العقل والحصانة الفكرية

أحمد الركابي

العقل جوهر إنسانية الإنسان و رفه و امتيازه و تفضيله على غيره من المخلوقات، يقول تعالى: (و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر، و رزقناهم من الطيبات، و فضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا). (1)

و لهذا طالب الإسلام الناس بالتعقل، و تنمية العقل لا تكون إلا بالعلم، و عليه فإن مطالبة الإسلام بالتعقل هو دعوة لطلب العلم، و قد جاء ذلك صريحا في كتاب الله سبحانه و تعالى و سنة رسوله (صلى الله عليه واله و سلم )

فلقد تميز الإسلام و انفرد بين سائر الأديان و المعتقدات، باستخدامه العقل للدلالة على إثبات الخالق عز و جل؛ فهو لم يفرض عقائده على الناس فرضا، بل ناقش و عرض، و أثار الفكر و التفكير، و طالب بالبحث و التقصي، و نبهت الآيات القرآنية على غرس عقيدة الإيمان على أسس عقلية فطرية، و ذلك كي يقتنع المتشكك، و يطمئن الباحث، إلى أن العقائد التي دعا إليها الإسلام، قائمة على أساس من العلم
فينطلق العقل عندها يلتمس الحقيقة، و يفجر المعرفة، و يستغل الطاقات الكونية في خدمة البشرية و أمنها و رفاهها

العقل تلك الجوهرة الربانية الفريدة التي منحها الله لأكرم خلقه، وميّزه به عن سائر المخلوقات، ولو لا العقل لما عرفنا حقاً ولا باطلاً، ولكان الخير والشر عندنا سواء، ولا نستطيع ان نميز ما ينفعنا عن ما يضرنا
ولذلك قال الإمام الباقر «عليه السلام» لهشام: «يا هشام نصب الحق لطاعة الله، ولا نجاة إلا بالطاعة، والطاعة بالعلم، والعلم بالتعلم، والتعلم بالعقل يعتقد، ولا علم إلا من عالم رباني، ومعرفة العلم بالعقل».
ومن الحقائق المهمة التي اشار اليها الاستاذ المحقق الصرخي هي الحصانة الفكرية الخالية من العواطف وملذات الحياة الفانية وهذا جزء من كلامه الشريف جاء فيه :

((من نعم الله تعالى المتواصلة على الانسان أن منحه العقل الذي به يثيب ويعاقب ..
ومن نعمه ( جلت قدرته) منحنا القدرة على التفكير الصحيح والوصول الى الحصانه الفكرية وتكاملها بعد التجرد عن العواطف وحب الدنيا من زينة وزخرف واموال وواجهة ومنصب وغيرها ))

مقتبس من مقدمة كتاب المهدي والنواب للمحقق الاستاذ

كرم الله الإنسان بالعقل وبين منزلته في القران الكريم وأهميته، فالعقل ميزة الإنسان لأنه منشأ الفكر وله القدرة على الإدراك والتدبر وتصريف الحياة وينحط ويطغى ويفسد باجتناب الحق وإتباع الهوى، العقل أداة وصل الدين بقضايا الواقع لأنه يملك طاقات إدراكية أودعها الله فيه بدور مهم في الاجتهاد والتجديد إلى يوم القيامة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here