عاشت_أيدك.. مبادرة لإعادة الأمل للشباب

بغداد/ تضامن عبد المحسن

هاشتاكات إيجابية تطلقها منظمات وأشخاص، دعماً للإنسانية ونشراً لثقافة المشاركة الجماهيرية، وبخاصة في الإعلام الهادف والمبادرات الإنسانية والأهداف التنموية، كلها وحّدت الشباب لهدف نبيل مشترك.
#عاشت_أيدك، الذي اطلقه بعض الشابات والشباب منذ سنتين، واحتفى هذه السنة في أربيل وبغداد، هو عبارة عن مُبادرات وتحديات فردية لشُبان وشابات استطاعوا أن يتغلبوا على صعوبات الحياة ورفضوا الرضوخ للاستسلام ليكونوا يوماً بُناةً في العراق .
عماد الشرع، أحد أبرز المنظمين للمهرجان الذي أقيم على حدائق أبو نؤاس يوم 17/3/2018، يقول (احتفينا هذا العام بأربعين مبادراً من مختلف محافظات العراق، هدف معهد الصحافة للحرب والسلام من هذا الاحتفاء، هو تسليط الضوء على مبادرات شبابية لم يسمع بها أحد ولم يعرفها الناس، لأفراد ومنظمات عملوا بجهود شخصية وبدون أي دعم مادي ولا حتّى معنوي، سوى وازع الأخلاق والمبادئ النبيلة). مضيفاً، أنه ليس أجمل من كلمة (عاشت أيدك) نقدّمها لهؤلاء المبادرين، وجمعهم في مكان واحد وهو حدائق أبو نؤاس ليتعارفوا فيما بينهم، وليعرّفوا أنفسهم بشكل اوسع.
من بين المبادرين، الذين حصلوا على لوح الإبداع الذي قدّمه عضو مجلس محافظة بغداد محمد الربيعي، هي الصحفية منار عبد الأمير شناوة، 32 عاماً، من الديوانية، وقد تحدثت عن مبادرتها (حققنا مبادرة إنسانية في محافظة الديوانية، اذ تمكنت من تأمين فرصة تعليمية للأطفال الغجر الذين كانوا محرومين من هذه الفرصة لمدة 15 عاماً، اثبتنا اليوم أننا كأفراد يمكننا أن نحقق شيئاً كبيراً بدون دعم، نحقق أهدافاً عجزت الحكومة المحلية والمركزية عن تحقيقها خلال هذا العام). منار شناوة بدأت فرداً، تحدّت المجتمع في التعامل مع الغجر المتواجدين في الديوانية، واحتضان مشكلة اطفالهم المحرومين من التعليم، لينظم إليها بعد ذلك من يساندها لتشكّل فريقاً، وبجهود مشتركة، حققوا نجاحاً في مساعدة الغجر في مشروع أسموه “الغجر بشر”، ليتحقق حلم الأطفال في بناء مدرسة لهم، وقد مضى على المدرسة عام دراسي.
تقول منار (لا عذر بعد اليوم، فأيّ مواطن يشعر بالمواطنة عليه أن يقدّم أي شيء لوطنه ولأهله وناسه، اليوم نحن كأفراد قادرون بإمكاناتنا وقدراتنا على أن نقاوم ونتحدّى حتى القيود المجتمعية في سبيل تحقيق هدف إنساني مشروع).
