركز قيادة قريب من الغوطة الشرقية.

قتل مئات المدنيين وجرح الآلاف خلال اليوم الذي بدأت فيه عملية الهجوم على الغوطة، وبعد بدء الهجوم بستة أيام، طالب مجلس الأمن الدولي بوقف لإطلاق النار لمدة ثلاثين يوماً، ولم يكن وقف إطلاق النار يشمل الفصائل التي تصفها الحكومة السورية وروسيا بالإرهابية، بعد ذلك بأيام، أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إيقاف العمليات الحربية خمسة أيام للسماح بخروج المدنيين ومسلحي المعارضة، وللسماح بوصول الأدوية والغذاء إلى المدينة.

وحسب تقرير لمجلة أتلانتيك الأمريكية، لم يخفِ الجيش الروسي أبداً أنه يقوم بتدريب وتجهيز “الوحدات العسكرية المنقطعة” عن الجيش السوري، والتي يقودها سهيل الحسن، بالمعدات العسكرية، وهذه القوة تم دمجها مع القوتين الرابعة والخامسة، المؤلفة من مليشيات تابعة للنظام، وفي نهاية العام الماضي، أعلن القائد العام للقوات الروسية، فاليري غيراسيموف، أن “القوات التابعة للجنرال الحسن نفذت بنجاح مهمة حساسة ضمن المعارك الأولية، ولا شك أن جميع تلك الانتصارات تحققت بإسناد جوي ومعدات عسكرية وفرها الجيش الروسي”.

تعود سمعة الضابط في الجيش السوري إلى سنوات سبقت المشاركة الروسية المباشرة في الحرب الأهلية السورية، ويجمع ناشطو حقوق الإنسان على أن الحسن له اليد الطولى في مقتل متظاهري العام 2011، وحسب تقرير صدر عن مراقبة حقوق الإنسان، فإن كل جندي كان يمتنع عن إطلاق النار على المدنيين، كان يصفى ميدانياً، إضافة إلى أنه مع قواته كان لهم دور كبير في تعذيب وقتل المتظاهرين المحتجزين في السجون السورية، كما أنه متهم بارتكاب عمليات قتل جماعي.

خلال الفترة الممتدة بين العامين 2012 و2014، ترك كثيرون صفوف الجيش السوري، وفي تلك الأثناء كان هذا الضابط البالغ من العمر 48 عاماً يعمل على جمع وتحشيد الفصائل المؤيدة للأسد والميليشيات العلوية، وبهذا لعب دوراً هاماً في المحافظة على القوة الدفاعية للنظام في بدايات الحرب الأهلية.

لكن الجيش والإعلام الروسيين يعتبران الحسن “واحداً من أشهر القادة العسكريين السوريين”، وتصف قوته بالقوة التي “لا تقهر” وقد منحه الجيش الروسي وسام الشجاعة.

في شهر كانون الأول من العام الماضي، وصل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى قاعدة حميميم العسكرية في سوريا في زيارة غير متوقعة، لكي يعلن من هناك هزيمة تنظيم داعش في سوريا، وإضافة إلى الأسد (القائد العام للقوات السورية) كان الحسن القائد العسكري السوري الوحيد الذي شارك في الاجتماع مع بوتن، وكان بوتين قد قال للقائد العسكري السوري خلال ذلك اللقاء: “أبلغني رفاقك الروس أنك وقوتك قد قاتلتم ببسالة وحققتم نتائج جيدة”.

المعارك مستمرة في الغوطة الشرقية، التي تصفها وسائل الإعلام المقربة من حكومة دمشق بعرين الأسود، في إشارة إلى اسم عائلة الأسد، ويتحدث مؤيدو النظام منذ الآن عن أن نجاح النمر في تحرير “بوابة عرين الأسود” مضمون.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here