الحملات الانتخابية … التثقيف والتوعية

لا شك في ان الانتخابات في العالم هي من أبرز سمات التداول السلمي للسلطة كما وإنها تعد ركيزة هذا التداول والتي بواسطتها تنتقل السلطة او الحكم من شخص او حزب الى اخر وبحسب نوعية النظام بطبيعة الحال. إجراء الانتخابات مسألة حيوية بالنسبة إلى مستقبل العراق، على كل الصعد، على رغم من وجود تباين سابق بين السياسيين حول موعد إجراء الانتخابات في موعدها.إلا انها وقت تحت تأثير قرار المحكمة الاتحادية الذي ازال الشكوك وثبت موعد الاجراء في 12 ايار 2019 ويعتبر زيادة الوعي العام بالعملية الانتخابية عاملا اساسياً في زيادة نسبة المشاركة في الحياة السياسية بشكل عام والعمليات الانتخابية بشكل خاص، ومن هذه الحقيقة تلتزم الإدارات الانتخابية عالمياً بنهج التوعية والتثقيف بالعملية الانتخابية، بهدف زيادة وعي المواطنين بأهمية المشاركة السياسية، وأهمية المشاركة المثلى في العملية الانتخابية؛ من خلال ممارسة الحقوق المدنية والسياسية بفاعلية ؛ بما يشمل مختلف شرائح المجتمع كالشباب و المرأة. وظيفة الانتخابات تكمن أساسا في تمكين الشعب من اختيار ممثليه بحرية تامة وستشهد الاسابيع القليلة القادمة وقوف العراقيين على أبواب الانتخابات النيابية الجديدة ، رغم ان عدد من القوائم والمرشحين بدأوا حملة الانتخابات البرلمانية قبل موعدها المقرر في 12 ايار وانتشرت الاعلانات في العديد من شوارع بغداد الرئيسية ومدن اخرى على امل الفوز باكبر عدد من اصوات الناخبين في خرق للقانون ، ومع الاسف ان البعض من النواب وبدلًا من أن يقيموا الدنيا ولا يقعدوها في البرلمان من أجل إعادة النازحين، والدفع باتجاه المباشرة بتعمير مناطقهم نجدهم يذهبون إلى أقرب مخيم، ومعهم بضعة بطانيات وصناديق غذائية ، وعدد مضاعف من الكاميرات حتى يعيدوا اللعبة ذاتها التي يجيدونها كل أربع سنوات ، وفات عليهم من أن الجماهير أصبحت أكثر وعيًا وإدراكًا، وخصوصًا أولئك الذين يسكنون الخيام . المواطنون اكتشفوا مدى حاجتهم لنظام سياسي يمتلك شرعية السلطة من مصدرها الصحيح وهوالشعب الذي سوف لن يصدق وعود الساسة الكاذبة خلال حملاتهم الانتخابية التي لا يبغون من ورائها سوى المزيد من المكاسب السياسية والحفاظ على مناصبهم ولا يمكن بعد الآن التعامل مع الوجوه التقليدية التي أثبتت فشلها خلال المرحلة الماضية، ويقف في الجانب الاخربينهم بعض السياسيين والإعلاميين، ووعاظ السلاطين، وأولياء نعمتهم الذين يدعون زيفاً حرصهم على الديمقراطية، يطالبون الشعب بعدم المشاركة فيها وهناك من القوى التي تحرك المجتمع سياسيا، وتدفعه باتجاه انتخاب الوجوه القديمة نفسها بدون أن تعي السبب الحقيقي لفعلته، ولكن مهما بلغت حجم الحملات فان الارادة اصبحت كبيرة عند المواطن وعرف المستور ، بعد أن ذاق الأمرّين على يد الأنظمة الدكتاتورية السابقة وحتى بعد سقوط النظام البعثي حيث لا أحد يمكنه نكران الاستياء الكبير الذي يسود الشارع العراقي من السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة بعد العام 2003، وإخفاقها في توفير المشاريع الخدمية وتفشّي ظاهرة الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة مقابل ضعف كبير في مجال محاربته أو الحد منه . وما تلى ذلك من مناكفات وفساد استشرى في مؤسساته وفشل السياسيين في بلورة فعل سياسي موّحد يبني الدولة العراقية المتطورة والمستقرة، و ان يحرصوا على ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال توافر المقومات المؤدية إلى هذه المخرجات الديمقراطية الحامية لحقوق الفرد في مجال الحريات والعيش الحر الكريم ، الحملات الانتخابية يجب ان تقترن بحملات إعلامية عن هذا الحدث المهم في المسيرة السياسية للعراق بصورة سليمة ودقيقة وباقلام شريفة وتعكس المفاهيم الواقعية للناخب ومع العلم ان الماكنة الإعلامية المُشتراة قادرة على أداء الدور السلبي بصورة عالية، بالأخص إذا كان الهدف الربح المالي، فبعض الإعلاميين مدفوعين بأوامر من المؤسسات التي ينتمون لها .ولكن بالعكس من ذلك هناك اعلامي وطني حريص على نظافة الانتخابات ونقل الصور الحقيقية ودحر الكذب وكشف المسيئين وهذا واجب لايعلوه واجب في هذه المرحلة المهمة ويقوم بتسليط الضوء على المرشحين بمساحة واحدة. تثقيف الناخب ودعمه بالفكر الذي يساعده على الفرز بين الصالح والطالح والشعب العراقي يمتلك من الوعي والثقافة ما يمكنه من الفرز بينهم في انتخاب الاصلح و مراقبة الطارئين على مهنة الاعلام الشريفة وفق معايير دقيقة وعدم السماح لهم بتلويث هذه المهنة .يُضاف إلى ذلك حملات الكتل والأحزاب المشاركة، والشخصيات التي تنوي الدخول في هذا المحفل الانتخابي، لكل حزب فكر يسير على هدْيهِ، ولكل كتلة مآرب تقسم على المادي وسواه، الإعلام الوطني الحقيقي بأشكاله وأنواعه هو الذي يقدّم الصلحاء إلى الشعب وجمهور الناخبين، ما هو إلا أداة الذي يوصل الناخب بالمنتخَب ، والفكر والبرنامج والمشروع الأفضل هو الذي يرتقي بالمرشَّح إلى مقعده في مجلس النواب، هذا إذا افترضنا انتفاء حالات التزوير والترويج غير المشروع للمرشَّحين.وللعلم فان الانتخابات هي الالية التي يتمكن من خلالها الشعب في اختيار الاشخاص الذين يراهم مناسبين لإدارة السلطة.والأمر ينطبق على مختلف الانظمة السياسية لا سيما الديمقراطية منها باعتبار ان الانظمة الدكتاتورية ايضاً تلجأ للانتخابات في كثيرا من الاحيان لكنها تهدف لإضفاء نوع من الشرعية العلنية سواء كانت امام الجماهير او حتى على مستوى الاعتراف الدولي عبر استخدامها لطرق عدة لتزوير الانتخابات او ترهيب الشعب وإجباره على اختيار حزب او شخص معين او تقديم الرئيس باعتباره مرشحاً وحيداً للبلاد، اما في الانظمة الديمقراطية فالأمر أكثر وضوحاً عبر اتاحة كامل الحرية للشعب في التصويت واختيار من يمثله. وخلق حالة التجديد في الرؤى السياسية والبرامج والقيادات، وإبداء الحرص الكبير على إنجاح هذه الفرصة، من خلال معرفة ماهية الأخطاء الكبيرة للطبقة السياسية ومعالجتها، وعدم السماح بتكرار الأخطاء تحت أي مبرر كان، والشروع الفوري بتصحيح البرامج السياسية، وإطلاق حملات لتثقيف ابناء الشعب على الحرص الوطني والسعي التام على تغليب الهدف والمكسب العام على الخاص والجمعي على الفردي.

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here