الدكتورة وسن حكمت، (29 عاماً) طبيبة أطفال من الموصل، مقيم أقدم في قسم العناية المركّزة، تتحدث عن مبادرتها (أنا لست اختصاص أورام، ولكن في فترة داعش احتاج المستشفى لهذا التخصص بشكل كبير، لذلك تمرنت وصرت اعالج أطفال السرطان، ولاقينا الكثير من الصعوبات، حيث لم يكن داعش يوفّر لنا العلاج اللازم، لذلك اضطررنا للعمل بالخفاء، على جمع المال وشراء الأدوية وتقديمها للأطفال، كما كنا ندعم الاطفال ذاتياً حتى بعد فترة داعش، وحينما قصفت مستشفى الأورام السرطانية اثناء عمليات التحرير، استطعنا اعادة اعمارها وأعدنا المرضى النازحين ليستمروا بأخذ علاجهم)، كما تتحدث عن معاناتها وتحدياتها في التعامل مع الارهابيين الذين طالما منعوهم من الوصول الى أعمالهم إلاّ برفقة (محرم)، واكمال دوامهم في الخفارات، التي باتت أمراً مرعباً، إلاّ أنهم يبيتون بدافع إنساني، كما منعوهم من تقديم فقرات الحفلات لأطفال السرطان والتي تعتبر علاجاً مكملاً للعلاج الكيمياوي، ولكنهم كان يفعلون ذلك بالخفاء، وبرهبة خشية من أن ينكشف أمرهم، وتستمر بإعطاء العلاج للأطفال في بيتها بعد تدمير المستشفى بالكامل. تنهي د. وسن حديثها بكلمة فيها مرارة (أريد أوجّه فكرة، أن داعش خليّة ضعيفة، فالقوي منا ومن يملك ارادة يتمكن من مواجهتهم، من يمتلك معلومات دينية صحيحة ويتمكن من نقاشهم يتغلب عليهم، لأنهم لايملكون معلومات قويمة، هم فراغ!).
ومبادر ثالث هو ماجد أبو الجاي (بائع الحكمة) 50 عاماً، ماجد يعمل بائع شاي في بغداد الجديدة، يعدّه زبائنه من افضل المثقفين، فهو قارئ نهم لكلّ الكتب، يقرأ النظريات العلمية ويشرحها لزبائنه، ورغم حالته المادية، وحاجة أطفاله للمال بسبب معاناتهم من أمراض مزمنة إلاّ أن ذلك لم يمنعه من شراء الكتب وقراءتها واطلاع زبائنه على فحواها، ماجد قصة نجاح وتحدٍ حقيقية في مجتمع تحاول الظروف العصيبة أن تطحنه في مطبّاتها.
آصف من بغداد، 25 عاماً، يقود تجمعاً شبابياً رياضياً، يهدف الى تمرين الفتيات والفتيان الفنون القتالية للدفاع عن النفس (الكونشنكاي)، وهي تمارين روحية وجسدية، ومن فريقه الشابة مريم التي التحقت بفريقه لتكتسب قوة روحية اكثر منها الجسدية، وتتحول الى منهج حياتي بالنسبة لها، وتتجاوز ضعف الثقة بذاتها وضعف إمكاناتها بسبب ضغوطات المجتمع، وهالة من نفس الفريق تقول: “لم افقد أنوثتي ولم اتحول الى رجل مقاتل، بل صرت أنثى قوية وواثقة ومتهيئة للدفاع عن نفسي، واستشعر هدوءاً داخلياً بسبب هذه القوة”.
طه رعد، 20 سنة، من ذوي الاحتياجات الخاصة/ كفيف وبطل العالم في ألعاب الجودو للمكفوفين، لاعب منتخب وطني وعضو اتحاد اللجنة البارالمبية، حاز المرتبة الأولى في بطولة آسيا والثالث في كأس العالم لعام 2015، وحالياً يستعد للمشاركة في الاولمبياد المقبلة، وهو طالب جامعي مرحلة ثالثة قسم علم نفس.
بندر ناشط مدني من أهالي الموصل ويلقب (بندر دنبر) فهو من اطلق حملة الدنابر لرفع الأنقاض من أزقة الموصل القديمة، ويقوم بذلك بشكل تطوعي ويومي، ولم يتوقف بل شجّع الأهالي على العمل الطوعي في احيائهم. والدنبر: آلية لتحميل الأنقاض داخل الأزقة الضيّقة.
قصص أخرى، ومبادارت اكثر، من الأنبار والنجف والبصرة وبغداد في الفن والموسيقى والرياضة والحالات الإنسانية والقراءة والتنمية الذاتية، كلها جاءت لتزهر في حدائق أبو نؤاس طيباً وحياةً، تعلن عن عراق يستعيد نفسه بين أيدي الشباب المعطاءة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here