إقليم كوردستان يستورد 50 ألف بدلة كوردية من الصين

مع اقتراب عيد نوروز، يعاني الخياطون في أربيل من كساد سوقهم، ويقولون إن سوقهم كانت أكثر رواجاً في السنة الماضية، بينما يقول أصحاب المحلات التي تبيع البدلات الكوردية صينية المنشأ، إن سوقهم مزدهرة هذه السنة.

الزي الكوردي يشهد إقبالاً سنوياً كبيراً عليه في فصل الربيع ومع مناسبات شهر آذار ونوروز، ويعتبر هذا الفصل قمة فصول السنة في أسواق الأقمشة والأزياء، لكن الأزمة المالية حدّت من إقبال المواطنين على اقتناء الملابس، وجعلتهم يبحثون عن بضائع رخيصة الثمن ومنخفضة الجودة.

دانا الخياط، مالك محل خياطة نسائية في مركز مدينة أربيل، ويقول: “حتى أواسط العام 2014 كانت سوق خياطة الأزياء الكوردية النسائية مزدهرة جداً، وخاصة خلال فترة مناسبات آذار ونوروز، كنا نقوم بخياطة حوالي أربعين بدلة كوردية نسائية في اليوم الواحد، ورغم أننا كنا أربعة أشخاص، إلا أننا لم نكن نستطيع مجاراة الطلب على تلك الأزياء، وكنا نتوقف عن قبول توصيات الزبائن قبل حلول عيد نوروز بشهر، لكننا الآن ورغم بقاء أيام قليلة تفصل بيننا وبين نوروز، لا زلنا نتلقى طلبات الزبائن، بل ونرحب بها، ولا نقوم بخياطة أكثر من عشر بدلات في اليوم الواحد”.

ويقارن دانا الخياط سوق هذا العام بسوق العام الماضي، ويقول: “لقد تراجع سوقنا كثيراً، وواضح أن هذا ناتج عن الأزمة المالية وتأخير صرف رواتب الموظفين، بحيث لم يعد المواطنون قادرين على اقتناء الزي الكوردي، كما كانوا يفعلون في السابق”.

ويعتبر دانا الخياط الانخفاض في عدد السائحين وعودة النازحين إلى ديارهم من بين أسباب تراجع سوق خياطة الأزياء الكوردية، موضحاً بالقول: “كان قسم من السائحين الذين يزورون إقليم كوردستان، يقتني الزي الكوردي كهدية يعود بها إلى أحبائه وأقاربه، أما الآن فقد أثّر انخفاض عدد السائحين وعودة قسم من النازحين إلى ديارهم، سلباً على سوقنا”.

سوق خياطة الأزياء الرجالية الكوردية، يعاني على غرار سوق الأزياء النسائية الكوردية من الكساد، ويقول خدر جيويي، وهو خياط في السوق القيصري بأربيل: “نوروز هذا العام هو أسوأ مواسمنا منذ بدء الأزمة المالية، وإذا كان هذا مرتبطاً في جزء منه بتأخر صرف رواتب الموظفين، فإنه مرتبط في جزء آخر منه باستيراد الزي الكوردي صيني المنشأ، الذي أستطيع القول إنه أدى إلى تراجع سوقنا بنسبة 20%”.

ويضرب خدر جيويي لنا مثلاً، محله، ويقول: “فيما مضى، كنا نعتذر عن تسلم توصيات من زبائننا قبل حلول نوروز بأربعين يوماً، وكنا خلال تلك الفترة من السنوات الماضية، ننجز 500 بدلة كوردية رجالية، أما في هذه السنة، فما زلنا نتسلم توصيات الزبائن، التي لم تتجاوز حتى اليوم 150 بدلة، هذا في حين أن لدينا زبائننا الدائميين، وهذا الفصل يعد موسم الذروة في عملنا”، كان لدى خدر جيويي في الماضي أربعة صناع، لكن كساد سوقه أجبره على تسريح ثلاثة منهم.

وبخلاف الخياطين، فإن أصحاب المحلات التي تبيع الأزياء الكوردية الجاهزة راضون عن الوضع، ويقولون إن سوقهم مزدهر هذا العام، فقد استورد كامران يوسف، تاجر من مدينة أربيل، 8800 بدلة كوردية جاهزة من الصين بمناسبة احتفالات آذار ونوروز لهذا العام، ويقول: “السوق جيد جداً مع قرب احتفالات آذار ونوروز هذا العام، فقد قمت ببيع القسم الأكبر من بضاعتي خلال فترة قصيرة”.

الأزياء التي يستوردها يوسف، هي بدلات كوردية ولادية، وقد استورد في الربيع الماضي 5800 منها، لكنه سرعان ما باعها جميعاً، لذا قرر زيادة الكمية هذا العام بإضافة 3000 بدلة إلى الكمية التي استوردها العام الماضي، وتمكن من بيعها سريعاً.

امتنع يوسف عن الكشف عن كلفة تجهيز تلك البدلات في المعامل الصينية، باعتبارها من أسرار المهنة، لكنه قال إن سعر بيع البدلة الواحدة في السوق المحلية يتراوح بين 15000 و25000 دينار، وحسب يوسف، فإن الأزمة المالية وانخفاض أسعار الأزياء التي تنتجها الصين، زادت من الطلب على البدلات الكوردية الصينية، ويقول: “يتم سنوياً استيراد حوالي خمسين ألف بدلة كوردية من الصين إلى إقليم كوردستان”.

وإلى جانب الأزياء الكوردية التي تنتج في الصين، هناك معامل خياطة محلية تنتج الزي الكوردي، كان كامران يوسف يعمل خياطاً مدة 32 سنة، وإلى جانب استيراد السلع الصينية، أنشأ معمل خياطة للأزياء الجاهزة في أربيل، ويقول: “لخوض المنافسة في السوق، أنشأت معملاً للألبسة الجاهزة، يعمل فيه 23 خياطاً من كوردستان سوريا بأجور مقبولة، وأبيع منتجي لمحلات بيع الألبسة الجاهزة، وتختلف أسعار البدلات حسب أحجامها ونوعية الأقمشة المستخدمة فيها، وتتراوح بين 10000 و17000، لكن الطلب على المنتج الصيني أكبر”.

يعمل كنجو محمد في مجال بيع الأزياء الجاهزة بالجملة والمفرد، وبدأ منذ خمس سنوات باستيراد الأزياء الكوردية من الصين، وقد استورد في هذا العام ألفي بدلة كوردية، ويقول: “انخفاض أجور الأيدي العاملة في الصين وكذلك انخفاض أسعار الأقمشة وتكاليف الخياطة في الصين، سهل لنا الحصول على بدلة لطفل يتراوح عمره بين سنة وخمس سنوات بثمانية دولارات فقط، لكن كلفة بدلة مشابهة تماماً في إقليم كوردستان تتراوح بين خمسين وستين ألف دينار”.

ويقول التجار وأصحاب المحلات التي تبيع الأزياء الكوردية الجاهزة، إنه إضافة إلى الكورد، فإن السائحين العرب أيضاً يقتنون الزي الكوردي، وعن هذا يقول كنجو محمد: “السائحون والنازحون في كوردستان كانوا سبباً في تعرف عرب الجنوب والوسط على الزي الكوردي والإقبال على اقتنائه، وهذا أدى إلى إيجاد سوق للأزياء الجاهزة التي نستوردها من الصين، حيث يعاد تصديرها من هنا إلى مدن العراق عموماً، وإلى البصرة بصورة خاصة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here